أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الدكتور مثنى الضاري يحذر من التعسف في تفسير الأحاديث المتعلقة بطاعة السلطان

مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق يؤكد بأن الهَدْي النبوي منهجٌ حركي في السيرة النبوية، مثل إقامة التعاملات السياسية، والتحالفات الاجتماعية وبناء الدولة.

عمان – الرافدين
حذر مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين الدكتور مثنى حارث الضاري من اتخاذ الدراسات المعنية بجمع الأحاديث المتعلقة بطاعة السلطان، ذريعة لتأييد لطريقة حكم ما أو منهج رئاسة معلوم، أو لمتغلب في عصر انتهاء التغلب، أو لمحتل يريد الهيمنة، معربًا عن أسفه الشديد لحصول ذلك في واقعنا المعاصر؛ لأنه إذا تمت الكتابة عن الهَدْي النبوي في السياسة الشرعية بهذه الطريقة؛ فستذهب السياقات إلى طريقة من قال “نتعامل ولا نتعاون”، وسيُصار إلى التعسف في استعمال النصوص بعيدًا عن استلهام الهَدْي النبوي.
وأوضح الدكتور الضاري في محاضرة بعنوان “الهَدْي النّبوي في السياسة الشرعية” قدمها ضمن موسم قسم الدعوة والإرشاد في هيئة علماء المسلمين في العراق عبر منصة “غياث” الدعوية مما يدخل في هذا السياق الدراسات المعنية بجمع الأحاديث المتعلقة بطاعة السلطان، ما صح منها وما لم يصح، وأن ما صح منها يعد قدوة وأسوة ومفتاحًا لهدي النبي (صلى الله عليه وسلم)، إن كان في سياقه الصحيح وفي مسربه المناسب، وضوابطه المعلومة.
وسلّط الدكتور الضاري الضوء على الفرق بين الاستلهام والتعسف في التعامل مع مصطلح الهَدْي النبوي في السياسة الشرعية، موضحًا أن التعسف يعني التعميم والإطلاق والتجاوز والاقتصار والإقصاء والإبعاد، وغيرها من علامات الاستقراء الناقص الذي يخدم كل غرض يوضع فيه وكل إناء يستخدم له، بينما استلهام هَدْي النبي (صلى الله عليه وسلم) في السياسة الشرعية، يقتضي سرد سيرته أو بيان جانب منها، وفق منهجية معتبرة يُنظر فيها إلى الهداية، بوصفها ذات معنىً واسع مستنبط من كون النبي (صلى الله عليه وسلم) رحمة مهداة.
وقال مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين أن بعض أهل العلم يقصدون في مصطلح الهَدْي النبوي في السياسة الشرعية؛ أحكامًا شرعية سياسية مستنبطة من السنة، نحو الانتخاب، والبيعة، وإعلان الحرب، وطرق القتال وأساليبه وأحكامه، والاستعانة بغير المسلمين، وسياسة النبي (صلى الله عليه وسلم) في التعامل مع غير المقاتلين والأسرى والجواسيس، وتوزيع الغنائم، وتوقيع المعاهدات وغير ذلك.
وذكر الدكتور الضاري أن من طرق بيان الهدي النبوي في السياسة الشرعية؛ بحث معالم حديثية من السنة تدل على ما ينبغي فعله في باب السياسة، ولا سيما في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والمعالم الأخرى ذات الصلة من قبيل أهل البغي وأحكامهم، والاستخلاف، والعهد بالإمامة، والشورى وكيفية تطبيقها، وإلزامها من عدمه.
واهتمت محاضرة الدكتور الضاري ببيان التوصيف الشرعي للسياسة الشرعية، موضحًا أنها تدور في الباب المتعلق بالحكم والإدارة بجميع أنواعها، لافتًا إلى أن السياسة في هَدْي النبي (صلى الله عليه وسلم) أوسع من ذلك بكثير.
وعن استعمالات مصطلح الهَدْي النبوي في السياسة الشرعية، قال مسؤول القسم السياسي في الهيئة إنها تندرج في تفاصيلها تحت أقسام، منها المعالم العامة والقواعد المستنبطة من خصائص التشريع الإسلامي، وليس السنة والسيرة فقط، نحو الرفق، واللين، والتدرج، والتبسّط، والتيسير، والاعتدال، وغير ذلك في أبواب التصرفات النبوية التعاملات والعبادات والأخلاق، مضيفًا أن المقصود بالهَدْي النبوي في السياسة؛ معالمُ عامة وقواعد من خصائص التشريع الإسلامي.
وأوضح المحاضر في الندوة التي حظيت بتفاعل الحاضرين عبر المنصة الرقمية، إن الهَدْي النبوي والهداية رغم اشتراكهما في الجذر اللغوي؛ فإن لكل منهما معنىً خاصًا يدل على المراد منه اصطلاحًا، مشددا على أن الهداية هي نتيجة للهَدْي النبوي في السياسة الشرعية وفي غيرها، وأن الهَدْي النبوي هو سيرة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وما سنّه لنا من الأقوال والأفعال، التي لا تنفك الحاجة لها في أي جانب من حياة المسلم، بوصف السنة هي المصدر الثاني في التشريع الإسلامي، والتحاكم إليها من علامات الإيمان.
وفي سياق بيان دلالات الهَديْ النبوي عمومًا وفي السياسة الشرعية بوجه خاص، أفاد الدكتور الضاري بأنه التعريف بالرسول (صلى الله عليه وسلم) بخصاله، وشمائله، وسننه، وسيرته العطرة، والتنويه بدروس علمية وتربوية مستفادة من سيرته تكون نبراسًا للعالمين وهداية للسائلين، مضيفًا بأنه الحالة التي يكون عليها الإنسان من السكينة، والوقار، وحسن السيرة والطريقة، واستقامة المنظر والهيئة، منبهًا إلى أهمية هذه الاستقامة لعلاقتها بالسمت الذي يجب أن يكون عليه المسلم، مستشهدًا بالحديث الذي رواه ابن أبي شيبة موقوفًا عن ابن عباس (رضي الله عنهما) وما روي في أجزاء حديثية أخرى مرفوعًا إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، وطرقه فيها القوي وفيها الضعيف “السمت الصالح والهدي الصالح والاقتصاد؛ جزء من خمسة عشرين جزءًا من النبوة”.
وخلص مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق إلى القول بأن الهَدْي النبوي منهجٌ حركي في السيرة التي هي التطبيق العملي للسنة النبوية، وأن الحركية المقصودة هنا هي الخطوات المنهجية التي تحرك بها النبي (صلى الله عليه وسلم) منذ البعثة حتى التحاقه بالرفيق الأعلى، مثل هديه في إقامة التعاملات السياسية، والتحالفات الاجتماعية، وهديه في بناء الدولة، وغير ذلك، مما يجعل الهَدْي النبوي في غالبه في باب السيرة، لأنها هي التي تُظهر الهَدي في الغالب؛ كونها تشتمل عن أقوال وتصرفات مقترنة بأماكن وأزمان وظروف وأحداث.
وتناولت محاضرة الدكتور الضاري الحديث عن خصائص كتاب “زاد المعاد” لابن قيّم الجوزية وما اشتمل عليه من هَدْي نبوي واسع الطرح والدلالة، فضلاً عن فصوله المتنوعة التي تتناول جوانب عملية من حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) وأقواله وأفعاله وسننه، وما أمر به وما نهى عنه، فضلاً عن هدايات ومقاصد أخرى في أبواب كثيرة من الحياة.
وضرب العديد من الأمثلة التي توضح تطبيقات السياسة الشرعية في هَدْي النبي (صلى الله عليه وسلم) بما يقرب إلى الأفهام في الواقع المعاصر إلى طرق وأنماط تتضمن وسائل ومقاصد تلهم المسلمين الهداية، وتوقدهم إلى خير الدنيا وفلاح الآخرة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى