أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدين

إيران تحتفظ بمقتدى الصدر كحليف مفيد

زعيم التيار الصدري يطرد مستشاريه السياسيين ويوفد مقربين منه إلى طهران للتنسيق بعد إعلان حكومة محمد شياع السوداني.

بغداد- الرافدين

فند تقرير لموقع “المونيتور” الأمريكي المزاعم السائدة عن “العداء الافتراضي” بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ومراكز القرار في إيران بما فيها فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني.
وأكد علي خلخالي محرر الشؤون الإيرانية في موقع “المونيتور” أن طهران لا تزال تنظر الى مقتدى الصدر على انه حليف مفيد ويستحسن الاحتفاظ به بالرغم من انتقاداته العنيفة لاتباعها في الاطار التنسيقي في العراق.
وأشار الى أن طهران لم تتخذ أي خطوة ضد الصدر، لأنها لا تزال تعتبره حليفا يستحق أن تحافظ عليه.
يأتي ذلك في وقت أكدت مصادر مقربة من التيار الصدري أن زعيم التيار سيوفد أثنين من المقربين منه إلى طهران خلال أيام للتنسيق بشأن الخطوات المقبلة بعد إعلان حكومة محمد شياع السوداني.
وأكد المصادر في تصريح لـ “الرافدين” ان قادة التيار الصدري في حيرة من أمرهم وهم ينتظرون أي إشارة من زعيمهم الصامت في الحنانة بمحافظة النجف، في وقت أقال الصدر غالبية المستشارين السياسيين الذين كان يعتمد عليهم في بناء مواقفه.
في غضون ذلك لفتت مؤسسة “فريدريخ ايبرت-ستيفتوغ” الألمانية، في تقرير نشرته مجلتها “آي بي اس جورنال” إلى أن كل من يعرف الصدر يدرك انه لا يحب ان يتم تهميشه، وان السلام السياسي والاجتماعي، ليس ممكنا من دونه.
وقالت ان بالإمكان الافتراض ان الصدر سيعمد الى تحريك الخيوط من خلف الكواليس من اجل هندسة إفشال الحكومة الجديدة وليهيئ نفسه لحدوث انتخابات جديدة.
ولفت تقرير الموقع الأمريكي الى ان الموقف الايراني من الصدر برغم ان منصات اعلامية تابعة للتيار الصدري، تعمد الى تغطية الاحتجاجات المعارضة للحكومة الايرانية بشكل واسع.
وتقدم وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية تعليمات الى وسائل الاعلام الايرانية تمنع توجيه أية انتقادات إلى الصدر أو مهاجمته، والامتناع عن تصويره على انه شخصية معادية لإيران.
وتدفع إيران باتجاه تواصل التيار الصدري مع أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي، وأن واحدة من أدوات نفوذها هي وحدة أتباعها في العراق وفق وصية المرشد علي خامنئي “وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني عراقي آخر”.
وترى طهران أن بمقدورها استخدام أنصار الصدر، في ممارسة التخادم القائم بينها وبين الولايات المتحدة في العراق.
وطالبت وكالة “تسنيم” الناطقة باسم الحرس الثوري الإيراني، بالتفاعل مع مقتدى الصدر وتياره ومنحه المكانة خاصة في “محور المقاومة” منوهة إلى أنه يجب ألا ينسى وجود فراغ داخل الإطار التنسيقي الموالي إلى طهران.
وطالب علي رضا مجيدي المقرب من الحكومة الإيرانية، بضرورة الحفاظ على مقتدى الصدر، معتبرا إياه داعما للمقاومة.
ونقل الموقع الأمريكي عن مصدر مقرب من الحرس الثوري الإيراني قوله إنه لايزال الصدر معاديا لأمريكا ولهذا فإنه ليس من مصلحتنا أن نكون في عداء مع هكذا شخص.
وكان قال مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري قد أكد أن قيادة التيار الصدري لا تُحسن العمل السياسي لكونها غير مؤهلة لذلك، فضلًا عن ادعائها الاعتزال وترك العملية السياسية بين حين وآخر لكنها تعود مرة أخرى بموجب توافقات وتفاهمات في إطار المحاصصة القائمة.

الدكتور مثنى حارث الضاري: لا يمكن للتيار الصدري أن يغيب عن مشهد العملية السياسية

وكشف الدكتور الضاري عن اجتماع رباعي التئم في بغداد بعد اقتحام أنصار التيار الصدري للقصر الجمهوري، بين وفد إيراني وآخر عربي، ووفود تمثل الإطار التنسيقي وحزب الله اللبناني، وأدار هذا الاجتماع السفير البريطاني في بغداد من أجل حلحلة الأمور.
وأوضح الدكتور الضاري في محاضرة أقامها مؤخرا مجلس الخميس الثقافي في ديوان هيئة علماء المسلمين في العاصمة الأردنية عمّان، أن انسحاب التيار الصدري من البرلمان كانت خطوة مفاجئة لكثيرين، ولكنها كانت في سياق الضغط على الطرف الآخر، لأن الاستقالات وإن كانت موقعة من رئيس ما يسمى بمجلس النواب ولكنها لم تأتِ وفق السياقات التي توافقوا عليها، هذا أولًا، وثانيًا، لا يوجد شيء نهائي في العراق في ظل العملية السياسية، لأنه لا توجد قواعد حقيقية حاكمة، ولا يوجد نظام سياسي يحترم مجلس النواب، ولا توجد حياة سياسية حقيقية، وفي النتيجة لا توجد مواقف أخيرة للقوى السياسية، لأن هناك أطرافًا خارجية وداخلية داعمة ومؤيدة، تحاول إعادة الأمور إلى نصابها كلما تداخلت.
وأضاف سبق وأن انسحبت قيادة التيار الصدري من العملية السياسية، في آب عام 2013، وفي شباط من عام 2014، وفي آذار من عام 2016، وفي تموز من عام 2021، وتكرر الانسحاب مرة أخرى في آب من 2022، ما يعني أن هناك خمس مرات انسحاب من قبل التيار الصدري انتهت بالتراجع والعودة، وبانتظار ما يحصل اليوم.
وشدد الدكتور الضاري في قراءته لما يحدث في العراق على أنه لا يمكن للتيار الصدري أن يغيب عن المشهد، بحكم القاعدة العريضة التي يمتلكها، ولأنه يحسب على القوى السياسية الشيعية الداخلية وليست من القوى الطارئة التي جاءت من خارج العراق.
وعزا ذلك إلى أن محددات النظام السياسي بعد الاحتلال قامت على أساس التوافق بين المكونات العراقية، بغض النظر عن الظلم الحاصل في نسب هذه المكونات.
وكان الكاتب الأمريكي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط مايكل روبين، قدم فيه قراءة واقعية للقارئ الغربي عن شخصية مقتدى الصدر.
وكتب روبين في مقال موسع بمجلة “ناشيونال إنترست” مع كل الذي حصل في العراق، يظل الاعتقاد بأن الصدر قد تغير مجرد هراء والتوهم بأنه يسعى إلى بناء عراق نزيه أو ليبرالي أو حتى محايد هو أيضًا هراء.
وقال “لفهم الصدر، من المهم تقدير طموحه الحقيقي. فهو يعارض ويسعى الآن إلى هدم النظام العراقي الحالي ليس لأن فساده المتأصل يضايقه، وإنما لأن الأخذ والعطاء السياسي يتعارض مع أجندته الأوسع”.
واوضح الكاتب الأمريكي الذي أصدر مجموعة كتب من بينها “الأعمدة السبعة: ما الذي يسبب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط حقًا؟” و”الرقص مع الشيطان” “لا يتعلق عداء الصدر الحالي تجاه إيران بأي خلاف أساسي مع طهران بقدر ما يتعلق بعدم رغبة الصدر في تقاسم السلطة أو الخضوع. ففي إيران، الأساس اللاهوتي لحكم المرشد الأعلى علي خامنئي مكرس في مفهوم ولاية الفقيه، بينما يطمح الصدر للقيادة مع أنه يعلم أنه لا يستطيع أبدًا اكتساب النفوذ الذي كان يمارسه والده أو آيات الله الحاليون في النجف لأنه يفتقر إلى التقوى. وحتى في إطار نظام ولاية الفقيه، قد يفرض إرادته سياسيًا وليس دينيًا.”
وأضاف روبين الذي سبق وأن زار العراق لفترات مطولة قبل الاحتلال الأمريكي عام 2003، ما افتقر إليه الصدر في الفطنة والتقوى عوضه بالطموح والفساد. بالنسبة له، لم تكن النجف موقعًا دينيا، بل مصدر ربح يمكن من خلاله تجميع ثروة. لقد صور نفسه كمدافع حقيقي عن السيادة العراقية، حتى عندما باع البلاد لإيران المجاورة. وقد استخدم تكتيكات المافيا لابتزاز الأموال وتقييد الأسواق، وحشد العصابات لتخويف المنافسين. كما وجدت شعبويته أرضًا خصبة في الأحياء الفقيرة في بغداد، واكتسب قوة سياسية نافذة. حتى عندما احتقرته الحوزة، شاركه السياسيون العراقيون. ورغم اختلاف فصيلهم، كان منطقهم متشابهًا: ألهم الصدر الجماهير، لكنه لم يستطع السيطرة عليهم. وكان فصيله منقسمًا. وعن طريق تصنع الاحترام، تمكن المنافسون من إخماد غروره بينما أبعدوا مؤيديه”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى