أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

وزير البيئة في العراق يحسب الخسائر ويعجز عن اقتراح الحلول

الحكومات المتعاقبة منذ 2003 لم تطلق أي مشروع حقيقي أو تضع أي استراتيجية للحد من آثار التغير المناخي.

بغداد- الرافدين
انتقد خبراء في الاقتصاد والبيئة والتخطيط وصناعة الاستراتيجيات تصريحات وزير البيئة جاسم الفلاحي، التي حدد فيها خسائر تصل الى 10 مليارات دينار يوميا بسبب التغييرات المناخية. من دون أن يقترح الحلول التي يفترض بوزارته القيام فيها.
وأجمعوا على أن مهمة الفلاحي بوصفه وزيرًا للبيئة لا تنتهي بجرد الخسائر، بل بالبحث عن المسببات ووضع الحلول والاستراتيجيات لبعت رسالة اطمئنان للشعب وتخفيف معاناته.
وقالوا إن وزير البيئة الفلاحي والحكومة المفترضة التي يرأسها مصطفى الكاظمي، والحكومات التي قبلها لم تكن مشغولة في وضع الخطط والاستراتيجيات لمواجهة المحن البيئية والاقتصادية والتعليمية التي يعيشها العراقيون منذ عام 2003، بقدر ما كانت مهتمة بتوزيع مغانم الحكومة في محاصصة أنانية تفتقر للمشروع الوطني.
وعزا باحثون تفاقم الأضرار البيئية إلى عدم وجود مساع حكومية حقيقية وخطط مدروسة من شأنها أن تقلل من تلك الأضرار وعدم ترك وصول البلاد إلى الحالة الحرجة. محملين الإدارات الحكومية المتعاقبة مسؤولية المخاطر بعدم إعداد خطة خمسية أو عشرية لتجاوز الأزمة البيئية.

د. نظير الأنصاري: المسؤولون الحكوميون يعيشون في حالة من الجهل عن الأزمات البيئية

وقال الأكاديمي المتخصص في شؤون المياه الدكتور نظير عباس الأنصاري إن “الحكومات منذ 2003 لم تطلق أي مشروع حقيقي للحد من آثار التغير المناخي”.
وأضاف الأنصاري في تصريح لقناة “الرافدين” أن “المسؤولين الحكوميين وأصحاب القرار يعيشون في حالة من الجهل عن الأزمات البيئية وحراجة الموقف، وأغلب المشرفين على الملف البيئي ليسوا من أصحاب التخصص وإنما يتم توظيفهم مراعاة لمصالح الكتل السياسية.
ولفت إلى أن الجهات الحكومية تتغافل عن تداعيات التغير المناخي وكأن الكوارث لا جود لها من الأساس.
وقال الخبير في مجال البيئة محمد العبيدي إنّ “أزمة البيئة لن تنتهي في السنوات المقبلة، بل إنّ الأوضاع سوف تزداد سوءًا”.
وأضاف أنّ “العواصف الترابية هي أكثر ما سوف يهدّد العراقيين في المستقبل، لأنّها في ازدياد مستمر بسبب توفّر عوامل عدّة من قبيل تربة الصحارى والمناطق القروية ومناطق الرعي”.
ويعد العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتداعيات تغيّر المناخ والتصحّر في العالم، في ظلّ ارتفاع نسبة الجفاف ودرجات الحرارة التي تتجاوز خمسين درجة مئوية في فصل الصيف على مدى أسابيع، بحسب تقارير دولية.
وكان الفلاحي قد قال أن “التغير المناخي بات من أهمّ التحديات التي ستواجه العراق”، لافتًا أن “ملامحه بدت واضحة من خلال ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التصحر وتدهور الأراضي بتأثير الجفاف وارتفاع معدلات العواصف الغبارية والرملية”.
وكشف الفلاحي في تصريحات صحافية أن 99 بالمائة من الأنشطة الملوثة في العراق تأتي من قبل وزارات ومؤسسات الدولة بسبب عدم القدرة على توفير الإمكانيات المادية لتطبيق المعايير البيئية العالمية عليها.
ووصف وزير البيئة حجم الخسائر التي تكبدها العراق جراء التغير المناخي بـ”الهائل”، سواء في شقه الاقتصادي أو الصحي، مشيرًا إلى أنَّ هناك خسائر اقتصادية على مستوى النقل البري والجوي وتصدير الموارد النفطية.
ويعاني العراق من أزمات بيئية متراكمة، من بينها ما يرتبط بشح المياه والعواصف الترابية ونفوق الحيوانات في مناطق جنوب البلاد، بالإضافة إلى انتشار النفايات في مختلف المدن من دون تدويرها.
ويشهد العراق موجات من التصحّر نتيجة عمليات جرف الغطاء الأخضر، وسوء إدارة أزمة المياه التي تسبّبت في موجة جفاف حادة، بالإضافة إلى الاعتداء على الغطاء النباتي وتعمّد تدمير البيئة.
وقال عضو منظمة “حماة دجلة” حميد العراقي إنّ “الحكومات المتعاقبة لم تكن واعية للأزمات البيئية في خلال الأعوام العشرين الماضية، وقد سمحت بمصادرة حقوقها المائية وسمحت باستغلال البساتين والأراضي الزراعية وتحويلها إلى مناطق سكنية، الأمر الذي جعل العراق ملوثًا وغير آمن بيئيًا”.
ونزحت 1200 عائلة من مناطق أهوار ومناطق زراعية في محافظة ذي قار في جنوب العراق على مدى ستة أشهر، وذلك بسبب الجفاف ونقص المياه، كما أفاد مسؤول محلي الاثنين.
وأدى الجفاف وغياب شبه تام للأمطار خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى تراجع كبير في منسوب نهري دجلة والفرات، فضلًا عن انخفاض مستوى المياه المتدفقة من الأنهار التي تنبع من دولتي الجوار إيران وتركيا إلى العراق الذي يُعد، بحسب السلطات في العراق، بين البلدان الخمسة الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي والتصحر في العالم.
وقال مدير دائرة الزراعة في محافظة ذي قار في جنوب العراق صالح هادي إن “ما يقارب 1200 عائلة من مربي الجواميس والمزارعين من مناطق الأهوار ومناطق أخرى” في المحافظة نزحت من مناطقها “بسبب شح المياه والجفاف” وذلك “بحثًا عن مصادر عمل وعيش”.
وبدأت هذه الهجرة منذ شهر نيسان، وفق هادي لا سيما من أهوار الجبايش وقرية المنار في أهوار الحمّار وأهوار أم الودع ومناطق السيد دخيل والإصلاح والطار الزراعية التي يعتمد سكانها على الزارعة وتربية الجواميس خصوصًا.
وأوضح أن 2053 جاموسًا نفق نتيجة الجفاف.
وأضاف أن “نصف العائلات المذكورة توزعت بين مناطق أخرى تقع شمال مدينة الناصرية للسكن على شواطئ الأنهار”. أما عائلات أخرى فتوجهت نحو مناطق زراعية في محافظات أخرى تتوفر فيها مياه مثل بابل وكربلاء والكوت والبصرة وبغداد.
وفي ظل الانخفاض الحاد في مياه الأهوار، حذرت منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة (فاو) في تقرير نشر منتصف تموز من أن الأهوار من “إحدى أكثر المناطق تضررًا من تغير المناخ ونقص المياه” في العراق.
وأشارت إلى “آثار كارثية على سبل عيش أكثر من ستة آلاف أسرة ريفية إذ إنها فقدت جواميسها التي تعد مصدر رزقها الوحيد”.
وخلال الصيف، اختفت مساحات مائية واسعة جدًا من هور الحويزة الواقع على الحدود مع إيران، وهور الجبايش الذي يعدّ مقصدًا سياحيًا إلى الجنوب، وتحولت هذه المستنقعات أرضا جافة متشققة نبتت بينها شجيرات صفراء.
ويعيش العراق في العام 2022 أسوأ سنوات الجفاف منذ نحو 92 عامًا، كما أعلنت وزارة الموارد المائية. وأعلن مستشار الوزارة في أيلول أن “السنة الحالية من أقسى سنوات الجفاف التي مرت على العراق منذ عام 1930″.
وأرجع ذلك إلى “النقص في كميات الأمطار الساقطة لسنوات متكررة منذ عام 2020 وحتى الآن”، إضافة إلى انخفاض “الواردات التي تأتي من دول الجوار إذ تعد من أسباب النقص الحاد في التخزين المائي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى