أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

محمد شياع السوداني يخشى الاقتراب من لوردات الفساد

التقارير الإعلامية لا تخلو في الحديث عن اليوم الدولي لمكافحة الفساد، من اسم العراق الذي يتصدر النشرات الإخبارية بوصفه البلد الأكثر فسادا.

بغداد- الرافدين

يتهكم عراقيون على وعود رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني بشأن مكافحة الفساد، بعد العرض المسرحي الأجوف مع أكداس النقود، ويتحدون السوداني الاقتراب من لوردات الفساد من قادة الميليشيات والأحزاب في الإطار التنسيقي الذي دفع به الى رئاسة الحكومة.
وزادت مرارة التهكم العراقي بالتزامن مع اليوم الدولي لمكافحة الفساد الذي أقرته الأمم المتحدة في التاسع من كانون الأول من كل عام. وتساءل عراقيون من يستطيع أن يضرب رؤوس الفساد في بلاد بنيت على مبدأ الفساد منذ عام 2003.
ويرى خبراء أن مكافحة الفساد في جزئياتها تتعارض مع مصالح قوى الإطار التنسيقي وقياداته، وأن هؤلاء سيظلون بعيدا عن المحاسبة طالما أن الحكومة في جوهرها هي حكومة الإطار ورئيسها جزءا منه.
ويمثل قادة قوى وميليشيات الإطار التنسيقي، الكتلة السياسية الأكثر عددا في مجلس النواب والداعمة لحكومة السوداني، وأن تلك القوى بالأساس جزء من منظومة الفساد وساهمت في تفشيه طيلة عشرين عاما من سيطرتها على السلطة والثروات في جميع الحكومات بدرجات متفاوتة.
ويأتي التهكم الشعبي العراقي في دولة تتصدر المراتب العليا الأكثر فساد في العالم مع تحذيرات الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت من ان سرقة القرن في العراق لن تكون الأخيرة. في إشارة الى ضلوع رجال اعمال ومسؤولين ومصارف في سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب في البلاد.
وقالت في رسالة لمناسبة اليوم الدولي لمكافحة الفساد، أن “الفساد المستشري والممنهج يعتبر أحد أكبر التحديات التي تواجه العراق”، مشيرة الى أن تكلفته الاقتصادية وتأثيره السلبي على الاستقرار والازدهار هائلان إذ أنه يقوض التقدم، ويحرم المواطنين من حقوقهم، ويثبط الاستثمار الدولي، ويسلب من الدولة الموارد اللازمة لتزويد مواطنيها بمدارس ومستشفيات وطرق أفضل، وخدمات عامة أخرى لا حصر لها.
وأشارت الى انها قد قالت مرات عديدة من قبل، كان آخرها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تشرين الأول الماضي أن الفساد هو أحد الأسباب الرئيسية للاختلال الحاصل في العراق وإن إبقاء المنظومة “كما هي” سوف يرتد بنتائج سلبية في النهاية.
وأضافت بلاسخارت ان العراق دولة غنية، لكن المال يذهب إلى الجيوب الخطأ، حيث تتقاسم فيه الأحزاب السلطة، فيما يعود القليل جدًا للعراقيين، ولذلك لم تنهض البلاد على قدميها.
ويحتفل المجتمع الدولي في التاسع من ديسمبر من كل عام باليوم الدولي لمكافحة الفساد، وهو اليوم الذي شهد التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في عام 2003، حيث يهدف الاحتفاء باليوم الدولي لمكافحة الفساد لعام 2022 إلى تسليط الضوء على الصلة بين مكافحة الفساد والسلام والأمن والتنمية.
وتقول منظمة الأمم المتحدة إن جوهر تلك الصلة هو فكرة أن التصدي لهذه الجريمة حق للجميع ومسؤوليتهم، فهناك دور للدول وللمسؤولين الحكوميين وللموظفين المدنيين ولموظفي إنفاذ القانون وممثلي وسائل الإعلام والقطاع الخاص وللمجتمع المدني وللأوساط الأكاديمية وللجمهور العام وللشباب بصورة خاصة في توحيد العالم ضد الفساد.
وفي سبيل تكاتف المجتمع الدولي لمحاربة الفساد اعتمدت الأمم المتحدة عام 2003، اتفاقية دولية لمكافحة الفساد، ووقع الأعضاء على القرار (58/4) ليكون يوم التاسع من كانون الأول يوما دوليا، لزيادة الوعي بمخاطر الفساد وكيفية مكافحة أسبابه ووسائله ومنعها، وامتلاك الإرادة السياسية الضرورية لمواجهة هذه الآفة المدمرة.
ويصادف عام 2022 كذلك بداية الجهود المبذولة للاحتفال بالذكرى السنوية العشرين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
ولا تخلو التقارير الإعلامية في الحديث عن اليوم الدولي لمكافحة الفساد، من اسم العراق الذي يتصدر النشرات الإخبارية بوصفه البلد الأكثر فسادا.
ويُصنف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، إذ احتل المرتبة 157 عالميا ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية.
ويدر الفساد المالي في العراق مبالغ مالية كبيرة تنتفع بها أطراف السلطة عبر تقاسمها الموارد المالية للوزارات والمؤسسات الحكومية من خلال ما يُعرف بالهيئات الاقتصادية، التي توصف بأنها الجهة المخوّلة بصرف النفقات والتخصيصات وإبرام العقود في المؤسسات الحكومية التي تتولى الأحزاب التي تنتمي لها إدارتها، وذلك بما يتعلق بالعقود كافة ودون استثناء وزارة عن أخرى.
وقال رجال أعمال عراقي فضّل عدم الإفصاح عن هويته خوفًا من ملاحقة جهات وصفها بالمتنفذة، أن كل حزب سياسي لديه هيئة اقتصادية، ومن لا يمتلك هيئة اقتصادية فهو يعتمد على الوزراء والمدراء العامين الذين تقوم هذه الأحزاب بتعينهم في المناصب الممنوحة لها وفق المحاصصة، حيث يعملون على إدارة الملف المالي للحزب وتغذيته من خلال ما يوفره المنصب من مشاريع.
ولفت إلى أن الكتل السياسية تتصارع للحصول على المناصب الحكومية، وتصرّ على مضي العملية السياسية في إطار المحاصصة، وتقف بوجه كل من يعارضها، لأنها تضمن لها الاستمرار والبقاء، وتغذي عملها السياسي، وتمكنها من الاستيلاء على مقدرات البلد من خلال سيطرتها على مشاريع الفساد المختلفة.
وأكد على أن الأحزاب السياسية غالبًا ما تعمل على إنشاء شركات وهمية يتم تأسيسها لغرض زجها في المناقصات الحكومية، وبالتالي يقوم الوزير التابع للجهة السياسية ومن معه من مدراء عامين على إرساء المناقصة على تلك الشركة التابعة لهم، والتي تتقدم للحصول على المشروع على أنها شركة خارجية، ولذلك فإن 98 بالمائة من تلك المشاريع غير مستوفية للشروط، وجميعها مُررت بصفقات فساد، بل وقد يكون نصفها غير منجَز على الرغم من تسليم مستحقاتها للمقاولين.
ويرى الكاتب السياسي العراق فاروق يوسف أن العملية السياسية بنيت على مؤسسة أسمها الفساد في العراق.
وكتب يوسف “لقد ضجت منصات الإعلام الحكومي والحزبي والميليشياوي في العراق بفضيحة سرقة القرن التي جرت فصولها في عهد مصطفى الكاظمي. فإذا بالأموال المسروقة لا تتجاوز المليارين ونصف المليار من الدولارات. وهو مبلغ أقل ما يُقال عنه إنه لا أهمية له مقابل تريليون ونصف تريليون دولار هي حجم عائدات النفط العراقي في سنوات حكم حزب الدعوة والتي تم إنفاقها من غير أن تُبنى مدرسة واحدة أو مستشفى واحد أو يعبد طريق أو يتم التحكم بمشكلتي الفقر والبطالة أو يُعاد إعمار مبنى واحد من المباني التي دمرتها الحروب أو تُنهى مشكلتي الكهرباء والماء التي أنفقت عليهما المليارات التي تبين أنها قد سُرقت من غير أن يكلف القضاء العراقي نفسه بملاحقة اللصوص المعروفين من خلال الاستعانة بالشرطة الدولية”.
وقال “من أظرف ما جرى في ذلك المجال أن وزيرا سابقا للتجارة كان متهما بالتصرف بثلاثة مليارات دولار ألقت عليه الشرطة الدولية القبض في بيروت وسلمته إلى بغداد، هناك حيث تمت تبرئته وعاد إلى لندن، كونه مواطنا بريطانيا”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى