أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الدكتور مثنى الضاري: الفشل ينتظر حكومة السوداني كحكومات الاحتلال السابقة

مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين يؤكد على أن قدر العراقيين أن يتخادم الاحتلال الأمريكي والإيراني ويتوافقون على عودة حكم حزب الدعوة الطائفي.

عمان- الرافدين
استبعد مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري، أن يكون بمقدور حكومة الاحتلال التاسعة التي يرأسها محمد شياع السوداني تحقيق الأهداف التي يتوق لها العراقيون.
وقال الدكتور الضاري في حوار موسع مع قناة “المستقلة” التي تبث برامجها من العاصمة البريطانية لندن “إن حكومة السوداني لن تسير بالعراقيين إلى أي استقرار، ولن يكون بمقدورها تحقيق ما أعلن من برنامج حكومي اسوة بكل البرامج الحكومية والوعود التي كانت تعطى من قبل الحكومات السابقة”.
واستعار المسؤول السياسي في هيئة علماء المسلمين تعبير الراحل الدكتور حارث سليمان الضاري بوصف النظام السياسي في العراق بالمسخ، مذكرا بان الشيخ الراحل استخدم هذا التعبير بعد الاحتلال إثر إقرار الحاكم الأمريكي بول بريمر للدستور قائلا “هذا دستور مسخ ولن ينتج الا أنظمة سياسية مثله” وهذا ما حصل اليوم في حكومة السوداني.
وعبر عن أسفه لغياب المشروع العربي والإسلامي عن الساحة العراقية، وكذا المشاريع الدولية الإقليمية الأخرى، فالكل يتعامل مع العراق كواقع حال لأسباب عدة.
وأوضح بقوله إن ما يجري في العراق اليوم هو عودة إلى المربع الأول حيث التخادم الأمريكي الإيراني القاضي بتولي حزب الدعوة الحكم، حينما تمت تسمية السوداني رئيسًا للوزراء ظاهرًا، بينما الذي يحكم فعليًا هو الإطار التنسيقي، من خلال أبرز وأقوى شخصياته، وهي الشخصيات عينها التي استلمت الحكم منذ عام 2004، فماذا قدّمت للعراق حتى يستطيع السوداني اليوم أن يقدمه للشعب العراقي.
وعزا فشل حكومة السوداني إلى انها ليست خيار الشعب العراقي الذي قاطع الانتخابات الأخيرة في غالبيته العظمى، وحتى نتائج الانتخابات ضرب بها عرض الحائط، وأوتي بإحدى الكتل غير الفائزة وتم اختيار شخص منها لتشكيل الحكومة.
وعن التأثير والهيمنة الإيرانية على العراق قال الدكتور الضاري، لا يوجد تأثير بقدر ما هو احتلال إيراني للعراق “نحن نتحدث عن التأثير عندما يكون هناك بلد مجاور لبلد ويحاول ان يكون له نفوذا. لكن ما يجري في العراق هناك حالة تغول وهيمنة مستمرة منذ ساعات الاحتلال الاولى برضا أمريكي انتهت الى احتلال حقيقي إيراني للعراق المحتل من الولايات المتحدة. اليوم الإطار التنسيقي الذي يحكم أداة إيرانية صنعت وربيت ودعمت من إيران”.
وتساءل الدكتور الضاري: ما السر في أن حزب الدعوة المدعوم إيرانيا والذي يمت بصلة فكرية وسياسية ومذهبية الى إيران هو الذي يحكم العراق منذ عام 2004 الى الآن في ظل وجود استثناء فترات قليلة؟
وقال أين تجد هذا الاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران في أي بلد من بلداننا الأخرى في المنطقة، فهل قدر العراقيين أن تكون الأمور هكذا. الأمريكي والإيراني يتوافقون على حزب الدعوة الطائفي.
ووصف الدكتور الضاري حزب الدعوة بالطائفي ليس تجاه المكونات العراقية الأخرى المذهبية. وانما هو حزب طائفي وعنصري واقصائي حتى في داخل المنظومة الشيعية. وبينه وبين القوى والجهات الأخرى ما صنع الحداد. ويمثل حالة الاستقواء على الاخرين. ولذلك اعيد لحكم العراق من جديد.
وأشار إلى أن موقف هيئة علماء المسلمين في العراق مع القوى المناهضة للاحتلال، لا يعول على الانتخابات وعلى نتائجها وعلى النظام السياسي برمته وفق مبدأ “ما بني على باطل لا يمكن ان ينتج نتائج إيجابية”.
وقال ان الهيئة سبق وان عرضت مع القوى المناهضة للاحتلال مشروعها للخلاص الوطني الذي يقضي بالتغيير الكامل، يحتوي على برامج تفصيلية مطبوعة ومنشورة وموزعة على الجهات الدولية.
وقال إن هذا المشروع لا يستبعد كل الموجودين كما قد يتوهم البعض. وانما يتفق على عقد اجتماعي وسياسي عراقي. من يقبل به فمرحبا به، حتى من القوى الموجودة، ثم بعد ذلك ندخل مرحلة من العدالة الانتقالية بأي طريقة معينة ثم نصل الى توافق سياسي وانتخابات بعد كتابة دستور وما الى ذلك.
وأوضح بان القوى الحاكمة لا تريد الذهاب الى هذا الخيار بذريعة مصلحة العراق والاستمرار بالمهزلة السياسية القائمة التي تقترب من ربع قرن. لأنه سيصطدم بمصلحة هذه الأحزاب المهيمنة على مقدرات وخيرات وثروات العراق.
وشدد بقوله لا يمكن للنظام السياسي القائم أن يحقق للعراقيين ما يريدن، أما الانتخابات فتجري لإعطاء انطباع للعالم بوجود ديمقراطية في العراق، وان هناك توافق وعملية تداول سلمي للسلطة. بينما لا يوجد أمرا صحيحا من كل هذه المزاعم. وقد رفض العراقيون هذا النظام في تظاهرات اندلعت في مدن العراق منذ عام 2010.
ووصف التعويل على الانتخابات مجرد ضحك على الذقون لن ينطلي على العراقيين، لذلك قاطعوا الانتخابات السابقة والتي قبلها بوتيرة متصاعدة يوما بعد يوم.
وأشار في الحوار الذي قدم تحليلا عميقا للمشهد السياسي العراقي قبل وبعد تشكيل حكومة الاحتلال التاسعة برئاسة السوداني، إلى ما يسمى “حسن الظن” الخارجي بهذه الحكومة انه يؤول إلى لا شيء، بينما هناك حسن ظن ظاهري بين الأطراف المتفقة على العملية السياسية التي شكلت الحكومة، لأنهم اتفقوا على هذه الحكومة. غير ان هذا لا يكفي، بل يغفل ويغطي على الكثير من المشاكل في بنية الحكومة، فضلا عن الخلافات داخل الأطراف المكونة لها ولا سيما الإطار التنسيقي في موضوع توزيع بعض المهام التي لم تحسم.
وأضاف الدكتور الضاري أن حسن الظن لا يفيد في المفاهيم السياسية، وإنما في الواقع نحتاج الى حكومة حقيقية، حكومة نزيهة تقوم بمهامها، لا تخضع لضغوطات خارجية دولية وإقليمية، حكومة تملك امرها، حكومة يمكن أن تقضي على ملفات الفساد كما تدعي، حكومة لا تقوم على أساس المحاصصة والتوافقات السياسية بعيدا عن مصالح الشعب.
وأكد على أن العراق كبلد تراجع عقود طويلة الى الوراء، لا توجد فيه زراعة حقيقية ولا صناعة حقيقية ولا تجارة حقيقية. الواقع الصحي ليس مترديا وانما هو منهار تماما. الواقع التعليمي كذلك، العراق يتذيل كل القوائم الدولية. هناك حالة نكبة، بل نكبات في العراق تحتاج الى حكومات طوارئ في بلدان أخرى وليست حكومة تقليدية تشكلها نفس الأحزاب التي تسببت في هذه المشاكل.
وبشأن الفشل السياسي تساءل الدكتور الضاري: من الذي سيحكم بفشل الحكومة، ما هو معيار الفشل في العراق، مؤكدا على عدم وجود معايير في العراق.
وأوضح في اجابته على سؤال قناة “المستقلة” “العراق فيه نظام سياسي محمي دوليا وإقليميا ويراد له أن يسير هكذا، والا في مقاييس كل الدول والمنظمات الدولية يعد العراق بلدا فاشلا. ”
وانتقد الدكتور الضاري اعتبار التيار الصدري معارضا، بعدما تمت إزاحته من العملية السياسية بالكامل، موضحًا أن المعارضة تكون في داخل مجلس النواب، وهذا المجلس ليس فيه من التيار الصدري، ثم إن القوى السياسية التي في المجلس اتفقت جميعها على هذه الحكومة، وكل قوة منها رشحت وزيرًا وفق آلية التبادل والاستفادة؛ لذلك لا توجد معارضة، ولا يوجد نظام سياسي حقيقي في العراق، منبهًا على أن هذه نقطة ينبغي على العرب والمسلمين والعالم كله أن يعرفها بوصفها حقيقة ينبغي على الإعلام الواعي والملتزم والمستقل أن ينتبه لها.
وفي إجابة على سؤال متعلق بأداء السياسيين السنة في العملية السياسية قال الدكتور الضاري “لا يوجد أي أداء. وليست هناك قناعة بقدراتهم أساسا. وليست هناك قناعة بالطرق التي وصلوا فيها إلى مناصبهم. وليست هناك قناعة بالطرق التي من خلالها يبقون في تلك المناصب”.
وأضاف “الطبقة السياسية الأولى من السنة التي شاركت مع الاحتلال، رضيت لنفسها هذا الدور الشكلي، لكن غالب السنة من النخب والكفاءات والقيادات والرموز البارزة في المجتمع ابت على نفسها المشاركة بحكومة في ظل الاحتلال. لذلك ابتعدت منذ البداية الكفاءات الكبيرة عن الدخول في مستنقع العملية السياسية. من رضي ان يدخل للأسف رضي بأن يدخل ضمن المحددات والقواعد المرسومة للعملية السياسية وهم اليوم هوامش في سدة الحكم الثالثة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى