أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

ستة ملايين معوق عراقي بلا رعاية حكومية

المنظَّمة الدولية للهجرة: العراق فيه أكبر عدد من أصحاب الاحتياجات الخاصة في العالم

بغداد – الرافدين
تزداد نسبة المعاقين في العراق في ظل استمرار المسببات كحوادث السير والسلاح المنفلت والحروب التي شهدها البلاد فضلًا عما خلّفه الغزو الأمريكي وما تلاه من دوامات عنف طاحنة، ويفاقم ذلك افتقار العراق للمستشفيات الكافية للعناية بمشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى عدم تخصيص الحكومة لهؤلاء مرتبات إعانة لهم أسوة بكثير من الدول.
وسبق وان كشفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن 15 بالمائة من سكان العراق هم من ذوي الإعاقة.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم الصليب الأحمر الدولي في العراق هبة عدنان، في حديث لوسائل إعلام محلية، إن “العراق يعد من بين البلدان التي تضمن أعداد ًا كبيرة من ذوي الإعاقة، فهناك نحو 15 بالمائة من الشعب من ذوي الإعاقة أي ما يعادل 6 ملايين شخص وهذا العدد يقابله عدد محدود في مراكز إعادة التأهيل البدني وقلة أعداد المعالجين والمدربين”.
وأوضحت أن “الصليب الأحمر افتتح منتصف آذار الماضي مركزًا جديدًا لإعادة التأهيل البدني في مدينة أربيل، وبمساحة 14,630 مترًا مربعًا، ويعد الأكبر من نوعه في البلاد ويقدم مجموعة واسعة من خدمات إعادة التأهيل البدني عالية الجودة والمستدامة”.
وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 600,000 عراقي ممن هم بحاجة إلى خدمات إعادة التأهيل البدني، من بينهم 200,000 شخص يحتاجون إلى طرف صناعي أو مسند تقويمي”.
وكانت المنظَّمة الدولية للهجرة أصدرت تقريرًا في العام الماضي، أفاد بأنّ هناك نقصًا في المعلومات بشأن دمج المعاقين في المجتمع في العراق، الذي يضم أكبر عدد من أصحاب الاحتياجات الخاصة في العالم”.
ويضيف التقرير أنّ “أغلبية المعاقين ليس لديهم دَخل يذكر، أو ليس لديهم أي دخل إطلاقًا، ويكافحون للحصول على رعاية اجتماعية وأجهزة مساعدة، وفرصها في الحصول على التعليم تمثّل مشكلة أيضًا”.
وبحسب مراقبين، فإن ]

المنظمات الإنسانية تحاول رفع بعض المعاناة عن ذوي الإعاقة

وتقول سهاد علي (27 عامًا)، من ذوي الاحتياجات الخاصة، “في عام 2004 أصبت بعدد من الطلقات النارية عقب الانفلات الأمني في ديالى، وكان عمري آنذاك تسعة أعوام. أجريت على إثرها سبع عمليات جراحية، وما زلت بحاجة إلى عمليات أخرى. لم أتلق من الحكومة العراقية سوى ثلاثة ملايين دينار، بعد مراجعات أجرتها والدتي للدوائر المعنية على مدى عشرة أعوام، وهذا المبلغ لا يغطي كلفة عملية واحدة من العمليات التي أجريتها داخل وخارج العراق”.
وأضافت، “لا يمكن أن يتخيل المرء حجم المعاناة التي نعانيها، إذا أصبت بإعاقة عليك أن تجتهد وتنمي نفسك بنفسك، فليس لدينا من يضمن لنا حقوقنا، وإن وجدت تلك الحقوق هناك آلاف المعرقلين يحولون دون الحصول عليها. ونحن كذوي احتياجات خاصة بحاجة بالفعل للدعم المعنوي والمادي، وتسهيل أمورنا نظرًا لصعوبة المراجعات في دوائر الدولة التي تعتمد غالبيتها على المحسوبية والرشى”.
ويعاني ذوو الاحتياجات الخاصة في العراق، من إهمال الحكومات المتعاقبة، وعدم توفيرها أي مؤسسات تعليمية مجانية لضمان تعليمهم، ما اضطر الكثير من الآباء إلى تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة أثقلت مصاريفها كاهل معظمهم، في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة
ويؤكد سليم خالد، وهو معلم متقاعد من حي المنصور في بغداد، أنه اضطر لتسجيل ولده دريد الذي يعاني من مشكلة بالسمع في معهد خاص بالصم والبكم مقابل مبلغ مالي كبير ،
وبين، أنه يضطر لدفع مبلغ 500 ألف دينار شهريًا للمعهد، وللسيارة التي توصل ابنه إليه، في حين أن راتبه التقاعدي هو 400 ألف دينار فقط، ما دفعه للعمل حتى ساعات متأخرة من الليل لتوفير مصاريف لدراسة ابنه.
ويتابع “نسمع الكثير من التصريحات التي يطلقها السياسيون بشأن تقديم منح وإعانات لذوي الاحتياجات الخاصة، في فترة الدعاية الانتخابية”، مبينًا أنه راجع هيئة رعاية ذوي الإعاقة التابعة لوزارة العمل، إلا أنه لم يحصل منها إلا على وعود فقط.
وبسبب النقص في مراكز الرعاية الحكومية بهذه الشريحة افتتحت عدة مراكز خاصة مثل معهد رامي لذوي الاحتياجات الخاصة في بغداد الذي افتتحه أحد التجار، وجاء بمعلمين لتطوير قدرات ابنه الذي يعاني من مشاكل جسدية، وفقا لما قالته المعلمة رواء فاروق التي سبق أن عملت في المعهد.
وأكدت المعلمة رواء، أنه بمرور الوقت قام المعهد باستقطاب الطلبة من مختلف أنحاء بغداد مقابل مبالغ مالية يُدفع جزء منها كأجور لكادر المعهد.
وتوضح أن الكثير من معاهد ومدارس ذوي الاحتياجات الخاصة فتحت بمبادرات فردية، وهي مكلفة لكثير من الأسر التي تضطر لدفع الأموال مقابل رعاية أطفالها، إلا أنها توفر في الوقت ذاته أماكن مناسبة لتعويض الأطفال المعوقين عن بعض ما فقدوه بسبب الإعاقة.
ولا تؤمن الحكومة في العراق الحد الأدنى من حقوقهم، من بينها تجهيز المباني والمؤسسات الحكومية والمستشفيات ومواقف السيارات وإنشاء ممرات آمنة لتناسب احتياجاتهم.
وتُفاقم قلة عدد المستشفيات المتخصصة في العناية بالأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير العلاج المناسب لهم، وعدم تخصيص الحكومة رواتب جيدة لهم أسوة بالكثير من الدول، ناهيك عن عدم تجهيز الطرقات والدوائر الحكومية وغيرها، وعدم منحهم الأولوية سواءًا في الدوائر الحكومية أو غيرها، ما يزيد من مأساتهم.
وكانت النائبة السابقة ماجدة التميمي قد أعلنت في العام الماضي، أنّ “عدد الأشخاص ذوي الإعاقة يتجاوز الخمسة ملايين شخص”، مشيرة إلى أنّ “هذه الشريحة تواجه معاناة كبيرة بالإضافة إلى عائلاتها بسبب عدم توفر البيئة المناسبة لهم للعيش بكرامة”.
وأشارت أنّ “الراتب المخصص لهم قليل ولا يغطي أبسط الاحتياجات. وليس هناك اهتمام بتصميم الطرقات والمباني والمؤسسات بما يتناسب مع احتياجاتهم”.
وأشار إلى ذلك الشاب حسين علي ثابت، الذي تعرض لطلق ناري في ساقه اليسرى خلال تظاهرات ثورة تشرين في ساحة التحرير في بغداد، الأمر الذي أدى إلى إصابته بشلل تام في ساقه.
وأوضح أنّ الدوائر الصحية لم تتعامل معه بطريقة جيدة، وكثيرًا ما تعرض للتنمر من الموظفين والملامة بسبب مشاركته في الاحتجاجات، وأنه المسؤول عما أصابه. يتابع أن الدوائر الصحية كانت تطلب نقله إلى المستشفيات من دون الاستعانة بسيارة إسعاف، وكان عليه تدبر الأمر.
ويعاني الآلاف من ذوي الإعاقة في العراق نفسيًا واجتماعيًا لعدم تمكنهم من الدخول في سوق العمل، وخاصة أصحاب الإعاقات البليغة الناجمة عن بتر الأطراف أو فقدان السمع أو البصر، ما يضيف إلى معاناتهم النفسية معاناة أخرى، تتمثل بعدم قدرتهم على إعالة أسرهم أو أنفسهم.
وتحاول المنظمات الإنسانية رفع بعض المعاناة عن ذوي الإعاقة، عبر استقطابهم وتوفير بعض ما يحتاجون إليه من أطراف صناعية أو أجهزة سمع، ولكن مشكلة العمل تبقى قائمة.
ويقول رئيس منظمة تحدي للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، باقر السماوي، إنّ “مشكلة المعاقين مع العمل لم تجد لها الحكومة ومؤسساتها حلًا حتى الآن، والحل يكمن في توفير مرتبات شهرية يعيش منها المعاقون ووضع برامج إعلامية تثقيفية تغير نظرة سوق العمل إليهم، وتمكنهم من الانخراط بسهولة في بعض الأعمال.”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى