أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حكومة السوداني تتهرب من الحقائق بشأن مصير آلاف المغيبين قسرًا

الدكتور أيمن العاني: الزيارة الثانية للجنة الأممية المعنية بحالات الاختفاء القسري للعراق اعتراف صريح بعدم تحقيق أي تقدم في هذا الملف.

بغداد –الرافدين
شككت مراكز حقوقية من تحقيق خطوات جادة في ملف الاختفاء القسري في العراق، في وقت تواصل حكومة محمد شياع السوداني التهرب من فتح ملف المغيبين لأنها ستكون مع الميليشيات الطائفية أول المدانين بتلك الجرائم الإنسانية.
يأتي ذلك بالتزامن مع زيارة اللجنة المعنية بالاختفاء القسري التابعة للأمم المتحدة إلى العراق في الفترة من الثاني عشر إلى الرابع والعشرين من تشرين الثاني.
واجتمع أعضاء اللجنة الأممية بمسؤولين في وزارة الخارجية في بغداد الاثنين من دون إصدار أي بيان، فيما قال هشام العلوي رئيس قسم حقوق الإنسان في وزارة الخارجية “استعرضنا جهود الحكومة للتعامل مع الطلبات المقدمة من قبل اللجنة، وآليات التحقيق في دعاوى الاختفاء القسري؛ وأكدنا استعدادنا للتعاون من أجل غلق أكبر عدد ممكن من الحالات التي يجري متابعتها حاليًا”.
ومثل تصريح العلوي إحدى وسائل الحكومة بالهروب إلى الأمام من ملف يمس حياة مئات الآلاف من الأسر العراقية التي تعاني من فقدان أبنائها.
وذكر بيان رسمي للجنة المعنية بالاختفاء القسري التابعة للأمم المتحدة إبان زيارتها إلى بغداد “تقدر السلطات العراقية أن عدد الأشخاص المختفين خلال عقود من النزاع وانتهاكات حقوق الإنسان يمكن أن يتراوح بين 250 ألفًا وأكثر من مليون”.
غير أن منظمات المجتمع المدني العراقية ترى أن الأرقام الحكومية أقل بكثير من الواقع، وأن حكومة بغداد لا تبالي بآلام أسر المغيبين لأنه بمجرد فتح هذا الملف تدين نفسها كما ستكشف دور الميليشيات في عملية ممنهجة.
ورفض أعضاء اللجنة المكونة من كارمن روزا فيلا كوينتانا، رئيسة الوفد، وباربرا لوشبيهلر نائبة رئيسة اللجنة، ومحمد عياط نائب رئيسة اللجنة، الإدلاء بأي تصريح صحفي بعد الاجتماع مع وفد في وزارة الخارجية ببغداد، ووعدت اللجنة بإصدار بيان في ختام الزيارة.
وسيتوجه الوفد الأممي إلى الأنبار وأربيل والموصل للقاء أسر الضحايا ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، فضلاً عن المؤسسات الوطنية والحقوقية.
ويعزى تصدر العراق أعلى معدلات الاختفاء القسري في العالم، إلى سيطرة ميليشيات على مفاصل في الحكومة وتنفيذها أجندة إقصائية وديموغرافية في مدن عراقية.
ولا تسمح الأجهزة الأمنية بفتح تحقيقات فعلية بخصوص جرائم الاختفاء القسري، لمشاركتها مع الميليشيات في تلك الجرائم والتستر عليها.

مجاهد الطائي: هناك تواطؤ داخلي وخارجي على عدم فتح ملف الاختفاء القسري

وتمارس الأجهزة الأمنية التمييز مع أهالي المغيبيين قسرًا، خصوصًا في المناطق التي يعاني أهلها من حالات التغييب لذويهم.
وتقوم الميليشيات بحملات ابتزاز لذوي المغيبين من خلال تسريب بعض المعلومات عن المختفين مقابل آلاف الدولارات، ليكون مصدرًا دخل لتلك الميليشيات.
ولفت مراقبون إلى أن الظروف الداخلية والخارجية ترغب باستمرار النظام في العراق ومنحه الشرعية، وعندما يحين الوقت لنزع الشرعية عنه سيحاسب المجتمع الدولي النظام على التهاون لإدانته وإسقاطه.
وأكدوا على أن مرتكبي جرائم الاختفاء القسري هم أنفسهم الذين يحمون المصالح والنفوذ الإيراني، وبالتالي هم محميون إيرانيًا.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن اللجنة المعنية بالاختفاء القسري التابعة للأمم المتحدة كانت قد أكدت وجود تغييب قسري وانتشار للسجون السرية في العراق.
ولفتت المنظمة إلى أن اللجنة سلطت الضوء على تقاعس البرلمان، عن إقرار قانون من شأنه تعزيز الحماية، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب، داعية إلى إدراج جريمة التغييب القسري في التشريعات الجنائية، وضمان عدم احتجاز أي شخص في مكان سري.
وقال مسؤول قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور أيمن العاني إن “الزيارة الثانية للجنة الأممية المعنية بحالات الاختفاء القسري للعراق، لها دلالة أن الجهات الحكومية لم تلتزم بمخرجات وتوصيات الزيارة الأولى، على الرغم من المجاملات وتخفيف وطأة ما يجري في العراق ويعد أيضًا اعتراف صريح بعدم تحقيق أي تقدم في ملف الاختفاء القسري بالبلاد”.
وأضاف العاني في تصريح لقناة “الرافدين” أن “لا يوجد في العراق منذ عام 2003 وإلى الآن قانون يجرم الاختفاء القسري، وقضايا حقوق الإنسان تتقاطع معها الإرادات السياسية الدولية “.
وأوضح “على الرغم من كثرة المعوقات، ولكن نحن ندعم أي تحرك أو تحقيقات في ملف الاختفاء القسري، والتي لربما تشكل وجهًا من أوجه الضغط على الحكومة وتحدث تحسنًا طفيفًا ينعكس على الضحايا وأسرهم”.
وكتب الباحث السياسي مجاهد الطائي “الاختفاء القسري له غايات سياسية ببث الرعب والخوف، وفي العراق هناك رغبة ببث الرعب والخوف الطائفي المغطى بمحاربة الإرهاب”.
وأضاف الطائي في تغريدة على حسابه في تويتر “هناك تواطؤ جماعي داخليا وخارجيا في عدم فتح ملف الاختفاء القسري”.
وأشار إلى أن هناك مساعي لتحويل ملف الاختفاء القسري المرتبط بالمقابر الجماعية من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، إلى ملف الجرائم الجنائية كممارسات فردية.

إيناس زايد: التغييب القسري في العراق جريمة ممنهجة وليست حالات فردية

وقالت الناشطة الحقوقية إيناس زايد خلال مشاركتها في برنامج تحت الضوء والذي يبث على قناة “الرافدين” إن “الأعداد الكبيرة للمختفين قسريًا والتي تشير إليها التقارير الدولية بوجود ما يقارب 250 ألف إلى مليون عراقي مغييب، تبين حقيقة أن التغييب في العراق جريمة ممنهجة ولا يمكن أن تكون أبدًا حالات فردية”.
وأشارت إلى أن الجهات الحكومية تقوم بتوفير الغطاء لممارسات الميليشيات وعدم مساءلة المجرمين أو إحالتهم إلى القضاء.
وشددت على ضرورة قيام ذوي المغيبين على تحريك قضاياهم في المحاكم القضائية حتى وإن كنا نعلم
مسبقًا بعدم تحقيق أي إجراء قانوني، ولكن من المهم جدًا تثبيت حوداث الاختفاء ومحاولة تدويل قضاياهم من خلال تزويد المنظمات المعنية بحقوق الإنسان بالوثائق والأدلة اللازمة والإصرار على عرض تلك الملفات للجنة الأممية.
وسبق أن جدد قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين دعوته إلى محاسبة
المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المغيبين قسرًا، مؤكدًا أن “أبناء العراق الأحرار
يتعرضون إلى اعتقالات تعسفية وإخفاء قسري، إلى جانب التهديدات والاعتداءات وعمليات النفي وكل ذلك بمرأى ومسمع الجهات الحكومية”.
وقال مدير منظمة الكرامة لحقوق الإنسان في جنيف المحامي رشيد مصلي، الذي شارك في ندوة سابقة لقسم حقوق الإنسان في الهيئة “إن السلطات الحكومية في العراق غير جادة في محاسبة المتورطين بجرائم التغييب والاختفاء القسري، مشيرًا إلى التواطؤ الواضح بين الحكومات المتعاقبة والميليشيات التي ترتكب هذه الجرائم”.
وذكر المرصد العراقي لحقوق الإنسان، أن ملف الاختفاء القسري في العراق مرتبط بالقضايا السياسية بالدرجة الأساس.
وبحسب المرصد، فإن الإحصاءات المتوفرة للفترة من 2014 إلى 2020 تتحدث عن وجود نحو 11 ألف حالة تبليغ عن مفقودين في العراق، مبينًا أن هذه الأرقام ليست حقيقية، لأن هناك الكثير من العائلات تخشى التبليغ خوفا من جماعات سياسية أو ميليشيات، أو ربما لعدم الثقة بالمؤسسات الحكومية.
ولفت المرصد الى أن الحكومات المتعاقبة بعد 2003 لم تتعاط بشكل جدي وحقيقي مع ملف الاختفاء القسري، واكتفت بمجرد تشكيل لجان لم تعمل بطريقة حقيقية، وبالتالي لم تثمر عن أية نتائج.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى