أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الدكتور مثنى الضاري: إيران جعلت من العراق رئة لاستمرار نظام الأسد في الحكم

مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين يؤكد على أن العراق يعيش واقعًا في ظل احتلالين أمريكي وإيراني، يعملان وفق سياسة التخادم على تنفيس الصراع بينهما.

عمان – الرافدين
لفت مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين الدكتور مثنى حارث الضاري إلى التعاون العملي الحاصل بين إيران والكيان الصهيوني على الرغم من الإعلانات الصادرة عن كلا الطرفين التي يزعمان فيها الخلاف والعداء، مشيرًا إلى أن الطرفين يصنفان عدوًا للأمة يعملان من جبهتين متقابلتين ويسعيان إلى تحقيق مقصد واحد يجمع مصالحهما، وأن العراق وسورية وغيرهما من البلاد العربية باتت ساحات لهذا النوع من التعاون.
وقال الدكتور الضاري في محاضرة ألقاها مساء الاثنين أثناء ندوة “قراءة للمشهد العراقي برؤية وطنية” أقامها مكتب الدراسات والأبحاث في ملتقى العروبيين السوريين عبر المنصات الرقمية، أن العراق يعيش واقعًا في ظل احتلالين أمريكي وإيراني، يعملان وفق سياسة التخادم على تنفيس الصراع بينهما في الساحة العراقية، في ظل تخلٍّ عربي تام عن الشعب العراقي ومصيره.
وبيّن مسؤول القسم السياسي بأن الفرق بين القضيتين السورية والعراقية؛ أن الأولى فيها معادلة أحد أطرافها النظام في دمشق المستبد المدعوم من طهران، بينما في الثانية يهيمن النظام الإيراني نفسه على السلطة والحكم، مشيرًا إلى أن إيران جعلت من العراق رئة لاستمرار نظام الأسد في الحكم ودعم ميليشيا حزب الله في لبنان.
وفيما يتعلق بالمشهد العراقي قال مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين إن العملية السياسية تجري وفق توافقات قائمة على المحاصصة الطائفية، وبما يحقق المصالح الأمريكية والإيرانية؛ وعلى هذا الأساس يتم تشكيل الحكومات المتعاقبة في بغداد.
وركز في تحليل المشهد على حقيقة ما يجري في العراق من أوضاع وأحداث أمنية وسياسية، وملف الانتخابات الأخيرة وما تبعها من صراع بين مكونات العملية السياسة ولا سيّما بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري وميليشياتهما، والذي انتهى إلى الإعلان عن أولى خطوات تشكيل حكومة الاحتلال التاسعة، وفق تفاهمات توافقية وضغوط أمريكية إيرانية تراعي مصالح واشنطن وطهران باعتبارهما المتحكمين الرئيسين في النظام القائم في العراق.
وتناول الدكتور الضاري الأزمة الدستورية في العراق ودور النفوذ والاحتلال الإيراني فيها، وأثرها على الشارع العراقي واقتصاد البلاد ووضعها الأمني والسياسي، مؤكدًا أن الشعب العراقي يدرك جيدًا حجم هذا النفوذ وتحكمه في النظام السياسي، وأن هذا الإدراك هو الذي جعل من ثورة تشرين ترفع بقوة أبرز مطالبها وهو إسقاط هذا النظام الذي تديره طهران بوضوح.
وطرح الدكتور الضاري رؤية هيئة علماء المسلمين في العراق للمخارج من الأزمة في العراق والمنطقة، مبينًا أن المشكلة التي يعاني منها العراقيون هي في النظام السياسي الذي فرّق بينهم، وأنه نظام لا يمكن إصلاحه، ولا سبيل إلى إجراء حل في البلاد إلا بتغييره، مضيفًا أن مشروع الهيئة منذ العام 2004 كان واضحًا وصريحًا في رسم سبل الحل وتشخيص أدواته، وأن أبناء الشعب العراقي وثوار تشرين منهم على وجه الخصوص أخذوا يُنادون بما كانت تنادي به الهيئة من قبل لإنهاء الفساد المتفشي في العراق؛ وكبح السياسات الحكومية في النظام القائم على المحاصصة والطائفية.
وسلّط الضوء على التداخل بين الملفين العراقي والسوري، من حيث تشابههما وإمكانية استشرف العمل المستقبلي وآليات العمل الجماعي فيهما، فضلاً عن استعراض دور وجهود هيئة علماء المسلمين في العراق ولا سيّما أمينها العام الراحل الشيخ حارث الضاري “رحمه الله”، في دعم الثورة السورية على أكثر من مستوى.
وأشار إلى طبيعة ونمط التعاطي الدولي والإقليمي تجاه المشهدين العراقي والسوري وما يصدر عن النظام العربي الرسمي تجاه القضيتين من تباين واختلاف وتناقضات، كلها خاضعة إلى محددات ومصالح ما تسمى الدول العظمى، لافتًا إلى وجوب أن تعمل الشعوب والهيئات والمؤسسات التي تتبنى خيارات المعارضة والمناهضة وتدعم قوى المقاومة؛ على تغليب مصلحة الأمّة الكبرى عند معالجة الأزمات والمشكلات التي تعانيها قضايا المسلمين والعرب، معتبرًا أن تقديم القضايا القطرية على بقية قضايا الأمّة منهج خاطئ لا يحقق انتصارًا ولا يستجلب مصلحة معتبرة للجميع.
وتناولت محاضرة الدكتور مثنى الضاري الأحداث الجارية في إيران مؤخرًا، وحركات الاحتجاج والمظاهرات الواسعة التي شهدتها العديد من المدن الإيرانية بضمنها العاصمة طهران، متناولاً إيّاها بالتحليل والنظر، والبحث فيما يمكن أن يُبنى عليها واستثماره ضد نظام الإيراني وبما يعود على المنطقة بمصلحة أو نتائج تسهم في تخليصها من السطوة الإيرانية التي تستثمرها الولايات المتحدة لتحقق مزيدًا من الضغوط على أنظمة الإقليم وتجني بذلك مزيدًا من المكاسب.
وعلق الدكتور الضاري في هذا السياق على ملف الأحواز العربية، وما تعانيه من اضطهاد يمارسه نظام طهران على أهلها، مبينًا أن هيئة علماء المسلمين تربطها علاقات تعاون ودعم مع العديد من القوى والهيئات والمنظمات الأحوازية التي تسعى إلى الحرية والتخلص من سطوة نظام طهران، داعيًا إيّاها إلى الوحدة والتعاون في بسيل تحقيق أهدافها المشتركة.
وشهدت الندوة التي شارك فيها العشرات من ذوي اختصاصات مختلفة ومن جنسيات عديدة عبر الفضاء الرقمي؛ مداخلات وتعقيبات وأسئلة امتدت مناقشتها على مدى ثلاث ساعات، طرح فيها الدكتور مثنى حارث الضاري رؤى شرعية وفكرية وسياسية، تهدف في مجملها إلى بيان الحقائق المتعلقة بقضايا الأمّة الكبرى، ومفاتيح الحل التي يمكن أن تنتشل المسلمين والعرب من واقع مشكلاتها المرير، وتأخذ بأيديهم نحو الحرية والعيش الكريم وتأمين مستقبل الجيل القادم الذي يحتاج إلى عمل جاد لتأهيله وتنميته على كافة المستويات.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى