أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

تقصير حكومي وتورط ميليشيات في استهداف وابتزاز الصحفيين في العراق

الدكتور محمد الطراونة: جهات مرتبطة بالسلطات متورطة في جرائم انتهاك حرية التعبير. الدكتور أيمن العاني: الحكومات المتعاقبة في بغداد تستغل القوانين النافذة في ملاحقة الصحفيين.

عمان- الرافدين
عزا باحثان أردني وعراقي استهداف الصحفيين في العراق إلى التقصير الحكومي والدولي على حد سواء، فضلاً عن تورط جهات مرتبطة بالسلطات في جرائم انتهاك حرية التعبير.
واتفق الباحثان القاضي محمد الطراونة عضو اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني في الأردن، والدكتور أيمن العاني مسؤول قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق، على أن مشكلة الانتهاكات التي تطال كل الصحفيين الباحثين عن الحقيقة في العراق، تأتي في ظل عدم الكشف عن الجناة، وتمادي السلطات وميليشياتها في استهداف الإعلاميين الناشطين في مناهضة السلطات بدوافع سياسية.
وقدم الباحثان الطراونة والعاني جملة أفكار وقراءات في الندوة التي عقدها قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق، بعنوان “صحفيو العراق بين القتل والخطف والتهديد والابتزاز” بمناسبة اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين والإعلاميين، الذي حددته الأمم المتحدة في الثاني من تشرين الثاني من كل عام.
وسلطت الندوة التي عقدت ظهر الأربعاء في مقر هيئة علماء المسلمين في العاصمة الأردنية عمان، الضوء على ما يتعرّض له الصحفيون والإعلاميون في العراق بشكل مستمر إلى التهديد والقتل والاختطاف من قبل السلطات الحكومية والمليشيات الإرهابية التابعة للأحزاب الحاكمة والجهات المتنفذة، بما يسهم في زيادة تدهور الحريات في البلاد.
وأفادت الورقتان المقدَّمَتان في الندوة بمعلومات وبيانات وتفاصيل مدللة بالوثائق والأرقام؛ أظهرت جانبًا مما وصل إليه واقع الحريات العامة والصحفية في العراق، وبيان طبيعة الجهات التي تقف وراء الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، ومدى الإفلات المطلق من العقاب الذي يتمتع به الجناة والمرتكبون، بما ينعكس بالضرورة على حق المواطن العراقي في الحصول على المعلومة الصحيحة والدقيقة.
وتهدف الندوة إلى بيان التقارير المتواترة التي تصدرها المنظمات والمراكز والمراصد الحقوقية المحلية والدولية والتي تكشف النقاب عن الكم الهائل من الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون والعاملون في مجال الإعلام، وعلى المخاطر الجسيمة التي تحيط بالعمل الصحفي والتي تجعل العراق من بين أكثر البلدان خطرًا على الصحفيين، مما يحول بينهم وبين أداء دورهم في نقل حقيقة ما يجري في البلاد التي تعاني، في ظل حكوماتها المتعاقبة، من فساد متجذر وضعف ممنهج في جميع المؤسسات الحكومية، وحالة الفوضى المستمرة التي يعيشها العراق منذ 2003 وحتى اليوم، الأمر الذي انعكس انعدامًا تامًا لممارسة الصحافة الاستقصائية.

الدكتور محمد الطراونة: الحكومة في العراق لا تحترم الحريات الصحفية
وقدم القاضي الدكتور محمد الطراونة عضو اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني في الأردن؛ ورقة بعنوان “الحماية القانونية للصحفيين على ضوء أحكام القانون الدولي”، متحدثًا فيها عن القواعد القانونية لحماية الصحفيين من خلال أحكام القانون الدولي وعبر تحديد مفهوم الصحفي في القانون الدولي الإنساني، وأشكال الحماية الدولية المتوفرة للصحفيين المعتمدين بالقطاعات العسكرية.
وتناول الدكتور الطراونة مفاهيم عامة وتوصيفات لأنواع الصحفيين ولا سيّما في مناطق الحروب والنزاعات، مشيرًا إلى الصحفيين يختلفون من حيث مواد ونطاق الحماية، من بينهم المراسل الحربي الملحق بالقوات المسلحة، والمراسل المستقل، والصحفي العسكري، لافتًا إلى أن المشرع الدولي لم يأتِ على ذكر للصحفيين في المعاهدات التي تطبق على النزاعات المسلحة غير الدولية، ولكن يعتبر الصحفيين في هذه الأحوال مدنيين أو أشخاصًا لا يشاركون مباشرة أو كفوا عن المشاركة في العمليات العدائية، وتسري عليهم وعلى طاقمهم كل الحماية المطبقة على المدنيين.
وأسقط عضو اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني، مواد القانون وبنود الاتفاقات الدولية المعنية بهذا الشأن؛ على الواقع الصحفي والإعلامي في العراق، مبينًا حجم التقصير الحكومي والدولي على حد سواء في حماية الصحفيين ومنع العدوان عليهم، فضلاً عن تورط جهات مرتبطة بالسلطات في جرائم انتهاك حرية التعبير والصحافة، لافتًا إلى أن العراق في ظل حكوماته المتعاقبة، والعديد من الدول الأخرى لا تحترم هذه الحرّيات والحقوق، ولا تلتزم بالمواثيق والمعاهدات الدولية.
الدكتور أيمن العاني: قانون جرائم المعلوماتية في العراق صفعة قاسية للحريات
وتناول الدكتور أيمن العاني مسؤول قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق، مشكلة الانتهاكات التي تطال كل الصحفيين الباحثين عن الحقيقة في البلد في ظل عدم الكشف عن الجناة، وتمادي السلطات وميليشياتها في استهداف الإعلاميين الناشطين في مناهضة السلطات بدوافع سياسية.
وأوضح الدكتور العاني أن الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون والعاملون في مجال الإعلام في العراق تحدث على نطاق واسع بتساهل حكومي وعلى أعين الأجهزة الأمنية، إلى جانب استغلال الحكومات المتعاقبة للقوانين النافذة في ملاحقة الصحفيين في وقت لا يوفر قانون حماية الصحفيين أي حماية لهم، بل ويسهل التضييق عليهم وجعلهم الحلقة الأضعف من حيثيات كثيرة.
وانتقد مسؤول قسم حقوق الإنسان ما يسمى “قانون جرائم المعلوماتية” في العراق الذي يشكل صفعة قاسية أخرى للحريات، مبينًا أنه قانون سيء الصياغة ويحوي عقوبات غاشمة تخرق الحقوق وتنتهك الحريات، فضلاً عن أن مشروع القانون الذي ينظم الحق في الحصول على المعلومة لا يزال قيد الانتظار منذ أكثر من سبع سنوات، وهو أمر تستغله القوات الحكومية في إجبار الإعلاميين على توقيع تعهد، بعد تعريضهم للاعتداء والضرب على أيدي أفرادها مقابل إخلاء السبيل، بعدم متابعة مهامهم في كشف قضايا الفساد وغيرها مما يدين أحزاب السلطة.
وقال “إن استمرار انتهاك حقوق الصحفيين وقتلهم واعتقالهم والتنكيل بهم؛ يؤكد أن لا عدالة في العراق ولا كشف للجناة علاوة على أن هيئة الإعلام والاتصالات تصدر بيانات توصف بالجدلية والضبابية، وتصب في صالح هدر حقوق الصحفيين والإعلاميين، وتؤكد من خلالها انحيازها الثابت للحكومة، ويجري انتقادها انتقادات لاذعة من قبل الأسرة الإعلامية لمشاركتها في اقتحام منازل إعلاميين بمعية الميليشيات والقوات الحكومية.”

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى