أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الأحزاب والميليشيات الولائية تلتزم الصمت حيال القصف الإيراني لأربيل

صور هروب التلاميذ من مدارسهم جراء القصف على أربيل تثير غضب العراقيين وتعاطفهم وتذكرهم باعتداءات إيرانية سابقة.

أربيل – الرافدين
طالبت أوساط شعبية عراقية الحكومة الحالية باتخاذ موقف حازم وجاد لوضع حد للتجاوزات الإيرانية المتكررة بعد القصف الأخير الذي شهدته أربيل وعدم الاكتفاء بإصدار التصريحات الإعلامية.
فيما مارست الميليشيات والأحزاب الولائية صمتًا معيبًا ومتوقعًا حيال القصف الإيراني، كما فعلت في المرات السابقة.
وعبر مدونون ونشطاء عن سخطهم من الصمت الحكومي المطبق والاكتفاء بالمواقف السياسية الخجولة مطالبين بطرد السفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق لكي تحفظ الحكومة ماء وجهها أمام الرأي العام الناقم على إيران وسياساتها التي طالما ما توصف بالعدائية.
وجاء الهجوم بعد نحو 24 ساعة من تصريحات للسفير الإيراني حول احترام سيادة العراق خلال مشاركته في أعمال ملتقى الرافدين للحوار في بغداد في تناقض صريح بين الأقوال والأفعال على الأرض كما يصف مراقبون.
وتصدر وسم #طرد_السفير_الإيراني قائمة الأعلى تداولًا في ترند العراق على منصة تويتر خلال الساعات الماضية في مؤشر على مدى غضب الرأي العام العراقي.
واكتفى وزير الخارجية فؤاد حسين بالقول إن بغداد ستستدعي السفير الإيراني لديها لتقديم مذكرة احتجاج له إثر القصف الذي شنته طهران بالصواريخ والطائرات المسيرة على مناطق عديدة في كردستان العراق.
وتساءل القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بنكين ريكاني “أليس من الغريب سكوت إخواننا سياسيي الشيعة العراقيين عن قصف بلدهم؟”.
وكتب ريكاني في حسابه الموثق على تويتر “هل سيسكتون لو أن دولة ما قصفت بغداد بحجة وجود لاجئين عزّل من تلك الدولة فيها”.
وقال “قبول التدخلات الخارجية وانتهاك السيادة مسألة مبدأ وعدم السماح لدولة ما بالتدخل لا يعني السماح للأخرى. الوطنية ليست شعارات”.
وتحولت تصريحات السفير الإيراني في ملتقى الرافدين، إلى إدانة للمركز نفسه الذي كشف عن توجهات مخاتلة في الترويج لمشروع الهيمنة الإيرانية على المنطقة وتبييض صفحة الوجوه الفاسدة التي تدير العملية السياسية الفاشلة منذ 19 عاما.
وتهكم المحلل السياسي شاهو القره داغي على مزاعم زيد الطالقاني رئيس مجلس إدارة مركز الرافدين، بطروحات عميقة، ومواكبة الركب الدولي وضمان عدم التخلف عنه، عندما يروج للخطاب الإيراني ويقدم سياسيين طائفيين متورطين بإدارة أكبر عملية فساد في تاريخ العراق.
وتساءل القره داغي “هل يتم السير لهذه الاهداف عن طريق إعادة تسويق الكثير من الفاشلين والفاسدين؟”.

قصف أربيل يصاعد من مشاعر العداء لإيران بين أوساط العراقيين

في غضون ذلك أسفر الهجوم الذي تبنته طهران عن “مقتل 13 شخصًا، بينهم سيدة حامل، وإصابة 58 آخرين بجروح، معظمهم من المدنيين وبينهم أطفال”، بحسب بيان لجهاز مكافحة الإرهاب في كردستان العراق.
وتحدث البيان عن “إطلاق أكثر من 70 صاروخًا باليستيًا وقاذفة طائرات بدون طيار من الأراضي الإيرانية على أربع مراحل”.
وبث الحرس الثوري الإيراني صورًا لعمليات القصف على أربيل تضمنت إطلاق العديد من الصواريخ والطائرات “الانتحارية”.
وأوقد إطلاق الحرس الثوري اسم “رسول الله” على عملية القصف المزيد من مشاعر الغضب في نفوس العراقيين الذين عدوا ذلك محاولة رخيصة لإضفاء صبغة دينية على الهجوم.
ووثق مقطع فيديو وصور بثتها وسائل إعلام محلية، مشاهد مرعبة لتلاميذ مدرسة في أربيل لحظة القصف الإيراني، على المدينة.
وبينت المقاطع والصور التي حازت على تعاطف كبير من قبل العراقيين صراخ الطلاب وفزعهم خوفًا من أصوات القصف الإيراني كما أظهرت تكدس بعض الأهالي أمام المدرسة لانقاذ أبنائهم.
وعد العراقيون هذه المشاهد تكرارًا لما حصل في مدرسة بلاط الشهداء التي راح ضحيتها عشرات الأطفال بقصف صاروخي إيراني إبان الحرب مع إيران عام 1987.
وأدانت كل من منظمة اليونيسف والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) الهجوم على أربيل.
وقالت ممثلة اليونيسف شيما سنغوبتا، في بيان للمنظمة إن “الهجمات على الأطفال ومرافقهم المدرسية غير مقبولة ويمكن أن تشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الأطفال.”
وشددت سنغوبتا على وجوب “أن تكون المرافق المدرسية دائما مكانًا آمنًا لكل طفل، حيث يمكن للأطفال التعلم واللعب والنمو لتحقيق إمكاناتهم الكاملة.”
وأعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، في بيان منفصل، عن قلق بالغ إزاء الهجوم على أربيل.
وذكرت في بيانها نقلًا عن تقارير، بأن الهجوم قد تسبب بأضرار في مدرسة ابتدائية كان فيها طلاب من اللاجئين.
وفي تغريدة على حسابها الرسمي على منصة تويتر، قالت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) إن “العراق، بما في ذلك إقليم كردستان، يرفض فكرة أنه يمكن معاملته على أنه “الفناء الخلفي” للمنطقة حيث ينتهك الجوار سيادته بشكل روتيني ومن دون عقاب.”
وشددت على أن “دبلوماسية الصواريخ عمل طائش له عواقب وخيمة،” داعية إلى توقف هذه الهجمات “على الفور”.

أطفال أربيل يستقبلون عامهم الدراسي الجديد على وقع دوي الصواريخ الإيرانية

وسبب القصف الإيراني موجة ردود فعل غاضبة دولية ومحلية، باستثناء ميليشيات وقوى سياسية منضوية ضمن “الإطار التنسيقي” الموالي لطهران.
وندد البرلمان العربي وكل من الأردن والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا بهذا الهجوم.
وقال البرلمان العربي في بيان إنه يدين بشدة “القصف الذي استهدف مناطق عدة في كردستان العراق، مما أسفر عن سقوط عدد من المصابين والشهداء”.
وأكد البرلمان العربي تضامنه الكامل مع العراق لـ”تحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة أراضيه”، محذرًا من “خطورة هذه التداعيات على الأمن الإقليمي واستقرار المنطقة برمتها”.
ووصف مراقبون الهجمات الإيرانية بـ “المحاولة الفاشلة لتصدير الأزمات” في إشارة إلى الاحتجاجات الإيرانية المتواصلة منذ نحو أسبوعين.
وجاء القصف بعدما اتهمت السلطات الإيرانية معارضين إيرانيين مسلحين من الأكراد بالوقوف وراء الاحتجاجات المستمرة في البلاد، لا سيما في شمال غربي البلاد، حيث يعيش معظم أكراد إيران البالغ عددهم نحو 10 ملايين نسمة.
وشكك مراقبون بهذه المزاعم وذكروا بزيف الادعاءات الإيرانية بعد قصف أربيل في شهر آذار الماضي والتي دحضتها لجنة التحقيق الحكومية.
وكانت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها البرلمان، عقب الهجوم الذي نفذته إيران على مدينة أربيل بواسطة 12 صاروخًا باليستيًا، في الثاني عشر من آذار، قد كشفت عن نتائج التحقيق الذي أجراه البرلمان بمشاركة خبراء أمن، تتضمن تفنيدًا للمزاعم الإيرانية بوجود مقرات سرية تتبع الاحتلال الصهيوني في المدينة.
وبحسب التقرير، فإن اللجنة خلصت إلى عدم صحة المزاعم الإيرانية حيال الموقع المستهدف، الذي تبين أنه منزل يعود لرجل أعمال عراقي كردي، كما تم فحص الموقع ولم يتم العثور على أي أدلة في الموقع المستهدف أو أدوات مشبوهة تشير إلى وجود نشاط غير مدني أو تجسسي، أو أي نشاط سياسي.
وأكد التقرير عدم صحة الرواية الإيرانية، استنادًا لإفادات المسؤولين الأمنيين في بغداد وأربيل وأن طهران لم تزود اللجنة بأي تفاصيل تدعم روايتها.
واعتبر التقرير القصف الإيراني “انتهاكًا للأعراف والقوانين الدولية”، مشددًا على “منع أي محاولة لجعل العراق ساحة لتصفية الحسابات بين الدول المتناحرة”.
ولم يتضمن التقرير أي إشارة أو توصية للحكومة حيال توجه العراق إلى تدويل القصف على أربيل.

التحقيقات تكشف زيف الادعاءات الإيرانية حول قصف مقر مزعوم للموساد في أربيل

وعلى الصعيد الميداني وفي تطور لافت أعلنت القيادة الوسطى الأمريكية مساء الأربعاء إسقاط طائرة مسيرة إيرانية كانت متجهة إلى أربيل بعد أن”شكلت تهديدًا” لجنود أميركيين في المنطقة.
وقال مدير الشؤون العامة للقيادة الوسطى الأمريكية الكولونيل جو بوتشينو -في بيان- “أسقطنا طائرة إيرانية مسيرة من طراز مهاجر-6 كانت متجهة إلى أربيل عند الساعة 2:10 من بعد ظهر الأربعاء (بتوقيت العراق)”، مؤكدًا أن المسيّرة “بدت كأنها تشكل تهديدا للقوات الأمريكية في المنطقة”.
ودان بوتشينو الهجوم “غير المبرر” الذي شنه الحرس الثوري الإيراني على أربيل، موضحًا أن هذه “الهجمات العشوائية” تهدد المدنيين الأبرياء، وتهدد استقرار المنطقة الذي تحقق بصعوبة، بحسب تعبيره.

سيادة مستباحة وقوة جوية منشغلة في تأمين نقل شباك لمزار ديني

وجاءت هذه التصريحات في وقت التزمت فيه الوزارات الأمنية العراقية (الدفاع والداخلية) الصمت في موقف أثار استغراب العراقيين.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الأثناء صورًا لتكليف طائرات حربية عراقية من نوع F-16 بتقديم الحماية لطائرة شحن عسكرية تولت مهمة نقل “شباك” جديد من العراق إلى مرقد ديني في سوريا.
وصب المدونون جام غضبهم على الحكومة بعد أن انشغلت قواتها بمثل هذه الأمور في وقت تستباح فيه سيادة البلاد التي تركت عرضة للاعتداءات الخارجية لا سيما الإيرانية منها.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى