أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

أسر المغيبين تطالب لجنة الاختفاء القسري الأممية بعدم الاكتفاء بشهادات الحكومة

لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة: العراق يضم أكبر عدد من حالات الاختفاء القسري عالميا، وسط تقاعس حكومي.

بغداد- الرافدين
ناشدت أسر الاف المغيبين في مدن بغداد وصلاح الدين والانبار والموصل وديالى، لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري التي ستزور العراق، إلى الاستماع الى شهادات افراد من اسر المغيبين والمنظمات الشعبية وعدم الاكتفاء بتقارير السلطات التي تزيف الحقائق.
وطالبت منظمات مجتمع مدني وشخصيات اجتماعية وعشائرية اللجنة التي ستزور المدن المنكوبة للفترة من الثاني عشر من تشرين الثاني لغاية الرابع والعشرين من الشهر نفسه، بعدم الاكتفاء بالتقارير الرسمية لأن هناك مأساة مستمرة منذ عشرين عاما لأسر لا تعرف مصير أبنائها.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة في جنيف ان اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري مكونة من رئيسة اللجنة ونائبيها وموظفين دوليين. ستبحث عند زيارة مدن عراقية الوسائل الكفيلة بمعالجة حالات الاختفاء القسري.
وستزور اللجنة العاصمة بغداد ومحافظات الأنبار وأربيل والموصل للقاء الضحايا وممثلين عن منظمّات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، فضلاً عن المؤسسات الوطنية والحقوقية.
كما سيجري أعضاء اللجنة مناقشات مع المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم المسؤولين عن التحقيق في حالات الاختفاء القسري ومنعها، وأولئك الذين يعملون على تحديد مكان الأشخاص المختفين، والمسؤولين عن وضع وتنفيذ السياسات العامة ذات الصلة.
وسيحضر الخبراء عمليات استخراج الجثث من قبل السلطات. بالإضافة إلى ذلك، سيزور الوفد أماكن الحرمان من الحرّية مثل السجون ومراكز الاحتجاز لفحص كيفية عمل أنظمة التسجيل فيها، حيث يعتبر تسجيل الأشخاص المحرومين من حرّيتهم وسيلة أساسية لمنع الاختفاء القسري.
في غضون ذلك يواصل مركز جنيف الدولي للعدالة دوراته التدريبية لتقديم الدعم لمنظمّات المجتمع المدني العراقي وأساتذة الجامعات والمحامين الذين سيشاركون في الاجتماعات مع اللجنة بما يكفل طرح القضايا بطريقة قانونية وموضوعية.
وذكر مصدر في مركز جنيف الدولي للعدالة في تصريح لقناة “الرافدين” “تأتي الدورات ضمن مشروع تعزيز المجتمع المدني وسيادة القانون في العراق كأداة لبناء السلام الذي ينفذه المركز بالتعاون مع منظمات دولية، وبتمويل من معهد العلاقات الخارجية الألماني IFA وبدعم وزارة الخارجية الألمانية”.
وسبق أن أكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان، أن ملف الاختفاء القسري في العراق مرتبط بالقضايا السياسية بالدرجة الأساس.
وأشار إلى أن الإحصاءات المتوفرة منذ 2014 وحتى 2020 تتحدث عن وجود نحو 11 ألف حالة تبليغ عن مفقودين في العراق، مشيرًا إلى أن هذه الأرقام ليست حقيقية، لأن هناك الكثير من العائلات تخشى التبليغ خوفًا من الأحزاب السياسية والميليشيات، أو لعدم الثقة بالمؤسسات الحكومية.
ولفت المرصد إلى أن الحكومات المتعاقبة بعد 2003 لم تتعاطَ بشكل جدي وحقيقي مع ملف الاختفاء القسري، واكتفت بمجرد تشكيل لجان لم تعمل بطريقة حقيقية، وبالتالي لم تثمر عن أية نتائج إيجابية.
وكانت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قد حذرت في تقريرها الدوري بشأن حقوق الإنسان في العراق من تداعيات عدم إنهاء قضية الاختفاء القسري وعمليات التعذيب والإعدامات.
وذكرت اللجنة الأممية أن العراق لا يزال يضم أكبر عدد من حالات الاختفاء القسري عالميًا، وسط تقاعس حكومي عن ضمان وقف هذه الممارسة أو توفير سبل الإنصاف للعائلات المتضررة من ذلك.
وأضافت أن هناك أدلة عن سوء معاملة السجناء وانتزاع الاعترافات من المعتقلين تحت التعذيب.
وسبق أن وصفت صحيفة “واشنطن بوست” وعود الحكومات في بغداد فيما يخص إنهاء ظاهرة المختفين قسريًا بمجرد كلام.
وقالت الصحيفة إن رؤساء الحكومات تعهدوا علنًا بالتحقيق في حالات المخفيين قسرًا ومعاقبة مرتكبيها، لكن لم يتحقق شيء يذكر من تلك الوعود، واستمرت حالات الإخفاء القسري لمواطنين عراقيين دون حساب.
وتؤكد بيانات جماعات حقوق الإنسان أن الميليشيات في العراق لا تعمل تحت مظلة قوات الأمن الحكومية وشرعت لنفسها قانونها الخاص حتى باتت تطارد وتستهدف المعارضين وتخفيهم قسرًا.
وارتكبت ميليشيا العصائب برئاسة قيس الخزعلي جرائم التغييب القسري ضد أكثر من 55 ألف شخص، في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى والتأميم وحزام بغداد.
ومن ضمن هؤلاء المغيبين من تمت تصفيتهم أو بيعت أعضائهم البشرية من قبل الميليشيا، وكذلك من ضمنهم من تمت مساومة ذويهم من أجل تسليم جثثهم، بينما السلطات الحكومية مسلوبة الإرادة أمام نفوذ هذه الميليشيات، ولم تقم بأي دورٍ تجاه هذه الأعداد من المغيبين.
وقالت الباحثة في منظمة “هيومن رايتس ووتش” بلقيس ولي إن اللجنة المعنية بالإخفاء القسري التابعة للأمم المتحدة أكدت وجودَ إخفاء قسري وانتشار للسجون السرية في العراق.
وأوضحت والي أن اللجنة قلقة من نقص المعلومات الموثوقة بشأن حالات الإخفاء القسري والعددِ الهائل من الجثث المجهولة والمقابر الجماعية، فيما حثت على إنشاء قواعد بيانات لتتبع هذه الحالات.
وشددت على أن اللجنة سلطت الضوء على تقاعس البرلمان عن إقرار قانون، من شأنه تعزيز الحماية وإنهاءُ حالة الإفلات من العقاب، داعية إلى إدراج جريمة الإخفاء القسري في التشريعات الجنائية وضمانِ عدم احتجاز أي شخص في مكان سري.
وكشف المحامي والباحث القانوني والناشط في قضايا الدفاع عن حقوق الإنسان أحمد أصلان، حجم جرام الاختفاء القسري التي ترافقها ظاهرة الإفلات من العقاب في العراق.
ولفت أصلان في ندوة نظمها قسم حقوق الانسان في هيئة علماء المسلمين في العراق، إلى أن لجنة الأمم المتحدة أكّدت عدم وجود بيانات موثوقة عن حالات الاختفاء القسري والكمية الكبيرة من الجثث مجهولة الهوية وانتشار المقابر الجماعية، على الرغم من تلقيها بلاغات عن 420 مكانًا للاحتجاز السري في عموم العراق.
وعرض أصلان في الندوة التي أقيمت بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري بالعاصمة الأردنية عمان، تحت عنوان “مئات الآلاف من الأمهات في العراق لا يعرفنَ مصير أبنائهن” حالات الاختفاء القسري في العراق التي أجمعت بشأنها كل التقارير الدولية على اعتبارها ظاهرة حتى أصبحت موجة اجتاحت معظم المحافظات في العراق.
وبين أن ذلك جاء نتيجة عدد من العوامل، من بينها حالة الحرب المستمرة والنزاعات المسلحة الداخلية السياسية والطائفية وانتشار فوضى السلاح وسيطرة لمليشيات على مساحات شاسعة من البلاد في ظل مناخ يمتاز بعدم الاستقرار السياسي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى