أحكام بالإعدام تستند على وشيات كيدية وطائفية للمخبر السري في العراق
النائب محمد نوري العبد ربه: العشرات من أبناء محافظة نينوى صدرت ضدهم أحكام الإعدام إثر وشايات دون وجود أي أدلة تدينهم.
بغداد ــ الرافدين
حذرت مصادر حقوقية من استمرار حملات الإعدام للمعتقلين بوشاية المخبر السري، في وقت تشوب المنظومة القضائية عيوبًا تفتقد فيها المحاكمات لمعايير العدالة الأساسية وعدم توفر وسائل الدفاع عن المعتقلين لدرجة يصبح فيها المحامي نفسه قيد الاتهام والتهديد.
ونددت المصادر بالإجراءات الانتقامية التي تمارسها السلطات بحق المعتقلين داخل السجون، مؤكدة أن موجة أحكام الإعدام الجديدة، والتي برزت في مدينتي الناصرية والموصل دلالة صارخة على مضي حكومة محمد شياع السوداني بالنهج الاستبدادي القائم منذ عام 2003، من خلال إصدار الأحكام القسرية ضد المعتقلين.
وأفاد مصدر أمني بإعدام سبعة أشخاص بذريعة الإرهاب، في سجن الناصرية بمحافظة ذي قار.
وقال المصدر إن عمليات الإعدام جاءت بعد اكتساب أحكام المدانين الدرجة القطعية، والمصادقة عليها من قبل رئيس الجمهورية.
يأتي ذلك بالتزامن مع تأكيد النائب عن محافظة نينوى محمد نوري العبد ربه، بأن العشرات من أبناء المحافظة قد صدرت ضدهم أحكام الإعدام إثر وشاية المخبر السري.
وقال العبد ربه، إنه حصل على ملفات تخص عشرات المعتقلين من محافظة نينوى وقد حكموا بالإعدام استنادًا لشهادة المخبر السري فقط دون وجود أي أدلة تدينهم.
وسبق وأن ذكر قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق أن أحكام الإعدام في العراق تصدر خلال محاكمات سريعة تفتقر لأبسط معايير المحاكمات العادلة، وأن معدلات الحكم بالإعدام شهدت ارتفاعًا يزيد على ثلاثة أضعاف عن العام السابق.
وأكد على امتلاكه كمًا هائلًا من الشهادات ذات المصداقية العالية والأدلة الدامغة على استمرار التعذيب الوحشي على نطاق واسع، وسط إفلات مطلق للمسؤولين من العقاب مع غياب واضح لأي رادع قانوني.
وأشار قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في تقرير دوري إلى أن السجون الحكومية في العراق تتصف بالاكتظاظ والتعذيب الوحشي المتكرر والإهمال الطبي المتعمد والابتزاز الممنهج.
وتنتقد المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، ملف حقوق الإنسان في العراق، لا سيما لجهة أحكام الأعدام التي تصدر بين فترة وأخرى دون خضوع المعتقلين لمحاكمات عادلة.
وتجمع المراكز الحقوقية والمنظمات الدولية على أن المحاكمات التي تجري في العراق لا تستند لقانون أصول المحاكمات، وأن الإعدامات هي إجراءات انتقامية بدوافع طائفية لا تمت للقانون بأي صلة.
وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي عمر العجلوني “ينبغي على المجتمع الدولي أن يقوم بالضغط على منظومة القضاء في العراق، لوقف عمليات الإعدام العشوائية للمعتقلين داخل السجون الحكومية”.
وأضاف العجلوني في تصريح لقناة “الرافدين” أن الإعدامات في العراق هي نهج متبع من قبل الحكومات المتعاقبة، تنفيذًا لأجندات خارجية.
وأكد على وجود وثائق تثبت تنفيذ الميليشيات إعدامات لمدنيين في سجونها السرية خارج إطار القانون.
يذكر أن السلطات في العراق اعتمدت نظام المخبر السري خلال عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، خصوصًا في محافظات وسط وغرب العراق بدوافع طائفية وبذريعة الإرهاب.
واعترف رئيس مجلس القضاء الأعلى آنذاك مدحت المحمود بوجود قرابة 500 مخبر سري في بغداد زودوا المحاكم بأخبار كاذبة.
وقالت منظمة العفو الدولية، إن العراق ضمن الدول الأكثر تنفيذًا لأحكام الإعدام، مشيرة إلى أن العراق احتل المرتبة الخامسة عربيًا من حيث التنفيذ.
وذكرت المنظمة في تقريرها السنوي لعام 2021، أن عدد الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، وصل إلى ما لا يقل عن 8000 شخص، بناء على بيانات حكومية رسمية حصلت عليها المنظمة، لافتة إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أكبر من ذلك بكثير، بسبب صعوبة الحصول على أرقام حقيقية، نتيجة وجودِ تعتيم كبير على أعداد المعتقلين.
وتسجل السجون الحكومية ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد المعتقلين المتوفين في ظروف غامضة، في ظل الظروف المأساوية التي يمر بها المعتقلون في السجون الحكومية، بحسب منظمات حقوقية دولية.
ويؤكد المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب عن تعرض المعتقلين في السجون الحكومية لانتهاكات إنسانية صارخة.
ووثق المركز استخدام القوات أساليب تعذيب عديدة مع المعتقلين في السجون الحكومية، حيث جرى استخدام الضرب بالعصا والصعق بالتيار الكهربائي، وإغراق المعتقلين في براميل المياه، بالإضافة إلى الألفاظ النابية والطائفية، لافتًا إلى تعرض العديد منهم للكسور والإغماء.
ونبه المركز الحقوقي إلى أن الوضع في السجون الحكومية في العراق خطير جدًا، لكثرة عمليات القتل فيه خارج الأطر القانونية، واستمرار عمليات التعذيب الممنهجة بحق المعتقلين والتي لا يمكن السكوت عنها.