أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

سياسيون وعسكريون يتهربون من الإشارة إلى وصفة الفشل الأمريكي في العراق

تحليلات مخاتلة تهرب إلى الامام في ندوة معهد المجلس الأطلسي الأمريكي "الاضطرابات والانتقال: العراق بعد عشرين عاما من الغزو".

بغداد- الرافدين
تجنب سياسيون وعسكريون وباحثون وخبراء أمريكيون وعراقيون الإشارة الى منظومة الفشل التي أسسها الاحتلال الأمريكي للعراق بعد عشرين عاما من قيام القوات الغازية بتدمير دولة وتحت ذرائع كاذبة.
وركز المشاركون في مؤتمر “الاضطرابات والانتقال: العراق بعد عشرين عاما من الغزو”، الذي نظمه معهد المجلس الأطلسي الأمريكي الأسبوع الماضي، على تجنب حقيقة ما جرى بعد احتلال العراق وكيف تحولت شعارات الإدارة الأمريكية من تحويل العراق من “واحة للديمقراطية في المنطقة” إلى دولة تتصدر أعلى مراتب الفساد الدولي والفشل السياسي.
وباستثناء الاعتراف بالدور الإيراني الخبيث في العراق وفق تعبير بعض الباحثين، لم يتطرق المشاركون في المؤتمر الموسع إلى أكاذيب إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش، وإلى وصفة الفشل السياسي التي وضعت لإدارة شؤون العراق ومازالت مستمرة.
وحاول غالبية المشاركين الهروب إلى الامام وعدم الاعتراف بأن المشكلة في العراق تكمن في احتلال بلد تحت مسوغات كاذبة وتأسيس عملية سياسية بنيت على مفاهيم غير وطنية وتقسيم العراقيين وفق دستور كتبه المحتل ولا يمثل إلا من كتبه، من أجل السيطرة على ثروات البلاد.
ولم يتطرق المشاركون إلى نصيحتي دونالد رامسفيلد وكولن بأول إلى الرئيس جورج بوش أبان الاحتلال “الحرب تجلب الحرية” و “قسّم كي تسيطر” اللتان تختصران الاستراتيجية الأمريكية الحقيقية التي رسمت للعراق بعد الاحتلال.
وكان يجدر بالمشاركين منح الإدارة الأمريكية شهادة فشل عمرها 20 عاما في العراق والاعتراف بالهزيمة المضاعفة وفقدان الصبر الاستراتيجي بعد الهزيمة الشنيعة للقوات الأمريكية في أفغانستان.
وطغت على أحاديث المشاركين في المؤتمر الذي عقد على مدار يومين تكرار الكلام عن المأزق السياسي والأمني في العراق، من دون الذهاب مباشرة إلى أن الاحتلال الأمريكي أنتج احتلالا إيرانيا للعراق.
ولم يحدث مثل هذا التخادم والتنفيس عن الخلافات بين واشنطن وطهران، إلا في العراق، الأمر الذي يؤكد التواطؤ الإقليمي والدولي لإخراج العراق من دوره المؤثر في المنطقة.
وتحدث الجنرال المتقاعد في الجيش الأمريكي مايكل دي باربيرو، حول أهمية استمرار مساعدات الولايات المتحدة ودعمها للعراق شريطة معالجة الفساد والتعامل مع النفوذ الخبيث لإيران، الى جانب استمرار نشاط المخابرات الأمريكية ميدانيا في العراق.
وشدد باربيرو في مداخلته في المؤتمر على أهمية الحد من الفساد والتخلص منه في داخل المؤسسات الأمنية في حكومة إقليم كردستان، من دون أن يشير إلى أن مصدر الفساد السياسيون أنفسهم الذين جلبتهم القوات الأمريكية إلى العراق.
وقالت منال رضوان المستشارة في مكتب وزير الخارجية السعودي خلال مشاركتها في المؤتمر، إن وكلاء إيران في العراق ما يزالون يشكلون قضية أساسية مهددة للسلم والأمن الإقليميين والدوليين.
بينما كانت مشاركة رئيس جهاز مكافحة الارهاب عبد الوهاب الساعدي، تعبر عن هزالة التفكير وتجنب حقيقة ان سطوة الميليشيات المدعومة من إيران أقوى بكثير من القوات الحكومية التي يتحدث باسمها.
وقال الساعدي إن الجيش ما يزال يحتاج الى عملية تطوير كبيرة ويحاول القيام بذلك، من دون أن يشير إلى اختراقه من عناصر الميليشيات الطارئة والى الفساد الذي ينخر منظومته وتراجع القيم والمعايير العسكرية التي عرف بها الجيش العراقي منذ تأسيسه.
ودافع الباحث عباس كاظم المقرب من مرجعية السيستاني عن مرحلة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي في ورقة بعنوان “العراق في المنطقة”، مشددا على أن الضعف داخليا يفتح الباب أمام النفوذ والتدخل الخارجي.
وأكد على أهمية ان يتعافى العراق داخليا، من خلال التركيز على معالجة الانقسامات المدنية القائمة على أسس عرقية وطائفية. من دون أن يشير الى دور المرجعية في التقسيم الطائفي والتي يدافع عن خطابها في المحافل الأمريكية.
وطالب الباحث في جامعة بوسطن شاميران ماكو، في مداخلته، بإيجاد الوسائل من أجل استعادة الثقة عبر توفير الإصلاحات المؤسساتية الضرورية، واتباع سياسات تصالحية بشكل أكبر.
وقال ماكو إن ما يشهده العراق لم يكن ديمقراطية فاعلة، وانما لعبة النخبة فيما يتعلق بكيفية إدارة عمل الحكومة.
وأشار سنام وكيل، الباحث في معهد “تشاتام هاوس” البريطاني، الى ان إيران تعتبر اللاعب الأجنبي الأكثر أهمية في العراق حاليا.
وقال “الحقت هذه العلاقة ضررا كبيرا بالاستقرار الداخلي للعراق، حيث استخدمت إيران العراق لتعزيز طموحاتها الإقليمية الأوسع”.
وتناول مدير مجلس الإدارة في المجلس الأطلسي اولين ويثينغتون، الوضع غير المستقر في العراق والاخفاقات المستمرة، مقترحا الإصلاحات الدستورية للحل. من دون أن يحمل الولايات المتحدة مسؤولية ما وصل إليه العراق من وضع سياسي بائس وفاسد.
وأبرز ويثينغتون فكرة ان العراق برغم كونه دولة تعتمد على النفط، إلا أن التحديات الهيكلية ما تزال ماثلة، اضافة الى ان الفرص التي يمثلها القطاع الخاص ما تزال محدودة.
وقال إن الاحتجاجات الواسعة تعني أن هناك مظالم عامة وفقدان للصبر، خاصة بين الشبان، لافتا الى “الهشاشة السياسية” بسبب عدم التمكن من تشكيل حكومة جديدة طوال أكثر من عام منذ الانتخابات الاخيرة.
بينما أعترف الدبلوماسي السابق فيصل الاسترابادي، الذي كان أحد أذرع بول بريمر الحاكم الأمريكي اثناء احتلال العراق، في مداخلته “ان الفساد في العراق سيظل مستمرا ولن يتحقق اصلاح كبير”.
وقال ليث كبة الذي عمل في حكومة إبراهيم الجعفري التي أدارت أكبر عملية قتل طائفية على الهوية في العراق أن “النظام المختل” لم يتمكن من إصلاح نفسه من الداخل، الا ان شباب العراق يجبرون النظام على التغيير.
ولفت النائب السابق في البرلمان سركوت شمس الدين، الى وجود مستقلين وإنما “عديمي الكفاءة” داخل النظام السياسي في العراق، وهو ما من شأنه ان يتسبب بعدم الدقة في عملية صناعة القرار داخل البرلمان.
وقال إن البرلمان ما يزال فعليا تحت سيطرة الأحزاب السياسية الكبيرة أو “اللاعبين الأساسيين”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى