أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

ابتزاز أسر المغيبين تجارة مبتذلة يتربح بها عناصر في الميليشيات

سيدة عراقية دفعت عشرين ألف دولار لقاء الحصول على صورة لابنها المختطف لتتأكد أنه على قيد الحياة.

بغداد – الرافدين
تصاعدت شكاوى الابتزاز التي يتعرض لها ذوو المغيبين قسرًا في العراق من قبل الميليشيات الولائية، أو من جهات حكومية متنفذة أكثر من أي وقت سابق دون أيّ حلّ.
ونقل موقع هيئة علماء المسلمين في العراق عن مصادر مطلعة، قولها إن بعض عائلات المفقودين اضطرت لدفع آلاف الدولارات مقابل وعود بالكشف عن مصير أبنائها، ومن بين هذه الحالات امرأة دفعت عشرين ألف دولار لقاء الحصول على صورة لابنها لتتأكد من أنه على قيد الحياة.
وكشفت النائبة في البرلمان الحالي رحيمة الحسن، عن تعرض أعداد كبيرة من عائلات المفقودين لعمليات ابتزاز كبيرة من قبل من سمتهم ضعاف النفوس.
وقالت الحسن إن عائلات المفقودين أنفقت آلاف الدولارات مقابل وعود بصورة أو علامة تدل على أن أبناءهم على قيد الحياة وفي السجون.
وأشارت إلى عمليات ابتزاز تتعرض لها عائلات بعض السجناء بتهم الإرهاب والمحكومين حاليًا في السجون، مبينة أن سعر المكالمة وصل إلى 8 آلاف دولار بحسب ما تحدث ذوي السجناء لها، مؤكدة أن أعداد المفقودين في عموم العراق تجاوزت 10 آلاف شخص بحسب ما لديها من إحصائيات رسمية من المنظمات الدولية.
وتكشف عملية المتاجرة بحياة المفقودين وابتزاز أسرهم المستوى المبتذل الذي وصلت إليه جماعات في الميليشيات الطائفية ودوائر حكومية، لاستغلال وضع إنساني موجع تعاني منه أمهات المفقودين.
وقال عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان، علي البياتي، إن “المفوضية استلمت منذ نهاية عام 2017 حتى الآن أكثر من 8 آلاف شكوى وادعاء عن أشخاص مغيبين أو مفقودين أو مخطوفين ما زال مصيرهم مجهولًا، وأن تهمة الانتماء لتنظيم “داعش” تلاحق جزءًا منهم بالإضافة إلى هروب جزء آخر إلى خارج البلاد.
وطالب البياتي، بتشريع قانون يُعالج الإخفاء القسري باعتبار أن العراق وقع على قانون الإخفاء القسري، والمباشرة في التحقيق من المؤسسات الأمنية للتعاطي مع ملف أي شخص مفقود أو مغيب، بالإضافة إلى حسم ملف المقابر الجماعية.
ووثق مرصد “أفاد” الحقوقي، المختص بمتابعة القضايا الحقوقية، وأوضاع المسجونين العراقيين، مجموعة من الشهادات التي ترصد التجاوزات غير القانونية بحق المواطنين، وذلك عبر إفادات مباشرة من معتقلين سابقين، أو من ذويهم إذ نشر عبر الصفحة الرسمية له في موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك مقطع فيديو لسيدة تروي أنه تم “اعتقال ابنيها عام 2011، ولم يفرج عنهما، كما لم توجه ضدهما أية قضايا أو تهم بيد أنه في عام 2015، حكم عليهما بالإعدام دون سند قانوني”.
وإلى الآن لا يوجد مصدر حكومي يمكن أن يدل أسر المغيبين على مصير أبنائهم، لذلك تحاول أسر هؤلاء الأشخاص التشبث بأي أمل، الأمر الذي يعرضهم لعمليات استغلال وابتزاز من قبل عناصر متنفذة في الميليشيات.
وأكد مركز جنيف الدولي للعدالة أن العراق لديه أكبر عدد من الحالات الموثقة للاختفاء القسري إذ تتراوح بين نصف مليون ومليون مختف قسريًا.
وأوضح المركز خلال اجتماعات الدورة 51 لمجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان أن الأدلة تُظهر قيام الميليشيات في العراق، على مدى السنوات الخمس الماضية، بدفن الكثير من الجثث في مقابر جماعية، وأنّ خطورة هذه الحالة توجب على المجلس الأممي وضع العراق ضمن اهتمام خاص، مطالبًا بالعمل على منح عائلات المغيبين قسريًا الفرصة لمعرفة المعلومات الأساسيّة حول حالة أبنائها.
وكشفت تقارير صحفية نُشرت في وقت سابق أنه هناك أكثر من 8 آلاف شخص مغيب منذ عام 2014 في مدينة الموصل، والقسم الأكبر منهم محتجز قسرًا في سجون الحكومة وسجون أخرى تديرها الميليشيات.
وبلغ عدد المغيبين من قبل الميليشيات في قضاء الدور بمحافظة صلاح الدين أكثر من 15 ألف مغيب، معظمهم في سجون سرية، وفي الأنبار هناك أكثر من ثلاثة آلاف مغيب، وفي ديالى أكثر من ألفي مغيب.
وسبق وان جدد قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين دعوته إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المغيبين قسرًا، مؤكدًا أن “أبناء العراق الأحرار يتعرضون إلى اعتقالات تعسفية وإخفاء قسري إلى جانب التهديدات والاعتداءات وعمليات النفي وكل ذلك بمرأى ومسمع الجهات الحكومية التي تتواطأ مع الميليشيات في مخططاتها أو قد تتخذ بعض الإجراءات الشكلية باعتقال البعض ممن شاركوا في عمليات القتل لكن سرعان ما تتم عمليات إطلاق سراحهم بصورة هادئة أو إدخال القتلة بنطاق القضاء وإخراجهم بأطر قانونية.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن عدد السجناء لا يتجاوز 35 ألف معتقل، في حين أن مركز أفاد الحقوقي يؤكد أنّ حصيلة المعتقلين، المتواجدين في سجون العراق التابعة للحشد الشعبي، ولوزارتي الدفاع والداخلية، يبلغ نحو 70 ألف سجين، فضلًا عن آلاف المختطفين، والمفقودين، والمغيبين بصورة قسرية.
ورغم البعد الإنساني لقضية المغيبين قسرًا؛ إلا أن المحلل السياسي علي البيدر لا يخفي استغلال البعض لهذا الملف لأغراض سياسية وانتخابية متكئًا على الصراع الطائفي والمذهبي والعرقي.

علي البيدر: مفوضية حقوق الإنسان مُسيسة وتمثلُ أحزاب السلطة
ويُفسر البيدر السلوك الحكومي غير الجاد مع قضية المغيبين قسرًا بأنه ينم عن عدم تفاعلها مع حجم الكارثة وأعداد الضحايا، التي تبلغ الآلاف ممن ابتلعتهم الحواجز الأمنية التي تنصبها الميليشيات على أبواب المدن بتهمة الانتماء لتنظيم “داعش”.
ويتهم البيدر مفوضية حقوق الإنسان بأنها مُسيسة وتمثلُ أحزاب السلطة، وتجامل بتقاريرها وتصريحاتها الجهات السياسية، وطالب بجهد دولي لإنهاء ملف المغيّبين والمفقودين في العراق.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى