أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

معرفة دستور الاستخلاف في القرآن الكريم تبصر المسلم بواجباته

الدكتور مؤيد السرحان: كل سورة من سور القرآن المجيد تسلم الأخرى مرحلة من مراحل دستور الاستخلاف.

عمان- الرافدين
أكد الدكتور مؤيد السرحان أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم في كلية الفقه المالكي بجامعة العلوم الإسلامية العالمية في عمّان، على أن دستور الاستخلاف في القرآن الكريم يقوم على مستشعرات الإيمان والقرب من الله تعالى.
وأوضح أن تبوؤ منزلة هذا الدستور لا يكون إلا بالعلم وبالعمل معًا؛ لأن العلم حجة على الإنسان وما لم يعززه بالعمل فإنه يكون مثل المغضوب عليهم، علاوة على أن من يعمل بلا علم يكون من الضالين، مستشهدًا على ذلك بمقاصد سورة الفاتحة الكريمة.
وأكد السرحان في محاضرة أقامها مجلس الخميس الثقافي في ديوان هيئة علماء المسلمين في العراق في مقرها في العاصمة الأردنية عمان، على أهميّة التدبر في آيات القرآن الكريم والنظر فيها والتوقف عندها والبحث عن دلالاتها ومعانيها التي تنطلق من النص القرآني.
وأشار في المحاضرة التي حضت باهتمام رواد المجلس الأسبوعي، إلى أن الله تعالى بيّن الغاية التي أنزل القرآن الكريم من أجلها، في قوله عز وجل (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، الذي يدل على ضرورة التمعّن والتدبر، لا فتًا إلى أن أركان التدبر الثلاثة ونتائجها بيّنها الله تعالى في قوله (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ).
وشدد على ما تقتضيه هذه الآيات من دلالات وتوجيهات تؤسس لمعرفة دستور الاستخلاف وتُبصّر المسلم بواجبه تجاه القرآن الكريم والعمل به.
وشرح الدكتور المحاضر الفرق بين بين “التفكّر” و”التدبر” بوصفهما منطقًا لمعرفة دستور الاستخلاف في القرآن الكريم؛ مبينًا أن الأول يكون في الدلائل، بينما يكون الآخر في العواقب، وأن في الكتاب العزيز نوعين من التدبّر، هما التدبر القلبي الذي ذكره الله تعالى في قوله (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) والتدبر العقلي الذي ورد في قوله عز وجل (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلَٰفًا كَثِيرًا).
ولفت إلى أن من وسائل معرفة دستور الاستخلاف في القرآن الكريم: النظر، والسمع، والعقل، والتفكر، والتدبر، والعلم، والفقه، والعمل.
وقال الدكتور السرحان إن أعظم ما تميزت بها أمة الإسلام بوصفها حاملة دستور الاستخلاف؛ هو ما جاء في فواتح سورة البقرة، من الإيمان بالغيب الذي يكون بين المسلم وبين ربه عز وجل، وإقامة الصلاة على وجهها الأكمل، وتطبيق أبعادها؛ بوصفها نظامًا بين المسلم وبين نفسه، إلى جانب أسس النظام الاقتصادي في تنظيم المجتمع والحفاظ على توازناته بإيتاء الزكاة والإنفاق وتحقيق التكافل الاجتماعي.
وأوضح أن سورة البقرة تعطي التصور الكامل لدستور الاستخلاف وإعداد الأمة، وسورة آل عمران تتناول تحصيل البناء المحكم بالجهاد وبيان أحقية الإسلام وقيمته واستعلائه، وسورة النساء تتناول أحكام المستضعفين واليتامى وتؤسس للبناء الداخلي في المجتمع، وسورة المائدة تتحدث عن العلاقات الخارجية، وسورة الأنعام تعنى بالمسيرة الكونية في الرؤية والتفكر، وسورة الأعراف تسلط الضوء على المسيرة التاريخية، وهكذا بقية السور الكريمة، مشيرًا إلى أن كل سورة من سور القرآن المجيد تسلم الأخرى مرحلة من مراحل هذا الدستور.
واشار المحاضر إلى السمع والطاعة الذي هو من سمات دستور الاستخلاف، مؤكدًا أن الإنسان بوصفه خليفة الله في أرضه، وأن الأمة الإسلامية أرادها الله تعلى أن تكون أمة مختلفة عن سائر الأمم، ولها هويتها التي تميزها وتعلي شأنها، مذكرًا بأن منهج السمع والطاعة فيها يجعلها مستعلية على أهل الكتاب الذين قالوا “سمعنا وعصينا”، محذرًا من منهج الشيطان الذي أتبعوه والذي يقوم على الرفض والاستكبار والسعي إلى الفساد في الأرض وحرف الإنسان عن القيام بدوره في تحقيق الخلافة التي أراده الله تعالى أن يقوم بها.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى