أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدين

إيران تطلب من ميليشياتها في العراق التهدئة المؤقتة لتثبيت حكومة السوداني

قيادي في فيلق القدس لقادة الإطار: تَعلمْ العمل السياسي وفق تقيّة المذهب. عدم افساد التخادم مع واشنطن. التوقف عن تهديد السعودية و "إسرائيل".

بغداد- الرافدين
قالت مصادر سياسية في بغداد ان أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي تلقت تعليمات من مسؤولين إيرانيين تحثهم على عدم التصعيد في الوقت الحاضر سواء مع التيار الصدري أو القوى الأخرى ودول الاقليم.
وطالب قيادي في فيلق القدس الإيراني قادة الميليشيات الممثلين في حكومة محمد شياع السوداني التوقف عن تصريحات التهديد سواء لدول الخليج أو “إسرائيل”.
ونقل القيادي الإيراني الذي زار بغداد على مدار يومين وعقد اجتماعا مع قادة ميليشيات وأحزاب الإطار التنسيقي في منزل زعيم ميلشيا بدر هادي العامري، رسالة واضحة تحثهم على “تعلم العمل السياسي وفق تقيّة المذهب، على الأقل خلال الفترة المقبلة من أجل تثبيت واستمرار حكومة السوداني”.
وشدد بالقول انه ليس من الحكمة الاستمرار في استفزاز زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لأن طهران مقبلة على ترتيب سياسي مع الصدر.
وعزا المصدر السياسي في تصريحات لقناة “الرافدين” التوجيهات الإيرانية بالتهدئة لاتباعها في العراق إلى تخادم بينها وبين الإدارة الامريكية بشأن استمرار حكومة السوداني في العراق.
ونقل المصدر عن اعلامي مقرب من الإطار التنسيقي قوله أن القيادي في فيلق القدس أكد لقياديين في الإطار من بينهم هادي العامري وهمام حمودي وقيس الخزعلي وعمار الحكيم، بان التفاهم الأمريكي الإيراني في العراق هذه المرة على أعلى المستويات، وأن المطلوب مما أسماه “محور المقاومة” الالتزام من أجل عدم التفريط بحكم المذهب للعراق.
جدير بالذكر ان السفيرة الأمريكية في العراق آلينا رومانيسكي، تقود حملة نشطة باتجاه دعم حكومة السوداني.
ومثل الدعم الأمريكي لحكومة السوداني تعاونا مكشوفا مع إيران عندما التقت السفيرة الأمريكية في بغداد أتباع إيران في العراق في رسالة تكشف التفاهم مع طهران على استمرار حكومة السوداني.
والتقت السفيرة الأمريكية بالسوداني ثلاث مرات خلال عشرة أيام، الأمر الذي يؤكد المخطط الأمريكي على تجاهل مطالب العراقيين في ثورة تشرين لأسقاط الحكومة الفاشلة ومحاسبة الفاسدين.
وأعلنت رومانيسكي تفاصيل اجتماع مع سفراء لدى العراق، بحث عدة ملفات تخصّ البلاد.
وقالت “اجتمعت مع زملائي السفراء لدى العراق للتنسيق بشأن القضايا التي تهم العراقيين، بداية من ضمان قدرة العراق على التعامل مع التغير المناخي وإعادة دمج النازحين غير المقاتلين في المجتمع”.
وأضافت “ركزنا على تحقيق نتائج ملموسة مع الحكومة العراقية الجديدة”.
ويُنظر إلى السوداني على أنه صنيعة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
كما ينظر إلى الفترة التي سيرأس فيها السلطة التنفيذية على أنها ستخضع لإرادات الإطار التنسيقي أولا، ولإرادة ائتلاف دولة القانون ممثلا بالمالكي ثانيا، ما يثير مخاوف من إعادة النهج الطائفي والإقصائي الذي تبناه المالكي في فترة ولايته الثانية.
ويتجه الرأي العام في العراق إلى أن السوداني سيتولى إدارة تقودها حكومة خاضعة بشكل أكيد لقوة ونفوذ قادة الميليشيات الذين من بينهم من عُيّن وزيرا في الحكومة.
ومن هؤلاء النائب أحمد الأسدي الذي يقود كتائب “جند الإمام”، ونعيم العبودي القيادي البارز في حركة “عصائب أهل الحق” وهما فصيلان مسلحان تابعان للإطار التنسيقي ومتحالفان في نفس الوقت مع إيران.
وعلى ما يبدو فإن حضور ميليشيا الحشد والميلشيات المسلحة الحليفة لإيران بدا أكثر وضوحا في حكومة السوداني مما كان عليه في الحكومات الثلاث التي تشكلت بعد تشكيل ميلشيا الحشد في 2014، أي حكومات حيدر العبادي (2014 – 2018)، وعادل عبد المهدي (2018 – 2019) ومصطفى الكاظمي (2019 – 2022).
وهناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد أن العراق سيتجه للابتعاد عن جميع الأطراف الإقليمية والدولية المناهضة لإيران، والاتجاه نحو تعميق العلاقات بشكل أكبر مع طهران التي من المحتمل أن يكون لها نفوذ متفرد يقصي أي نفوذ آخر سواء الولايات المتحدة أو غيرها.
ولا توجد أي معطيات تشير إلى أن التيار الصدري سيبادر في وقت قريب باللجوء إلى خيار الشارع أو خيار القوة المسلحة لإسقاط حكومة السوداني أو فرض الأمر الواقع لتحقيق مكاسب سياسية.
ولا تخفي الأوساط المحلية وبعض الأطراف الإقليمية والدولية من أن تشهد المرحلة المقبلة تعزيزا للنفوذ الإيراني في العراق.
ويجمع غالبية المراقبين على أن السوداني القيادي في حزب الدعوة حتى استقالته الشكلية قبل ثلاثة أعوام، يستحيل أن يتبنى استراتيجية جدية لتحجيم نفوذ لإيران رغم أن المنهاج الوزاري يرفض أي تدخلات خارجية في الشؤون الداخلية للعراق أو تحويله إلى ساحة لصراعات دول أخرى أو منطلقا للاعتداء أو تهديد أمن واستقرار دول الجوار.
ومن المتوقع أن تتقدم الأجنحة السياسية للميليشيات المسلحة الحليفة لإيران بمشروع قرار جديد عبر مجلس النواب يلزم الحكومة التقدم بطلب رسمي لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لسحب جميع قوات بلاده من العراق بما فيها القوات المخصصة لمهام التدريب والاستشارات.
ولا يمثل طلب الميليشيات الولائية موقفا عراقيا باتجاه قوى الاحتلال الأمريكي، بل هو تحرك بتعليمات إيرانية لفسح الميدان العراقي أمام احتلال إيراني أكبر للعراق.
وفي الخامس من كانون الثاني 2020 قرر مجلس النواب إبلاغ الحكومة الاتحادية بالطلب رسميا من جميع الدول بسحب قواتها من العراق بعد يومين فقط من مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس ميلشيا الحشد أبو مهدي المهندس بغارة أمريكية قرب مطار بغداد الدولي بقرار من الرئيس السابق دونالد ترامب.
ويرى مراقبون بأنه لا يمكن أن تسترد الدولة العراقية قرارها السيادي في ظل وجود سلاح الميليشيات المسلحة خارج سلطة الدولة، كما أن السلاح سيظل يمثل التهديد الأكبر والأخطر على السلم المجتمعي.
لا تبدو أي إشارات واضحة في المنهاج الوزاري لمعالجة مسألة السلاح خارج سلطة الدولة.
وستظل الدولة خاضعة بشكل أكبر لنفوذ إيران والفصائل الحليفة لها في ظل الحكومة انبثقت في حقيقتها من ميليشيات الإطار التنسيقي الذي يمثل أجنحة سياسية لفصائل مسلحة حليفة لإيران.
ويرى الكاتب أحمد علي المقرب من التيار الصدري ان قادة ميليشيات وأحزاب الإطار التنسيقي حولت الكذب بوصفة نشاطاً وظيفياً في وصفات كاملة الدسم من الأكاذيب والخدع تحت عنوان حماية المذهب وحق المكون الشيعي والوقوف بوجه المؤامرة الصهيونية.
وكتب علي “تندرج هذه الرؤية العابرة للحدود ضمن محاولات اغلب ساسة الاحزاب الشيعية السلطوية في عملية تحرير العقل الجماهيري عندما استطاعت وفي غفلة من الزمن ادخال الصدق والكذب في المنطقة المحرمة أخلاقيًا، وليتعلم الجمهور ان الاكذوبة الوحيدة المنبوذة هي ما يجعل السياسي الشيعي خارج اسوار السلطة مهما كان القائل وفي اي مناسبة كانت”.
غير ان اللافت في هذا المبادئ الارشادية، وفق الكاتب المقرب من التيار الصدري، انها الزامية على الجمهور واختيارية على الاحزاب، فمن يقول ان اللص هو من يسرق من اموال الدولة إذا كان يعطي خمسها لاحد مراجع الأحزاب الشيعية.
وتساءل أحمد علي “هل ثمة حرمة في تلك الأموال التي نهبتها الأحزاب والسياسيين الفاسدين، انها بالنهاية اموال مجهولة المالك كما يقول طيف من مراجع السلطة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى