أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الابتزاز ظاهرة في السجون الحكومية كالفساد في الدوائر الأخرى

ما حدث في سجن التاجي يؤكد وجود فظائع أكبر في باقي السجون الحكومية وصنوف التعذيب والإذلال والابتزاز تطال السجناء وذويهم على حد سواء.

بغداد -الرافدين

كشف مرصد “أفاد” الحقوقي عن تسجيل مسرب لابتزاز المعتقلين في سجن التاجي شمالي بغداد.
وأكد المرصد أن هذه التسجيلات الصوتية كشفت جانبًا من عمليات ابتزاز السجناء بمبالغ مالية أسبوعية وشهرية من قبل المسؤولين في هذا السجن الذي اشتهر بأعداد الوفيات من السجناء من جراء الإهمال الطبي وسوء التغذية والوضع المزري العام للسجناء.
وأصبح الابتزاز في السجون الحكومية ظاهرة سائدة بين إدارات السجون وبتسعيرات مختلفة.
وتظهر تسجيلات دفع السجناء مبالغ مالية إضافية مقابل السماح لهم بالجلوس في قاعات فيها شبابيك لأن بقية قاعات السجن لا تتضمن هذه الميزة.
وقال المرصد أن هذه المآسي التي تجري في سجن التاجي هي أقل حدة وبشاعة مما يجري في سجني الحلة في بابل وسجن الناصرية في ذي قار.
ووصف المتحدث باسم مرصد “آفاد” حسين دلي ما حدث في سجن التاجي يؤكد وجود فظائع أكبر في باقي السجون الحكومية وصنوف التعذيب والإذلال والابتزاز تطال السجناء وذويهم على حد سواء.
ويوصف واقع السجون في العراق بالمأساوي بسبب الانتهاكات والتعذيب والإذلال، ولا تختلف السجون التي تتبع وزارة العدل عن باقي السجون التابعة لوزارة الدفاع والداخلية، وسجون ميليشيات الحشد، فالجميع يتعامل بنفس طرق الفساد لتحصيل وارد مالي مستمر من المعتقلين.
وتشهد السجون العراقية منذ عقود طويلة تعذيبًا نفسيًا وجسديًا، ويتفنن السجانون في إذلال المعتقلين وتعنيفهم وسط غياب أبسط الحقوق لهؤلاء الضحايا، وفق ما أكدته تقارير حقوقية وشهادات الضحايا.
وكشف مسؤولون حكوميون عن ارتفاع أعداد المعتقلين في السجون الحكومية لأكثر من مائة ألف، بينما تشير السجلات الرسمية إلى وجود سبعين ألف معتقل فقط.
وذكرت مصادر صحفية أن المسؤولين أكدوا أن أعداد المعتقلين تجاوزت المائة ألف، في ظل الاعتقالات العشوائية التي تشنها القوات الحكومية والميليشيات التابعة لأحزاب السلطة، إضافة الى زيادة عمليات تجنيد الميليشيات للأحداث بترويج المخدرات، مشيرة الى أن السجون لم يعد بإمكانها استيعاب معتقلين جدد.
وتشهد السجون الحكومية، انتهاكات صارخة وعمليات تعذيب مستمرة يمارسها ضباط التحقيق ضد الأبرياء الذين يتم اعتقالهم بشكل عشوائي بغرض انتزاع الاعترافات منهم بالقوة، فضلًا عما يعانيه المعتقلون من سوء التغذية والإهمال الطبي والتعمد بتأخير إطلاق سراحهم رغم انتهاء مدّة أحكامهم في السجون.
ويقول مراقبون إن الابتزاز والتعذيب منهجًا كرسه الاحتلال الأمريكي في العراق وكرس معه مسألة الإفلات من العقاب، وهو مسؤول عن جميع ما نتج عن هذه الانتهاكات بحق العراقيين.

أيمن العاني: معتقلون فقدوا حياتهم اختناقا بسبب سوء التهوية

وقال مسؤول قسم حقوق الانسان في هيئة علماء المسلمين الدكتور أيمن العاني في تصريح لقناة “الرافدين” إن “الحكومات التي أسستها الميليشيات تفتعل الأزمات وتغذي الفوضى المستمرة المتفاقمة في البلاد وليس من صالح أي طرف من أطراف العملية السياسية أن يتم تفعيل القوانين ومحاسبة المرتكبين للانتهاكات أو قضايا الفساد لأنهم يريدون لهذا البلد الهلاك والدمار والخراب”.
وفشلت الحكومات المتعاقبة منذ 2003 في الملف الحقوقي الإنساني على الرغم من عشرات التقارير لمنظمات حقوق الانسان الدولية والعفو الدولية وهو ما جسده انهاء عمل مفوضية حقوق الإنسان قبل عدة أشهر.
ويعد وزير العدل في حكومة مصطفى الكاظمي سالار عبد الستار متواطئًا مع إدارات السجون الفاسدة بحسب ما تصفة المنظمات الحقوقية.
ونقل بعض ذوي المعتقلين أن التواطؤ قد وصل حتى إلى القضاة حيث وصل الحال أن تكون تسعيرة الإفراج عن المعتقل البريء أصلًا إلى أكثر من 150 ألف دولار.
وتشهد السجون الحكومية اكتظاظًا في أعداد المعتقلين الذين تم اعتقالهم وفق تهم كيدية وعلى أساس طائفي.
ومع الاكتظاظ في السجون، توجد أيضًا تدخلات حزبية وسياسية بامتياز في ملف الإطعام وتشغيل الحوانيت، وأن الشركات العاملة على ملف الإطعام لا يمكن السيطرة عليها بسبب النفوذ السياسي.
ويرى مراقبون أن هناك نفوذًا لأطراف قوية داخل السجون تتحكم بإدارتها، وهو ما يشكل معاناة جديدة تضاف على كاهل السجناء وذويهم.
وأضاف العاني أن هناك أرقام كبيرة عن أعداد الوفيات داخل السجون، بينما تشوب القضاء عيوبا كبرى وفي مقدمتها فقدان المحاكمات العادلة وعدم توفر وسائل الدفاع عن المعتقلين لدرجة يصبح فيها المحامي نفسه قيد الاتهام والتهديد.
وأكد على أن المعتقلين يحرمون من أبسط الحقوق ومنها الإهمال الطبي إلى وسائل التهوية. ومات الكثير من المعتقلين بسبب سوء التهوية داخل السجون.
وتضمن العديد من المعاهدات الدولية التي يكون العراق طرفًا فيها الحق في الحرية والأمن وحظر التعذيب وسوء المعاملة وهي تشمل اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
مما يعني أنه لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية مهما كانت لتبرير تعليق أو عدم مراعاة الحظر المفروض على استخدامها.
وتضاعف عدد السجون في البلاد منذ الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003 عدة مرات، إذ أنشأت سلطة الاحتلال المؤقتة ثلاثة سجون في السليمانية والبصرة وبغداد، قبل أن توسع الحكومات المتعاقبة خطة السجون، ليرتفع العدد إلى 13 سجنًا رئيسيًا تنتشر في مدن وسط وجنوب البلاد، فضلًا عن العاصمة بغداد، وإقليم كردستان العراق، عدا عما يعرف بالسجون المؤقتة التي تتبع وزارتي الداخلية والدفاع، وتُعرف في العراق بـ “التسفيرات”، كما تضاف إليها سجون سرية تتبع لميليشيات الحشد.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى