أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

لا السوداني قادر على مواجهة الفساد ولا التاريخ سيرحم الكاظمي

مايكل روبين: القوى السياسية تقاوم الإصلاح وتقف في وجه مطالب العراقيين بميثاق جديد، وإنهاء النظام غير الفعال الذي أقامه الدستور الحالي.

لندن- الرافدين
قال مايكل روبين الكاتب المتخصص بشؤون الشرق الأوسط والعارف بدقة للمشهد السياسي العراقي، ليس بإمكان رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني اصلاح الوضع المتردي ومواجهة الفساد المستشري، فلن تسمح القوى السياسية الفاسدة بإحداث تغيير داخل النظام، في وقت أكد أن التاريخ لن يكون رحوما مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي.
وأشار روبين إلى أن السوداني عندما كان محافظا لميسان كانت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي ووزير النقل هادي العامري تقود أكبر عملية فساد في التاريخ المعاصر.
والسوداني الذي داس متظاهرو ثورة تشرين في بغداد وميسان وذي قار صوره، رافضين ترشيحه لرئاسة الحكومة قبل إسقاط حكومة عادل عبد المهدي، يعد جزءًا من الفساد والفشل السياسي الذي مثله المالكي إبان دورتين رئاسيتين.
وشغل السوداني وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة حيدر العبادي بين 2014 و2018.
وقبل ذلك شغل السوداني محافظ ميسان، ووزير حقوق الانسان والتجارة وكالة وشهدت فترة وجوده على رأس وزارة حقوق الانسان “2010- 2014” أكبر عمليات التعذيب بشاعة.
وفي عام 2012 عندما كان السوداني وزيرا لحقوق الانسان في حكومة المالكي، أعلنت الأمم المتحدة في تقرير لها حول التعذيب في العراق، أن أوضاع حقوق الإنسان فيه دفعت الكثيرين إلى القول إنها “أتعس مما كانت عليه في عهد النظام السابق”.
وفي عام 2011 كشف تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” عن سجون سرية أقامها المالكي للتعذيب، وساعده وزيره محمد شياع السوداني في تقديم تقارير مكذوبة إلى المنظمات الأممية بشأن جهد المالكي الحكومي في مجال حقوق الإنسان.
وعبر روبين عن توقعه باستحالة أي تغيير جوهري في النظام السياسي الفاسد في العراق، أثناء ولاية السوداني، مجيبا على سؤال عما إذا كان السوداني سينجح حيث فشل الكاظمي، بأن الحال ليس متوقعا ولا مؤكدا.
وكتب روبين الذي سبق وأن زار العراق لفترات مطولة قبل الاحتلال الأمريكي عام 2003، في مقال تحت عنوان “هل تستطيع الحكومة العراقية الجديدة إصلاح البلد؟” بموقع ” 19fortyfive” أن كثيرين مدينون للفساد ويرفضون السماح بأي تغيير للنظام الذي عزز قوتهم.
وأشار إلى أن “ساسة العراق والمثقفين يعترفون بأن البلد بحاجة الى ميثاق جديد، لان النظام الذي أقامه الدستور الحالي ليس فعالا، غير أن كثيرين سيقاومون الإصلاح، ولهذا فان إنجاز دستور جديد في غياب ثورة سيكون أمرا مستحيلا”.
واضح الكاتب الأمريكي الذي أصدر مجموعة كتب من بينها “الأعمدة السبعة: ما الذي يسبب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط حقًا؟” و”الرقص مع الشيطان” إن “العراق أهم من أن يفشل، إلا أن خيبة الأمل من الكاظمي، وغياب أي إصلاحات لها معنى، هي بمثابة رسائل إلى الشارع العراقي، بأن الفرصة الأفضل للتغيير قد تكون من خلال العنف”.
وقال إن “الخوف من هذه الديناميكية هو ما يمكن الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية المعتدلة وجهات الإقراض الدولية، من توجيهه من أجل إجبار العراقيين على تخفيف فرصة الفساد، والاستثمار في الجيل الجديد”.
وركز تقرير الكاتب الأمريكي الذي ينم عن معرفة بواقع الفساد والفشل الحكومي في العراق على إخفاق حكومة مصطفى الكاظمي المنتهية ولايته في مجالات الفساد والأمن.
وقال إن التاريخ لن يكون رحوما مع مصطفى الكاظمي، مع التفاؤل في واشنطن بوصول الكاظمي الى السلطة في ظل تظاهرات الاحتجاج ضد الفساد.
وأكد على أن الكاظمي لم يكن يمتلك شرعية انتخابية وجاء بالتعيين، إلا أنه كان “رجل اللحظة” حيث كلفته القوى السياسية في ذلك الوقت المباشرة بالإصلاح وكسر النظام الذي يستغل فيه قادة الأحزاب مناصبهم لصالح أنفسهم على حساب العراقيين الذين كانوا غاضبين لأن بلادهم التي استخرجت نفطا بقيمة مئات مليارات الدولارات منذ اطاحة واشنطن بنظام صدام حسين، إلا أنه بنية بلادهم التحتية تشبه اليمن وليس دبي”.
وأشار إلى أن الكاظمي خيب الآمال في كل مهمة، وأخفق في إصلاح القانون الانتخابي، وصمته في التعامل مع قضايا الفساد حيث اختار استرضاء قادة الأحزاب على امل ان يدعموا توليه فترة ولاية ثانية.
وبدلا من كسر النظام، فإن الكاظمي انخرط فيه، حتى لو كان رافضا للفساد، كما ان الميليشيات التي تديرها إيران ازدهرت في عهد الكاظمي.
وقال إن الكاظمي كان على حق عندما قال ان عادل عبد المهدي ترك خلفه خزينة العراق منهوبة وخالية، لكن نجاحه في تأمين الجداول الضخمة لرواتب الموظفين، جاء بعد أن استفاد من ارتفاع أسعار النفط، أكثر من أي إصلاح حقيقي.
وينظر الكثير من المتابعين للمشهد السياسي العراقي، باهتمام لافت إلى تحليلات روبين عن الواقع السياسي العراقي، مؤكدين أنه لا يكتب من خلف عدسة السائح الغربي، ويعرف عن ماذا يتحدث.
وسبق أن كتب روبين في مقال موسع بمجلة “ناشيونال إنترست” مع كل الذي حصل في العراق، يظل الاعتقاد بأن مقتدى الصدر قد تغير مجرد هراء والتوهم بأنه يسعى إلى بناء عراق نزيه أو ليبرالي أو حتى محايد هو أيضًا هراء.
وقال “لفهم الصدر، من المهم تقدير طموحه الحقيقي. فهو يعارض ويسعى الآن إلى هدم النظام العراقي الحالي ليس لأن فساده المتأصل يضايقه، وإنما لأن الأخذ والعطاء السياسي يتعارض مع أجندته الأوسع”.
واضح “لا يتعلق عداء الصدر الحالي تجاه إيران بأي خلاف أساسي مع طهران بقدر ما يتعلق بعدم رغبة الصدر في تقاسم السلطة أو الخضوع. ففي إيران، الأساس اللاهوتي لحكم المرشد الأعلى علي خامنئي مكرس في مفهوم ولاية الفقيه، بينما يطمح الصدر للقيادة مع أنه يعلم أنه لا يستطيع أبدًا اكتساب النفوذ الذي كان يمارسه والده أو آيات الله الحاليون في النجف لأنه يفتقر إلى التقوى. وحتى في إطار نظام ولاية الفقيه، قد يفرض إرادته سياسيًا وليس دينيًا.”
وأضاف ما افتقر إليه الصدر في الفطنة والتقوى عوضه بالطموح والفساد. بالنسبة له، لم تكن النجف موقعًا دينيا، بل مصدر ربح يمكن من خلاله تجميع ثروة. لقد صور نفسه كمدافع حقيقي عن السيادة العراقية، حتى عندما باع البلاد لإيران المجاورة. وقد استخدم تكتيكات المافيا لابتزاز الأموال وتقييد الأسواق، وحشد العصابات لتخويف المنافسين. كما وجدت شعبويته أرضًا خصبة في الأحياء الفقيرة في بغداد، واكتسب قوة سياسية نافذة. حتى عندما احتقرته الحوزة، شاركه السياسيون العراقيون. ورغم اختلاف فصيلهم، كان منطقهم متشابهًا: ألهم الصدر الجماهير، لكنه لم يستطع السيطرة عليهم. وكان فصيله منقسمًا. وعن طريق تصنع الاحترام، تمكن المنافسون من إخماد غروره بينما أبعدوا مؤيديه”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى