أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

السوداني يهرب من لوردات فساد القطاع الصحي إلى معاقبة الأطباء الصغار

نقيب سابق لأطباء العراق: زيارة محمد شياع السوداني لمستشفى الكاظمية استعراض إعلامي فج لا يمت بصلة لطرق المراقبة والإصلاح التي يفترض أن تنتهجها الحكومات.

بغداد- الرافدين
وصف نقيب سابق للأطباء العراقيين زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لمستشفى الكاظمية بـ “الاستعراض الإعلامي الفج والسطحي” ولا يمت بصلة لطرق المراقبة والإصلاح التي يفترض أن تنتهجها الحكومات.
وقال النقيب السابق في تصريح لقناة “الرافدين” مفضلا عدم الكشف عن هويته لأنه يعيش في بغداد “الحكومات تضع الخطط وترسم الاستراتيجيات للقطاع الصحي، ولا تعالج الفساد بقرارات تدغدغ مشاعر الجمهور ونقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
وشدد الطبيب الذي تقلد مناصب في مستشفيات بغداد والموصل والمثنى وترأس نقابة الأطباء من منتصف الثمانينات حتى بداية التسعينات، على أن القطاع الصحي في العراق يعطي صورة واضحة عن الفشل الحكومي منذ عام 2003 إلى اليوم.
وتساءل النقيب السابق الذي يدير مستشفى خاصا في العاصمة بغداد، ان السوداني يدرك أين يكمن الفساد في وزارة الصحة التي كانت حصة أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي التي يمثلها، وشهدت أكبر صفقات الفساد في تاريخ العراق المعاصر، فلماذا لا يذهب مباشرة ويقطع دابر الفساد الذي هو جزء منه وناطقا باسمه.
وعبر عن اعتقاده ان مشكلة القطاع الصحي في العراق أكبر بكثير من طريقة تفكير ومعالجة السوداني الذي اختصرها بنقل الأطباء الخفر، مؤكدا على أن استعراضه الإعلامي حتى وأن كان بنيات سليمة لا يذهب الى حقيقة المشكلة التي يمثل جزء منها، بقدر ما يهرب منها.
وكان السوداني قد قام بزيارة الى مستشفى الكاظمية ومررت الدعاية الإعلامية المحيطة به فيديو مصور بعدسة هاتف يعبر فيه عن نقمته على واقع الخدمات في المستشفى.
وأثار الفيديو تهكم وسخرية العراقيين واصفين الزيارة بالاستعراضية التي لا تغير من الواقع الصحي المنهار.
وقالت ناشطة عراقية “لا يوجد ما يبرر قول رئيس الوزراء بعد زيارته لمستشفى الكاظمية الله لا يوفقنا على هذه الخدمة، أليس هو ابن العملية السياسية منذ 2003”.
وتساءلت في تغريدة على حسابها في تويتر “ألم ير كيف خرج المرضى جثث متفحمة من مستشفى الحسين وابن الخطيب بسبب الإهمال، ألم يكن فساد الحكومات المتعاقبة والبرلمان هو السبب”.
جدير بالذكر ان القطاع الصحي في العراق منهار كليا بسبب صفقات الفساد التي أديرت بميزانيته.
ولا تعاني وزارة الصحة نقصًا في المال، وبحسب ميزانية العراق لعام 2021، فقد تم تخصيص 1.3 مليار دولار على الأقل في السنوات الأخيرة لبناء المستشفيات، لكن لصوص الدولة وقادة الميليشيات يستحوذون على النسبة الأعلى من تلك التخصيصات.
وقال مسؤولون حاليون وسابقون، تحدثوا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفًا من الانتقام، إن الفساد مستشر وإن “الأموال المخصصة لكل شيء، بدءًا من شراء الأدوية إلى بناء المستشفيات، يتم إهدارها من قبل مسؤولين ورجال أعمال، وأفراد من جماعات سياسية أخرى”.
وقال الطبيب أحمد سلمان مشتت إن القطاع الصحي في العراق شبه منهار ولم يتم أي استثمار حقيقي للحكومة فيه ولم تتم إدامة ما يتوفر من مستشفيات بني أغلبها قبل ثلاثين عامًا ولا توجد أي مخططات لتطويرها.
وأضاف مشتت في تصريح سابق لقناة “الرافدين” أن “شروط السلامة مفقودة تمامًا في غالبية مستشفيات العراق”
وأوضح أن “الميزانية التي تخصص لوزارة الصحة ضئيلة جدًا لا تتناسب مع مقدرات البلاد وثرواته الهائلة، فالفرد العراقي حصته من الميزانية المخصصة لرعايته تتراوح حوالي 152 دولارا مقارنة بالفرد في إيران أكثر من 350 دولارا وفي الأردن 260 دولارا”.
وذكر مشتت أن “الفرد العراقي ينفق 70 بالمائة من مبلغ الرعاية الصحية من جيبه الخاص وبناءً على توصيات منظمة الصحة العالمية لابد أن يكون الرقم أقل 30 بالمائة لمنع الفقر والعوز”.
ويتعرض الأطباء العراقيون لمصاعب تفوق النقص في الأدوية والمعدات وأحيانا حتى الأسرة النظيفة في المستشفيات.
وقال 87 بالمائة من الأطباء في بغداد إنهم تعرضوا للعنف في العمل، في حوادث بعضها ينطوي على أسلحة، ومعظمها على أيدي أقارب المرضى.
وأشارت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير موسع عن أوضاع المستشفيات في العراق إلى دراسة استقصائية حديثة وجدت أن 87 بالمئة من أطباء بغداد تعرضوا للعنف في الأشهر الستة السابقة.
وقالت الأغلبية منهم إن العنف ازداد منذ بداية وباء كورونا، وإن ثلاثة أرباع الهجمات ارتكبها مرضى وعائلاتهم.
ويرى مراقبون أن حالة التردي التي تسيطر على القطاع الصحي، هي نتيجة متوقعة لسوء الإدارات المتعاقبة على وزارة الصحة، المتورطة بسلسلة من الصفقات المشبوهة والتي يماط عنها اللثام بين الحين والآخر.
وقالوا إن ماكنة الفساد في وزارة الصحة مستمرة مع استفحال ظاهرة الإفلات من العقاب، وتقديم المصالح الشخصية والحزبية على حياة المواطن، لافتين إلى أن جميع العقود المبرمة في وزارة الصحة تحوم حولها العديد من علامات الاستفهام، وكان أبرزها في حقبة وزيرة الصحة عن التيار الصدري عديلة حمود، باستيراد 26140 نعلًا طبيًا بقيمة 900 مليون دولار، بالوقت الذي تعاني البلاد من نقص حاد في المركز الصحية وانعدام الرعاية الصحية.
وقال النائب السابق عباس الزاملي “إن سيطرة مافيات الفساد على وزارة الصحة، وسوء الإدارة في غالبية المستشفيات الحكومية وصفقات الأدوية الفاسدة، تدفع العراقيين الفقراء ثمنها من جيوبهم”.
وأضاف أن “طبقة الدخل المحدود لا تملك ثمن العلاج، وهذا الأمر خطير جدًا ويمكن أن يؤثر على حياة الناس”.
من جهته قال النائب السابق حامد المطلك، إن المبالغ التي تخصص لوزارة الصحة لو أنفقت بالشكل الصحيح لكانت المستشفيات الحكومية وخدماتها أفضل مستشفيات المنطقة، لكنها تذهب إلى جيوب الفاسدين بطرق مختلفة.
وسبق وأن كشف تقرير لصحيفة واشنطن بوست، عن تردي نظام الرعاية الصحية في العراق ووصلت آثاره إلى مستشفى سرطان الأطفال في البصرة الذي تم إنفاق 100 مليون دولار على تجهيزه.
وبعد 18 عامًا، تقول الصحيفة إن المستشفى “أصبح ضحية لنظام رعاية صحية مليء بالفساد والإهمال”.
ونقلت عن مسؤولين عراقيين سابقين وحاليين قولهم إنه “بعد عقود من الحروب والعقوبات الدولية التي ضربت القطاع الطبي، يقوم اليوم جيش من المحتالين بسرقة تطلعات العراقيين إلى حياة صحية”.
ونقلت الصحيفة عن عاملين حاليين وسابقين في مستشفى سرطان الأطفال قولهم إن الفساد المالي يحول دون شراء أدوية السرطان وصيانة الأجهزة الطبية الحيوية.
وقال موظفو المستشفى السابقون إن بعضًا من السياسيين “راقبوا عملية الشراء وسعوا لتأمين عقود لحلفائهم. وعندما حاول موظفو المستشفى خفض تكاليف العقد، تم الإبلاغ عن ذلك لممثلي الشخصيات السياسية القوية”.
وقال مسؤول سابق بالمستشفى “شعرت أنني كنت بين نارين، كنت أرغب في خدمة هؤلاء الأطفال، ولكن من ناحية أخرى، كنت أحارب الأشخاص الفاسدين الذين يريدون سرقة أموالهم وحياتهم”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى