الأمم المتحدة: تصحر أرض الرافدين يضع سبل عيش العراقيين على المحك
المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في العراق غلام إسحق زاي يؤكد أن العراق يشهد ثاني أكثر مواسمه جفافًا منذ أربعين عامًا.
بغداد – الرافدين
جددت المنظمات الدولية مخاوفها من تحول العراق إلى بلاد متصحر وتلاشي أراضيه الزراعية الخصبة بالكامل.
وقال المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في العراق غلام إسحق زاي إن العراق يشهد ثاني أكثر مواسمه جفافًا منذ أربعين عامًا.
وأرجع المسؤول الأممي ذلك إلى الانخفاض الكبير بمعدل هطول الأمطار فضلًا عن تراجع تدفقات المياه من نهري دجلة والفرات التي توفر ما يصل إلى 98 بالمائة من المياه السطحية في العراق.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن جفاف الأهوار مع انخفاض منسوب مياه الأنهار واندفاع مياه البحر باتجاه الأراضي الجنوبية مع تهديد الملوحة للزراعة، يضع سبل عيش مجتمعات بأكملها وحتى وجودها على المحك.
وأضاف أن تغير المناخ في العراق يمثل تهديًا خطيرًا لحقوق الإنسان الأساسية ويضع عوائق أمام التنمية المستدامة ويفاقم التحديات البيئية والأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد.
وتتجاهل الحكومات المتعاقبة منذ 2003 مشكلة الجفاف وتدهور القطاع الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية رغم التقارير المثيرة للقلق من وكالات الأمم المتحدة وخبراء البيئة.
وأكد تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر أن التصحر يؤثر على نحو 40 بالمائة من مساحة الأراضي الزراعية في العراق، كما حول آلاف الدونمات إلى أراضٍ جرداء وقاحلة.
ونقلت اللجنة عن مواطنين في محافظتي النجف والقادسية قولهم، إن أراضيهم الزراعية وبعد أن كانت مشهورةً بزراعة أجود أنواع الرز والقمح، أصبحت أراضيَ قاحلة بسبب الجفاف وانخفاض مناسيب المياه، فيما أكدوا أنه من الممكن انقراض زراعة هذه المحاصيل العراقية الشهيرة خلال الفترة القادمة.
ويشير تقرير اللجنة إلى أن “الإنتاج الغذائي في العراق يعتمد على زراعة المحاصيل من قبل أصحاب الحيازات الصغيرة، والتي كانت في العادة تغطي احتياجات سكانه، وعلى كل حال، أسهم العديد من العوامل مثل النزاعات المسلحة والتغير المناخي وشحة المياه خلال السنوات الماضية في الإضرار باستدامة القطاع الزراعي”.
وفيما يتعلق بمياه الشرب فقد تناقصت إمكانية وصول العائلات إلى مياه الشرب والاستخدامات اليومية بشكل كبير جدًا وخصوصًا في محافظة البصرة.
وكذلك، فإن العائلات باتت مرغمة على الاعتماد أكثر فأكثر على مياه ذات نوعية متدنية.
وقال النائب عن محافظة البصرة أسعد البزوني إن المحافظة تعاني من عدم وجود مياه صالحة للشرب.
وأضاف أن البصرة تعتمد على شراء المياه المعقمة المباعة في الأسواق، مشيرًا إلى أن مشروع الشركة الصينية يحتاج إلى سنة أو أكثر من أجل الإنجاز، إلا أنه غير كافي لسد الاحتياج الفعلي للمحافظة.
ولم ير العراقيون أي إجراء من الحكومات المتعاقبة لمواجهة هذه الكارثة البيئية والتي ستؤثر على العائلات الفقيرة في المناطق الزراعية، حيث يدفع المزارع العراقي آلاف الدونمات سنويًا ثمنًا لافتقار الحكومة في بغداد إلى الاستراتيجيات لمواجهة الجفاف والتصحر
وتوقف أعمال الزراعة والرعي وهو ما يهدد بزيادة أعداد العاطلين عن العمل وهجرة سكان الريف إلى المدن، وهو أيضًا عامل في زيادة الكثافة السكانية داخل المدن ويفاقم المشاكل الاجتماعية في البلاد.
وحمل متخصصون وزارة الموارد المائية مسؤولية سوء الإدارة لملف المياه الذي أدى لتفاقم آثار الجفاف وموت المحاصيل الزراعية ونفوق الماشية.
ويشكل الاستحواذ على الأراضي الزراعية من قبل الميليشيات الموالية لإيران وتهجير السكان في مخطط تغيير ديموغرافي خصوصًا في محافظة ديالى عاملًا مهمًا في التصحر وموت المحاصيل الزراعية بسبب هجرة سكان هذه الأراضي وعدم رعايتها واستحصالها.
وتأتي الأزمة المائية ومشاكل التصحر نتيجة تحويل إيران لمسارات الأنهر والجداول المغذية، إلى داخل الأراضي الإيرانية، وهي من أهم الاستراتيجيات التي عملت عليها طهران خلال السنوات الماضية بتسهيل من الحكومات المتعاقبة في بغداد.
وتنتهج إيران في حربها الاقتصادية التي تشنها ضد العراق عمليات حرق الكثير من الأراضي ذات المحاصيل الزراعية المهمة تنفذها ميليشياتها في العراق والتي استهدفت عشرات الدونمات من حقول الحنطة في الأنبار وكركوك وواسط وصلاح الدين لفرض المنتوج الإيراني الرديء على الأسواق العراقية.