أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

اختيار عبد اللطيف رشيد رئيسًا للجمهورية يكشف الصراع الآسن بين القوى السياسية

إعلامي من داخل مجلس النواب: المساومات قبل عملية التصويت الثانية رفعت سعر الصوت الواحد لانتخاب الرئيس إلى 200 ألف دولار.

بغداد- الرافدين
قللت مصادر سياسية عراقية من أهمية اختيار عبد اللطيف رشيد رئيسًا للجمهورية، بالرغم من مرور سنة كاملة على إجراء الانتخابات البرلمانية.
وقالت المصادر لا مفاجأة في كل الذي يحصل، كما أنه لا توافق حقيقي بين الأحزاب والقوى المتحكمة في العملية السياسية، وأن الشقاق الآسن ظهر جليًا خلال اختيار رشيد مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني على حساب منافسه برهم صالح مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني، مؤكدة أن العملية السياسية حافلة بصراع ستشهده الأسابيع القادمة.
وأكدت على أن العراقيين لا ينتظرون خيرًا سواءً انتخب الرئيس أم لم ينتخب، لأن العملية السياسية برمتها تدور على نفسها وتكرر الوجوه الفاسدة والفاشلة منذ عشرين عامًا.
وأعلن فوز عبد اللطيف رشيد بعد جولة تصويت ثانية حيث أخفق المجلس في الجولة الأولى لانتخاب أحد المرشحين مع اشتداد التنافس بين صالح ورشيد رغم تفوق الأخير بعدد الأصوات، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق أغلبية 220 صوتًا أي ثلثي الحضور من النواب، وهو ما يتطلبه “القانون”.
وحصل رشيد في الجولة الثانية على الأغلبية 162 صوتًا، مقابل 99 صوتًا لصالح، وسجلت 8 أوراق باطلة.
وكشفت عملية التصويت الفساد الذي ينخر العملية السياسية في العراق، إذ ذكرت مصادر إعلامية من داخل مبنى مجلس النواب أن المساومات قبل عملية التصويت الثانية رفعت سعر الصوت الواحد لانتخاب الرئيس إلى 200 ألف دولار وبشكل علني مفضوح.
وذكرت المصادر الإعلامية أن تصويت أعضاء في الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية، لرشيد، ينهي الشراكة مع الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل الطالباني.
وكان الطالباني رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، قد دعا حلفاءه في الإطار التنسيقي والآخرين من الكتل الذين شكلوا في وقت سابق الثلث المعطل في البرلمان العراقي إلى الإيفاء بوعودهم.
وليس بمقدور رشيد المعروف بقربه عائليًا وحزبيًا من الرئيس السابق جلال الطالباني، أن يغير مشهدًا سياسيًا يُجمع المراقبون على وصفه بالرث، لكن انتخابه بعد هذا الجدل والشقاق يؤكد أن القوى والأحزاب صارت تتفق بأي طريقة من أجل الإبقاء على سطوتها على الحكومة.
وعبد اللطيف جمال رشيد “1944” هو وزير الموارد المائية في أول حكومة شكلها الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، كما عمل مستشارًا للرئيس الأسبق جلال الطالباني وكان من المقربين منه وأحد الأعضاء الفاعلين في الاتحاد الوطني الكردستاني.
وفي انعكاس لحالة التوتر، تعرضت المنطقة الخضراء، التي تضمّ مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، فضلًا عن أحياء مجاورة، لقصف بتسعة صواريخ كاتيوشا، قبيل الجلسة الخميس.
وأصيب عشرة أشخاص بجروح في هذه الضربات التي لم تتبنها أي جهة، وفق مصدر أمني، من بينهم ستة من عناصر الأمن، و4 مدنيين أصيبوا بصاروخ سقط بحيّ مجاور للمنطقة الخضراء.
وكان منصب الرئاسة موضع خلاف في الأشهر الأخيرة، وتتولى المنصب عادةً شخصية من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما يدير الحزب الديموقراطي الكردستاني في المقابل حكومة إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي.
لكن الحزب الديموقراطي الكردستاني كان يسعى كذلك إلى منصب رئاسة الجمهورية ويرفض اسم برهم صالح، الرئيس الحالي، الذي كان مرشحًا أيضًا. ووافق الحزب الديمقراطي الكردستاني في نهاية المطاف على التصويت لعبد اللطيف رشيد، كما قال المسؤول في الحزب بنكين ريكاني.
وقال ريكاني “نحن قبلنا بمرشح التسوية وسحبنا مرشحنا كمساهمة من الحزب الديمقراطي الكردستاني في معالجة الانغلاق السياسي”.
واختيار رشيد لا يغير من أزمة الخلاف بين التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي.
ويملك الإطار التنسيقي حاليًا الكتلة الأكبر في البرلمان، مع 138 نائبًا وفق المسؤول في الإطار أحمد الأسدي، بعد الانسحاب المفاجئ لنواب التيار الصدري وعددهم 73 نائبًا من البرلمان.
ولا يزال موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشأن التطورات غير معروف. وكان أثبت في الأسابيع الأخيرة قدرته على زعزعة المشهد السياسي عبر تعبئة عشرات الآلاف من مناصريه للنزول إلى الشارع. ويطالب الصدر الذي اعتاد على إطلاق المفاجآت السياسية، بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
وكان ترشيح الإطار التنسيقي لمحمد شياع السوداني في الصيف، شرارة أشعلت التوتر بين الإطار والتيار الصدري الذي اعتصم مناصروه أمام البرلمان نحو شهر.
وبلغ التوتر ذروته في التاسع والعشرين من آب، حين قتل 30 من مناصري الصدر في اشتباكات داخل المنطقة الخضراء مع قوات من الجيش وميليشيا الحشد الموالية لإيران.
وأثير الجدل بشأن برهم صالح الذي غادر مجلس النواب قبل انتهاء فرز الأصوات بعد أن شعر بهزيمته، إذ كان لا يُخفي رغبته بالتمسك بالمنصب، وطالما أعلن أن لديه الكثير ليقدمه لمنصب الرئيس، من دون أن يرى العراقيون أي إنجاز قدمه على مدار فترة رئاسية سابقة.
وباءت كل محاولات صالح بالتودد إلى مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني بالفشل، من أجل التصويت له، الأمر الذي يكشف الخلاف على المصالح بين الحزبين الكرديين.
ويجمع العراقيون على أن كل ما يجري هو مسعى للاتفاق على توزيع حصص الحكومة بين لصوص الدولة والأحزاب الفاسدة والفاشلة.
وكانت قراءة سياسية قد توصلت بناء على مؤشرات واقعية على ما يجري في العراق منذ عام 2003، إلى أن العملية السياسية التي أنشأها الاحتلال الأمريكي وصلت إلى نهايتها، وأن النظام السياسي بلغ مرحلة الشيخوخة واقترب موته بعد انتهاء وفشل كل الذرائع التي تم تسويقها.
وخلصت الدراسة التي نشرها موقع “مودرن دبلوماسي” الأوروبي، إلى أن النظام السياسي في العراق بلغ “مرحلة الشيخوخة” محذرة من أن القوى الداخلية، والخارجية، مستفيدة من استمراره على هذا النحو رغم أنه على “حافة الهاوية” وأن ثقة العراقيين فيه تلاشت كليًا.
ويدفع ثوار تشرين باتجاه التحشيد لتظاهرات يوم الخامس والعشرين من تشرين الأول الحالي، من أجل بعث الرسالة الأهم في طريق إسقاط العملية السياسية ومحاسبة قتلة المتظاهرين.
وتتزامن التظاهرات المرتقبة مع تقرير المبعوثة الأممية جنين بلاسخارت التي أقرت للمرة الأولى في إحاطتها بفشل وفساد العملية السياسية.
ويرى مراقبون أن إحاطة بلاسخارت ستكون عاملًا مساعدًا لثوار تشرين في زيادة منسوب مطالبهم بإسقاط العملية السياسية بعد أن ثبت فشلها باعتراف الأمم المتحدة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى