أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مرضى الفشل الكلوي في العراق بين الإهمال الحكومي وسطوة الميليشيات

مسؤول في وزارة الصحة: أكثر من نصف مليون حالة نشطة من الجنسين لمرض الفشل الكلوي في محافظات العراق.

بغداد – الرافدين
يعاني نحو مليون عراقي مصاب بالفشل الكلوي من نقص العلاجات اللازمة وتهالك النظام الصحي، فضلًا عن انتظار المرضى لأيام من أجل العلاج، لعدم توفر أسرة في المستشفيات مقارنة بأعداد المرضى، ونقص في الكوادر الطبية، في رحلة علاج متعثرة بين المستشفيات والمراكز الحكومية.
ويقدر مسؤول في وزارة الصحة في العراق رفض الكشف عن اسمه، وجود أكثر من نصف مليون حالة نشطة من الجنسين لمرض الفشل الكلوي في عموم المحافظات، معظمهم ممن تتجاوزوا سن الأربعين.
ويعزو المسؤول هذا الواقع إلى انتشار مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وتزايد تناول المشروبات الغازية، إلى جانب مشاكل تلوّث المياه وجودتها بسبب التنقية السيئة.
وأكد، بأن الرعاية المجانية المقدمة لمرضى الفشل الكلوي ليست بالمستوى المطلوب، ويقول، “يزداد العدد باستمرار، في حين أن عدد الأسرّة والكوادر الطبية غير كافٍ، وكذلك العلاجات، مع تزايد عدد الإصابات، خصوصًا أن المريض يحتاج إلى ثلاث جلسات غسل كلى وتصفية أسبوعيًا”.
ويقول أخصائي في أمراض وجراحة الكلى والمسالك البولية، فضل عدم الإفصاح عن اسمه لأسباب أمنية، “إنه منذ عام 2003، تعرضت الوزارات للتخريب المتعمد والفساد المالي والإداري، وهي تخضع تارة لإدارة مسؤول غير كفوء، وتارة أخرى تُدار من قبل شخص غير نزيه، ويتبع لجهة تطالبه بتوفير حصة من أموال الوزارة وعقودها”.
وتابع، “لم يتوقف هذا الخراب المتعمد على مفصل دون آخر، إذ يُعاني مرضى الكلى نقصًا في توفير مواد وأجهزة “الديلزة” (أجهزة غسيل الكلى)، وهناك عدد كبير من الأجهزة المعطلة أو المفقودة في المستشفيات الحكومية، وكأن هناك من يتعمد إهمالها”.
وأضاف، “أقولها بصراحة إن عددًا من المافيات التي تتعمد التخريب والفساد لديها أسهم في المستشفيات الأهلية التي أنشئت في الآونة الأخيرة، ومن مصلحتها تدني مستوى الخدمات في المستشفيات الحكومية لحساب المستشفيات الخاصة من الاختصاص نفسه، والتعمد واضح منذ عام 2003″.
وأشار إلى أن بعض الجهات تعمل على عرقلة توفير أي أجهزة كفوءة تؤمن معالجة المريض، وتمنع لجوءه إلى دول الجوار أو الهند لإجباره على التوجه إلى المؤسسات الطبية الخاصة”.
ودعا إلى ضرورة وجود فرق دولية محايدة لإنقاذ البلاد من مستنقعات الفساد.
ويعاني مرضى الفشل الكلوي من نقص السائل المستخدم في غسيل الكلى، الذي يسمى السائل “البريتوني”، بسبب فشل وزارة الصحة في تأمين مواد ومتطلبات عملية الغسيل.
ويقول محمود عبد الحسن، أحد المصابين بالفشل الكلوي في بغداد، “تتطلب عملية غسل الكلى أربع ساعات يوميًا، وهو أمر متعب جدًا، كما أن العلاجات التي نتناولها تتسبب في اضطرابات نفسية، ونحن ننتظر طويلًا للحصول على دور للعلاج بسبب قلة أجهزة الغسل في المستشفيات والقاعات المخصصة للعلاج”.
وأضاف، “يجب أن تعمل الحكومة بسرعة لتوفير عدد أكبر من الأجهزة الطبية المخصصة لعملية الديلزة، وتأمين كوادر طبية متخصصة في المجال، فغالبية المصابين بفشل كلوي من كبار السن وذوي الدخل المحدود، ولا يستطيع كثير منهم الغسل في المستشفيات الخاصة لارتفاع الأسعار هناك، علمًا أن الرعاية والأدوية في هذه المستشفيات أفضل بكثير من المستشفيات الحكومية”.

مرضى الفشل الكلوي.. انتظار ساعات وأيام من أجل العلاج!
ويشير إلى أن “المستشفيات الأهلية أصبحت تقتصر على ميسوري الحال، في حين يضطر المواطن الفقير إلى الانتظار لأيام وساعات طويلة للحصول على رعاية صحية”، وهو الحال السائد في غالبية الأمراض.
من جهته، أشار الطبيب الاختصاصي في أمراض الكلى بمستشفى الشفاء الأهلي، مصطفى رسول، إلى أن المستشفيات المتخصصة بأمراض الكلى تحتاج إلى استحداث مراكز جديدة للعلاج، وسدّ العجز الحاصل فيها مقارنة بعدد المصابين الكبير، وتوفير العلاجات اللازمة للسيطرة على تلك الحالات”.
ويواجه العراق مع  مرور نحو عقدين على الاحتلال الأمريكي للعراق منذ عام 2003، عدّة أمراض مستعصية وقاتلة وأوبئة فتاكة، في ظل تدهور أوضاعه الأمنية والسياسية واستشراء الفساد في البلاد وغياب الرقابة الصحية.
وقال الطبيب الأخصائي في الأورام السرطانية خلدون النجفي: إن “العراق بعد عام 2003 وما تلاه من معارك وأحداث تحوَّل إلى حقل تجارب لمختلف الأسلحة والمتفجرات انعكست سلباً على واقعه الصحي, ما جعله بيئة حاضنة للأوبئة والأمراض القاتلة”.
وأوضح أن “أبرز هذه الأمراض هي الحمى النزفية، والإيدز، والسرطان، والتشوهات الولادية، والسل، والجرب، والكوليرا، فضلًا عن الأمراض المنتشرة بين الماشية والأغنام”،وهي أمراض فتاكة وقاتلة”.
وأشار النجفي إلى أن “السرطان كان له النسبة الأكبر من بين الأمراض المنتشرة في العراق، حيث إن عدد الاصابات السنوي بهذا المرض يتراوح ما بين 3500 و4000 إصابة سنويًا”.
ويعاني العراقيون من ارتفاع أسعار الأدوية، وعدم توفير الدواء والمستلزمات الطبية الأخرى، من جراء تجارة الأدوية المزدهرة في العراق، التي يقودها متنفذون في الأحزاب والميليشيات، إذ بلغت مستويات مخيفة في ظل غياب تام للرقابة الصحية، ما جعل المستشفيات العراقية تعاني من نقص حاد في الأدوية، وتحمل المريض كلفة شراء الأدوية من الصيدليات الخارجية، بمبالغ عالية جدًا.
وكانت نقابة الصيادلة العراقيين قد حذرت في وقت سابق من مخاطر بيع الأدوية منتهية الصلاحية أو التي اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها،.
وكان النائب في البرلمان السابق عباس الزاملي قد هاجم وزارة الصحة، وأوضح في حديثه لوسائل الإعلام، أن “سيطرة مافيات الفساد على وزارة الصحة، وسوء الإدارة في غالبية المستشفيات الحكومية وصفقات الأدوية الفاسدة، يدفع ثمنها العراقيون الفقراء من جيوبهم”.
وأضاف أن “طبقة الدخل المحدود لا تملك ثمن العلاج، وهذا الأمر خطير جدًا ويمكن أن يؤثر على حياة الناس”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى