أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

فشل وتواطؤ حكومي يسهّل انتشار المخدرات الإيرانية في العراق

واشنطن بوست: أطنان من مخدرات "الكريستال ميث" تتدفق من إيران عبر الحدود العراقية ومنها إلى بلدان أخرى.

 بغداد – الرافدين

كشف تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن الفشل الحكومي والتواطؤ من قبل قوى متنفذة في تسهيل عبور المخدرات من إيران إلى العراق.
وينذر انتشار مادة “الكريستال ميث” المخدرة التي تغزو العراق، بكارثة إدمان وخصوصًا في محافظتي بغداد والبصرة.
ولفت التقرير الذي أعده المراسلان لويزا لافلاك ومصطفى سالم من محافظة البصرة جنوب العراق، إلى حجم الانتشار الكبير لمادة الكريستال المخدرة في العراق، القادمة من حقول أفغانستان ومصانع إيران.
وتزدحم الزنازين في البصرة وبغداد بتجار المخدرات، لكن أصل المخدرات في مناطق بعيدة، من الجبال الباردة في أفغانستان، ومعامل تكريره السرية في إيران، التي أدت فيها الأساليب الجديدة إلى ازدهار هذه التجارة.
وتحظى التجارة بدعم الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران، وشبكات المسؤولين الفاسدين، حسب المسؤولين ومسؤولي الحدود والقضاء في تصريحاتهم لمراسلي الصحيفة.
وقال القاضي في محكمة التحقيق الثالثة بالبصرة، عمار شاكر فجر “هناك ضباط اعتقلوا بسبب هذا، وتستروا على المجرمين، وكانوا يتلقون رواتب شهرية من تجار المخدرات”.
وقتل مسلحون في شباط قاضيًا بارزًا في محافظة ميسان. وفي أيلول قتل جنرال من وحدة مكافحة المخدرات خارج مطعم.
وتلقت وحدة مكافحة المخدرات في البصرة سيلًا من التهديدات.
ولا تنبع ظاهرة الإدمان الجديدة على المجتمع العراقي من فراغ، بل من عوامل مشخصة تبدأ بالفساد والتواطؤ الحكومي مع تجار المخدرات وزعماء ميليشيات مرتبطين بإيران وتنتهي بفقدان الأمل بالنسبة لجيل عراقي أقفلت أمامه فرص الحياة منذ احتلال بلده عام 2003.
وترى الصحيفة أن انتشار تعاطي المخدرات نابع مما يصفه عمال المجتمع المدني والصحة من أزمة يأس بين الشباب العراقي.
ودمر الفساد وسوء الإدارة الخدمات العامة، في وقت تتزايد فيه معدلات البطالة بين الشباب، هذا إلى جانب الجفاف في المناطق الزراعية، وعدم توفر الفرص في المدن.
ومنذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، استباحت إيران الحدود العراقية، وأصبحت المنافذ الحدودية بين إيران والعراق ممرًا لتدفق كل البضائع الإيرانية التجارية والعسكرية والخطيرة على المجتمع العراقي بما في ذلك المخدرات، بعد أن كان العراق من بين الدول الخالية من هذه الآفة المميتة.
وحتى عام 2017 حيث ظهر النوع الأخطر من أنواع المخدرات “كريستال الميث” (ميثامفيتامين)، في جبال أفغانستان حيث نجح منتجو المخدرات في الكشف عن سرّ استخراج العناصر الأساسية من ميثامفيتامين، مادة ايفدرين من شجرة إيفيدرا، وظهرت نتائج هذا الاكتشاف في معظم أنحاء المنطقة.
ويعد الكريستال ميث من أنواع مخدرات الأمفيتامين الخطرة والتي تعمل على تنشيط الجهاز العصبي.
وتوجد الكثير من المختبرات المصنعة لهذا النوع من المخدر في إيران التي بدورها تقوم بإدخاله إلى العراق عن طريق التجار والمهربين الذين تتعامل معهم عبر ميليشياتها في العراق.
ويقول المحلل في مركز الرصد الأوروبي للمخدرات واستخدامها ألكسندر سودرهولم، إن سوق المنتجين في إيران، حيث يزدهر سوق المخدرات أصلًا ومنها إلى جميع مناطق الشرق الأوسط.
وتأثر العراق بزيادة الإنتاج من مادة الميث أو الكريستال، واستغل النظام في طهران الأزمات التي يعاني منها العراق من نزاعات وحكومات فاسدة غير كفوءة في أداء مهامها الوظيفية.
وتعتمد إيران في انتعاش تجارة المخدرات على تجنيد الميليشيات التابعة لها من فصائل الحشد وغيرها إضافة إلى المسؤولين الحكوميين والمدراء في المنافذ الحدودية والضباط في الدوريات العسكرية التي ترعى تجارة هذه الآفة خدمة لإيران.

إيران تعتمد على الميليشيات في نشر المخدرات في العراق

وتتزايد الكميات التي تدخل العراق كل عام بشكل كبير فالبلد أصبح مستهلكًا وناقلًا إلى الدول المجاورة، بل بات يُصنع اليوم في العراق تحت مسمى كبتاغون.
وقالت دائرة مكافحة المخدرات الأردنية إن عمليات مصادرة ميثامفيتامين زادت لأكثر من 45 طنًا في أول تسعة أشهر من 2022، أي أكثر بعشرين طنًا عن نفس الفترة للعام الماضي.
وتقف الحكومة عاجزة عن معالجة هذه الكارثة اجتماعيًا وصحيًا وأمنيًا، وفي عام 2017 أُقر قانون إنشاء مراكز تأهيل المدمنين في غضون عامين، وبعد خمسة أعوام لم يتم بناء سوى ثلاثة مراكز، واحد منها في البصرة.
ويقول مدير وحدة مكافحة المخدرات في البصرة إسماعيل غانم “لنقل إن لدينا 30.000 مدمن في البصرة، وهناك 22 سريرًا، حيث يحتاج المريض إلى ثلاثة أشهر للتخلص من العادة، كيف يمكن لأي شخص الحصول على مقعد للعلاج؟!”.
وقال الدكتور أيمن العاني مسؤول قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين “إن الفساد الحكومي المتجذر وضعف النظام الأمني في العراق يحولان دون معالجة مشكلة انتشار المخدرات المتنامية في البلاد”.
ويشير مراقبون إلى أنه على الرغم من عدم توفر الأرقام الحقيقية حول معدلات الإدمان، إلا أن بعض المسؤولين العراقيين يرون أن نسبة 40 بالمائة من الشبان العراقيين في بعض المناطق جربوا المخدرات.
ويتعرض العراق إلى انهيار كامل على جميع الأصعدة بسبب الحكومات المتعاقبة منذ الاحتلال الأمريكي وحتى اليوم، ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز فإن العراق أصبح خارج مؤشر (the world index) العالمي من حيث الاقتصاد والفن والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والرياضة والسفر والسياسة والشؤون العسكرية لعام 2022.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى