أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

القضاء يرتكب مزحة سوداء شنيعة بإخلاء سبيل المالكي في فضيحة التسريبات

لم يستطع القضاء أن يقود أيًا من كبار رؤوس الفساد إلى المحاكمة العادلة، فكيف به أن يحقق العدالة العراقية مع المالكي كبير الفاسدين.

بغداد- الرافدين
ارتكب القضاء المسيس في العراق مزحة سوداء شنيعة بعد إخلاء سبيل زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بكفالة بعد مثوله أمام القضاء في قضية التسريبات الصوتية.
وزعمت مصادر مقربة من المالكي انه مثل أمام محكمة تحقيق الكرخ الثالثة، وتم تدوين أقواله ابتدائيا وقضائيا وقرر القاضي إخلاء سبيله بكفالة. من دون أن يعلن القاضي مسوغات اخلال السبيل وعما إذا كانت جرائم الفساد وتأجيج الفتنة الطائفية والولاء لإيران التي أعلن عنها في التسريبات لا تتطلب المحاكمة.
وكان فريق “التقنية من أجل السلام”، وهو أشهر فريق فني عراقي، قد أكد صحة التسجيلات المنسوبة إلى المالكي، وقال إنها “ليست مفبركة”، مبيناً في تقريرٍ نشره في وقتٍ سابق، أنه “على الرغم من النفي المتكرر للمالكي لتلك التسجيلات، وادعائه فبركتها عبر اقتباس مقاطع من صوته وتركيبها لتظهر بهذا الشكل، إلا أن الملاحظات التي توصلنا لها حول المقطع الصوتي تثبت عكس ذلك”.
وتطرق المالكي في حديثه بحسب التسجيلات التي نشرها المدون علي فاضل، بنزعة طائفية عُرف بها ومثلت هويته السياسية، وتحدث عن تسليح عشائر ومجاميع يقدَّر عددها بعشرين ألف مقاتل على الأرض، تطلب منه دعماً مالياً ولوجستياً وغطاء قانونياً، وقد وعدها بتوفير ذلك، في سبيل حمايته من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي يريد أن “يذبح الجميع”، وفقاً للمالكي.
وتحدث المالكي عن الفساد المالي والإداري في هيئة الحشد، وعن كون ميليشيا بدر التي يقودها هادي العامري، تحصل على مرتبات مالية لنحو مائة ألف شخص، في حين أنها لا تملك هذا العدد على الأرض.
وعقب هذه التسجيلات، طلب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، من المالكي تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية.
وسبق وأن تهكم عراقيون على تصريحات مصدر مخول في القضاء العراقي زاعما أن التحقيق الذي فتحه مجلس القضاء الأعلى، بشأن التسريبات الصوتية لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي. مازالت مستمرة.
ويرى عراقيون أن القضاء بوصفه هامشا لعملية سياسية فاسدة منذ عام 2003، لم يجد غير أن يكرر حد الابتذال كلمات متشابهة في كل قضايا الفساد والقتل على الهوية من أجل استغفال الرأي العام.
وقالوا “أن القضاء الذي يزعم أنه يحقق بجرائم المالكي في القتل على الهوية وفساد تبذير ثروة العراق، لم يستطع منذ عام 2003 أن يقود أيا من كبار رؤوس الفساد الى المحاكمة العادلة، فكيف به أن يحقق العدالة العراقية مع المالكي كبير الفاسدين”.
وكان مجلس القضاء الأعلى قد أعلن في التاسع عشر من حزيران الماضي، أن محكمة تحقيق الكرخ تلقت طلباً مقدماً إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية.
ولم يأخذ العراقيون على محمل الجد تصريحات المصدر القضائي بشأن محاكمة المالكي على ما أعترف به في التسريبات الصوتية، ويرون أنها مجرد عبث إعلامي مثل ما حصل في كل قضايا الفساد الكبرى، متهمين مجلس القضاء الأعلى بأنه شريك فاعل ومتواطئ مع كبار رؤوس الفساد في الأحزاب والقوى والميليشيات المسيطرة على العملية السياسية.
وسبق وأن أستبعد خبير قضائي عراقي أن يتم محاسبة زعيم حزب الدعوة نوري المالكي بتهمة “المساس بالأمن القومي العراقي والتحريض على الفتن والاقتتال الطائفي”، بعد التسريبات الصوتية.
وقال الخبير العراقي المقيم في العاصمة الأردنية عمان، لا يمكن الوثوق بالقضاء العراقي عندما يتعلق الأمر بفساد وجرائم القادة السياسيين منذ عام 2003.
وتساءل الخبير القضائي في تصريح لقناة “الرافدين” مفضلا عدم ذكر اسمه بسبب حساسية وظيفته الدولية، عن حزمة الجرائم التي ارتكبها المالكي من قبل، من إدارة الحرب على الهوية إلى التفريط بمدن عراقية، حتى هدر أكثر من مئتي مليار دولار من خزينة الدولة بعمليات فساد مكشوفة.
وقال “كلها جرائم كبرى كان على القضاء العراقي أن يقوم بدوره التاريخي المشرف ومحاسبة المالكي، لكن ذلك لم يحدث، فكيف يمكن توقع جر المالكي للمحاكمة على تسريبات صوتية حقيقية تكشف طريقة تفكيره السياسي والطائفي”.
وشدد الخبير القضائي العراقي الذي أصدر 12 مؤلفا في القانون الدولي باللغتين العربية والانجليزية، على أن التوقعات بنظر القضاء العراقي دعوة قدمهما محاميان طالبا فيها بالتحقيق في التسجيل الصوتي المسرب عن حديث المالكي، لأنه يمثل “مساساً بالأمن القومي العراقي والتحريض على الفتن والاقتتال الطائفي” لا يمكن أن يتعدى التصريحات الإعلامية المتداولة.
وقال إن القضاء يمثل أخر حصن لمفهوم الدولة، وهناك دولة منهارة في العراق واقعة تحت سطوة اللادولة، بما فيها القضاء، لذلك من المستبعد جدا أن يقدم المالكي للمحاكمة على جريمته الجديدة وجرائمه السابقة.
وأعرب خبير قانوني عراقي ترأس المعهد القضائي على مدار 12 سنة في ثمانينات القرن الماضي، عن أسفه أن يكون القضاء في العراق هامشا لعبث سياسي وتنافس على الحصص بين قوى وأحزاب فاشلة.
وقال الخبير القضائي مفضلا عدم ذكر اسمه حفاظا على سلامته، في تصريح لقناة “الرافدين” “لم يحدث في تاريخ القضاء العراقي، هذا الانحدار في مستوى العدالة وعدم الإخلاص لجوهر القضاء. عندما تحول القضاء الى لاعب سياسي يتنافس بين المتصارعين على حصتهم في مغانم الدولة”.
وأضاف “للأسف الشديد أن القضاء صار يداهن ويخضع وينافق الأحزاب السياسية وفقا لمصالح أنانية لا تمت بصلة لمفاهيم العدالة الوطنية العليا”.
وقال القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، إن الهيئة لم تكن تعوزها تسريبات نوري المالكي لمعرفة الطبيعة الإجرامية في شخصيته المحملة بالحقد الطائفي والمخططات الدموية.
وذكر القسم السياسي في التقرير الدوري السادس عن الحالة السياسية في العراق “الشعب العراقي تيقن بعد انتشار التسريبات بأن من يحكمه منذ الاحتلال وإلى اليوم هم مجرمون سفاحون فاسدون لا يأبهون بمصالح الشعب أو حل مشكلاته أو التخفيف من معاناته”.
وأشار التقرير إلى أن معرفة الهيئة بخبيئة المالكي ليست جديدة، وتصريحنا بهذه الحقيقة قبل أن يعيها كثيرون ليست خافية؛ ولعل حديث الشيخ حارث الضاري “رحمه الله” في برنامج “بلا حدود في قناة الجزيرة سنتي 2010، و2014، خير دليل على ذلك؛ فقد وصف المالكي وصفًا دقيقًا، وأبان عن حقيقته، وحذر من مخططاته، وكشف عن استهدافه العراقيين جميعًا، وهي وقائع أكدتها التسريبات الأخيرة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى