أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدين

السوداني انصاع لمتشددي الإطار التنسيقي في قمع احتجاجات الناصرية

سفيرا واشنطن ولندن يحذران محمد شياع السوداني بأن اندلاع ثورة تشرين جديدة ستكون دموية ويصعب السيطرة عليها.

ذي قار- الرافدين

كشفت مصادر أمنية في محافظة ذي قار بان عمليات القتل التي ارتكبتها القوات الحكومية ضد المتظاهرين السلميين في الناصرية، جاءت بتعليمات واضحة بعدم التساهل مع أي احتجاجات في المدينة وقمعها بأقصى قوة.
وقال المصدر الأمني الذي يعمل في قيادة شرطة محافظة ذي قار وفقد ابن عم له بين ضحايا القتل العشوائي للقوات الأمنية، بان القوات الحكومية كانت جاهزة لقمع المتظاهرين وتواجدت قبل تجمع المحتجين، وكانت لديها تعليمات واضحة بعدم السماح للتظاهرات بالتوسع.
وأكد المصدر الذي تحفظ عن ذكر اسمه، على إن المسؤولين كان لديهم علم بتحضيرات المتظاهرين.
في غضون ذلك أكدت مصادر سياسية ان رئيس الحكومة الحالية محمد شياع السوداني انصاع لرغبة المتشددين في الإطار التنسيقي بينهم نوري المالكي وقيس الخزعلي وعمار الحكيم، في قمع أي احتجاجات بأقصى قوة ممكنة وعدم السماح بتوسعها.
ونبه متشددو الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية، السوداني إلى أن حكومته هشة وبمجرد امتداد الاحتجاجات من المحافظات الجنوبية إلى بغداد فأن المخاطر أكبر من أن يتم السيطرة عليها.
وتشهد الناصرية من وقت لآخر احتجاجات بنظمها ناشطون مناهضون للسلطة أو شباب متخرجون حديثاً يطالبون بوظائف في القطاع العام أو قطاع الطاقة في جنوب العراق الغني بالنفط.
وكانت السفيرة الأمريكية آلينا رومانوسكي، والسفير البريطاني مارك برايسون ريتشاردسون، قد أوصلا رسالة واضحة إلى السوداني في اجتماعين منفصلين بان كل المؤشرات على الأرض تقود إلى أن الاحتجاجات الشعبية إذا اندلعت من جديد ستكون دامية هذه المرة.
واسفرت الاحتجاجات التي اندلعت في مركز محافظة ذي قار مطالبة باطلاق سراح الناشط حيدر الزيدي الذي حكم عليه بالسجن بسبب تغريدة يتهكم فيها على ميليشيا الحشد، بمقتل ثلاثة محتجين وإصابة العشرات.
وشيع متظاهرو الناصرية ثلاثة محتجين قتلوا برصاص القوات الأمنية المدعومة من ميليشيات الإطار التنسيقي بعد خروجهم في تظاهرة احتجاجا على سجن الزيدي.
وبدأ إطلاق النار الحي الكثيف على المتظاهرين الأربعاء، الامر الذي يؤكد ان التعليمات جاهزة لقمع الاحتجاجات.
وأجمع نشطاء ثورة تشرين على أن أحداث الناصرية الدامية هي التجربة الأولى لحكومة الإطار مع تظاهرات سلمية، وجوبهت بالرصاص الحي لمدة يومين، سقط خلالها ثلاثة شهداء والعشرات من الجرحى، وأحرقت سيارات المارة ودراجات طلبة المدارس.
وقال الصحفي أحمد السهيل إنه لا يمكن اعتبار ما جرى اليوم من أحداث تحدياً لحكومة السوداني، التي هي بالأساس حكومة الإطار التنسيقي المتهم بقائمة طويلة من أحداث القتل والانتهاكات، لكنها بالضرورة ستمثل اختبارا لكيفية تعاطي تلك الحكومة مع أحداث القتل.


أدم كوغل: ينبغي ألا يُستخدم نظام العدالة كأداة لقمع أي انتقاد سلمي

وتهكم المتظاهرون على قرار السوداني بإقالة قائد شرطة محافظة ذي قار، واصفين القرار بانه إجازة عمل متفق عليها وسيتم إعادته للخدمة سواء في ذي قار أو غيرها لاحقا.
وأكدوا على أن قائد الشرطة نفذ تعليمات واضحة لحكومة الإطار بقمع المتظاهرين، واقالته مجرد قرار أجوف لامتصاص الغضب الشعبي على حكومة الإطار.
وتأتي هذه الصدامات بعد أيام من إصدار محكمة في بغداد حكماً على الناشط حيدر الزيدي بالسجن ثلاث سنوات بتهمة إهانة ميليشيا الحشد، وهو تحالف فصائل مسلحة موالية لإيران قامت بترشيح السوداني ودعم حكومته.
وصدر الحُكم على الزيدي الموقوف حالياً، على خلفية تغريدة جرى حذفها، ينتقد فيها أبو مهدي المهندس، نائب رئيس ميليشيا الحشد الذي قتل في كانون الثاني 2020 مع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بضربة جوية أمريكية على طريق مطار بغداد.
وأثار هذا الحكم جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما تظاهر الأربعاء الآلاف في مدينة الناصرية الفقيرة الواقعة في جنوب العراق للاحتجاج عليه.
وامتدت الاحتجاجات الى محافظات المثنى والبصرة وبابل والقادسية وبغداد.
وقال حسين رياض المتحدث باسم دائرة الصحة في محافظة ذي قار لوكالة الصحافة الفرنسية إن “متظاهرين قتلا بالرصاص” وأصيب 21 اخرون بجروح بينهم خمسة بالرصاص في صدامات مع قوات الامن خلال التظاهرة.
وكانت الناصرية معقلاً بارزاً للتظاهرات التي هزت العراق في العام 2019، ولا تزال حتى الآن تشهد احتجاجات متفرقة.
وفي دائرة الطب العدلي في الناصرية، وقف محمد، أحد المتظاهرين، مع العشرات من أقرباء وأصدقاء القتيلين اللذين قضيا في الصدامات، مندداً بالتدخل الوحشي لشرطة مكافحة الشغب التي أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين في ساحة الحبوبي ذات الرمزية الكبيرة لدى المحتجين.
وقال “منذ الثلاثاء كان هناك جرحى من احتجاجات 2019 يتظاهرون بشكل سلمي. وكان هناك وقفة الثلاثاء في ساحة الحبوبي للمطالبة بالإفراج عن حيدر”.
ونددت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في بيان ليل الثلاثاء بالحكم على الزيدي.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش في البيان إنه “بغض النظر عمّن نشر التغريدة، ينبغي ألا يُستخدم نظام العدالة العراقي كأداة لقمع أي انتقاد سلمي للسلطات أو العناصر المسلحة”.
وقارن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الحكم على الزيدي بالسجن مع الإفراج مؤخراً بكفالة عن رجل أعمال متورط بفضيحة فساد وسرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب.
وفي حزيران نددت بعثة الأمم المتحدة في العراق بوجود “بيئة من الخوف والترهيب” تقيّد حرية التعبير في البلاد، متحدثةً عن حوادث قامت بها “عناصر مسلحة مجهولة الهوية” بهدف “قمع المعارضة والانتقاد”.
ويقوم البرلمان حالياً بقراءة مشروع قانون متعلق بـ”حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي”، مقدم من لجنة حقوق الإنسان “لرسم آلية لضمان حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي وحق المعرفة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة”، وفق بيان صادر عن مجلس النواب.
وشهد العراق في تشرين الأول2019، موجة تظاهرات كبيرة غير مسبوقة في ثورة تشرين، عمّت العاصمة ومعظم مناطق جنوب البلاد، طالب خلالها المحتجون بتغيير النظام واسقاط الطبقة السياسية الفاسدة ومحاسبة قتلة المتظاهرين. لكن الحركة تعرضت لقمع دامٍ أسفر عن مقتل أكثر من 800 شخص وإصابة ما لا يقل عن 30 ألفاً بجروح.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى