أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مسرحية السوداني وسط الأموال لإطلاق سراح اللصوص وتقاسم السرقة

قضاة ومحامون يجمعون على عدم وجود نص قانوني يبيح لمحمد شياع السوداني الاتفاق مع لص بإخلاء سبيله مقابل استرجاع السرقة.

بغداد – الرافدين

تحولت المسرحية التي أدارها رئيس الحكومة الحالية محمد شياع السوداني وسط كم من الأوراق النقدية، إلى كوميديا سمجة يمثلها لصوص الدولة في العراق.
وأثارت ذرائع السوداني بإخلاء سبيل السراق بعد إعادة جزء ضئيل من سرقة 2.5 مليار دولار من أموال هيئة الضرائب، تهكمًا قضائيًا شعبيًا بعد أن مثلت سرقة القرن صدمة داخل العراق بسبب الحجم الكبير للمبلغ، مع إن البلاد متعايشة نوعًا ما مع الفساد المسيطر على مرافق الدولة منذ عام 2003.
وأجمعت أوساط قانونية وسياسية على أن السوداني في تلك المسرحية المعدة بشكل سطحي وساذج، أراد إطلاق سراح السراق لأنهم جميعًا أدوات في أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي الذي دفع به إلى رئاسة الحكومة.
وكانت صحيفة الغارديان البريطانية ووكالة أسوشيتد برس قد كشفتا أن سرقة القرن التي استولت على 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة في العراق أدارتها ميليشيا بدر التي يرأسها هادي العامري القيادي في الإطار التنسيقي الذي شكل حكومة محمد شياع السوداني.
وذكرتا في تقرير متزامن أن رئيس الحكومة السابقة مصطفى الكاظمي غض النظر عن السرقة مع البنك الذي أجاز السحوبات، وهيئة النزاهة والبنك المركزي، عبر وثائق مسربة تعود إلى عام 2021 تجاهل فيها التدقيق المالي.
وتعتقد قلة من العراقيين أنه ستكون هناك محاسبة حقيقية عما جرى من سرقة كبرى. فيما أكدت صحيفة فاينشيال تايمز البريطانية أن السوداني عاجز عن محاسبة لصوص الدولة المتورطين في سرقة القرن لأنهم جميعًا من المحيطين به من أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي.
وقال عضو سابق في اللجنة المالية بمجلس النواب طلب عدم الكشف عن هويته خشية من انتقام ميليشيا بدر “سوف تلقى المسؤولية على اثنين من المديرين الصغار، وسيهرب الآخرون”.
وأضاف “أنها شبكة كبيرة ويقف خلفها سياسيون كبار من تنظيمات قوية تقود البلد، وليس بإمكان رؤساء الإدارات أن يسرقوا مثل هذه المبالغ بمفردهم”.
وأكد على أن “ثمة اتفاق ينص على حصول كل شخص على حصة من السرقة”.
وأجمعت أربعة مصادر داخل وزارة المالية على أن تنفيذ عملية السرقة تم بواسطة شبكة احتيال أسسها القيادي في ميليشيا بدر شاكر محمود الذي كان مديرًا لهيئة الضرائب الذي نقله الكاظمي إلى هيئة الجمارك بمجرد أصدار قرار إلغاء التدقيق في مخطط آخر لسرقة أموال الجمارك.
يذكر أن محمود مع منفذي مخطط السرقة أعضاء ومقربين لميليشيا بدر المسيطرة على هيئتي الضرائب والجمارك.
وتحولت الدعاية الإعلامية للسوداني إثر وقوفه أمام كدس من الأوراق النقدية “المسترجعة” من إنجاز، إلى سذاجة سياسية وقانونية، عندما أدار العراقيون كفة الدعاية إلى فضيحة إطلاق سراح السراق.
وأجمع عراقيون على أن السارق يحاكم في كل دول العالم، إلا في حكومة الإطار التنسيقي يطلق سراحه ويعتبر إنجازًا سياسيا.
وعرض السوادني في مؤتمره الصحفي نضائد من الأوراق النقدية قبل أن يوضح سبب عرضها بهذا الشكل بالقول “إن عرض الأموال بهذه الطريقة جاء بسبب انخفاض الثقة بإجراءات الدولة”.
ويكشف العرض المسرحي للسوداني وسط الأوراق النقدية عبثية المشهد المالي في العراق عندما يتم سرقة الأموال بهذه الكمية من قبل لصوص الدولة الذين يتسيدون المشهد في العملية السياسية.
وحاول السوداني تدارك تداعيات السرقة بعد أن تحولت لقضية رأي عام حينما أعلن عن إرجاع جزء ضئيل من أموال السرقة التي اتهم جهات لم يسمها في هيئة الضرائب بتسهيلها، وصرف 114 صكًا للمتهم نور زهير جاسم الذي أكد إجراء صفقة معه لإطلاق سراحه مقابل تسليم باقي الأموال.
وأثار إعلان السوداني عن هذه الصفقة وإطلاق سراح المتهم ردود فعل غاضبة من هذا الإجراء الذي يثبت وجود جهات تقف خلف المتهم عادين الأمر بالصفقة المشبوهة والمثيرة للجدل.
وأعرب حقوقيون عن صدمتهم من هذه الصفقة مع المتهم، مؤكدين عدم وجود نص قانوني يبيح لرئيس الحكومة أن يتفق مع متهم وسارق ويعده بإخلاء سبيله بكفالة مقابل استرجاع السرقة.

باسم خشان: لا أعرف مَن نصح السوداني بهذا العرض المسرحي البائس الذي يثير الشفقة على العراق
ووصف النائب البرلماني، باسم خشان، المؤتمر الصحفي الذي عقده السوداني بـ “العرض المسرحي البائس”، فيما أكد أن ما تم استرداده لا يساوي 5 بالمائة من الأمانات.
وكتب خشان في تدوينة عبر فيسبوك “لا أعرف مَن مِن مستشاري السوداني نصحه بهذا العرض المسرحي البائس الذي يثير الشفقة على العراق”، مبينًا أن “رئيس الحكومة يعرض مبلغًا لا يساوي 5 بالمائة من الأموال التي سرقها المتهم الموقوف نور زهير”.
وأضاف أنه “يبشرنا بإطلاق سراحه بكفالة لكي يبيع العقارات التي حجزتها المحكمة فيعيد للدولة جزءًا مما سرقه من أموالها، فالمتهم نور يملك مصارف ومصفى ولديه عقود هائلة مع الدولة، إضافة إلى شركة في الأردن وأموال وشركات في دول أخرى”.
وتساءل الصحفي مصطفى كامل رئيس تحرير موقع “وجهات نظر” واصفا مؤتمر السوداني بالمسرحية السخيفة، كيف تم استرداد أموال بالعملة العراقية من المصارف الخارجية؟ هل هناك مصرف أجنبي يفتح حساباً بالدينار العراقي؟
مصطفى كامل: كيف تم استرداد أموال بالعملة العراقية من المصارف الخارجية؟ هل هناك مصرف أجنبي يفتح حساباً بالدينار العراقي؟
ويرى مراقبون أن قرار السوداني بإطلاق سراح المتهم نور زهير بكفالة مالية يأتي متناقضًا مع ما شدد عليه في وقت سابق على مكافحة الفساد وعدم وجود خطوط حمراء أمام أي ملف فساد مرتبط بجهة سياسية أو أي شخصية كانت.
ووفقا لأعداد رسمية نشرت عام 2020، فأن سوء الإدارة في العراق كان السبب وراء اختفاء أكثر من 400 مليار يورو خلال قرابة عشرين عامًا، ذهب ثلثها الى خارج البلاد فكيف استطاع السوداني استعادة هذه الأموال خلال شهر تقريبًا على الرغم من أن غالبية أموال العراق المنهوبة هربت إلى الخارج؟
وتتزامن مسرحية السوداني المالية مع تداول وسائل إعلام محلية وعربية تفاصيل عملية احتيال مالي بمليارات الدولارات من مصرف الرافدين العراقي فرع بيروت، وتحويلها إلى بنوك لبنانية أفلست كتعويض عن أرصدة عراقية كانت مودعة باسم كبار المسؤولين وقادة الميليشيات في العراق.
وكان كبار قادة الميليشيات الولائية قد فتحوا حسابات مالية بالدولار في مصارف لبنانية مقربة من حزب الله اللبناني بغية تمرير صفقات وتحويل أموال عراقية إلى إيران.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى