أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

السوداني يفتح أبواب العراق أمام الهيمنة السياسية والاقتصادية الإيرانية

مع وجود حكومة موالية كليا لإيران ستكون طهران قادرة على استغلال الاقتصاد العراقي لمصالحها.

بغداد- الرافدين
تعزز إيران قبضتها على العراق مع فتح رئيس الحكومة الحالية محمد شياع السوداني جميع الأبواب أمام الهيمنة الإيرانية السياسية والاقتصادية حيث أصبحت بغداد بمثابة “رئة اقتصادية”، حسب خبراء ما من شأنه إثارة استياء الولايات المتحدة.
ودعا السوداني الذي يرأس حكومة أطلق عليها العراقيون الولاية الثالثة، في إشارة لدور نوري المالكي في تسييرها، المسؤولون الإيرانيون خلال زيارته إلى طهران أواخر تشرين الثاني إلى زيادة التعاون بين البلدين في جميع المجالات.
وتكتمت حكومة السوداني على منح إيران عقد بقيمة اربعة مليارات دولار مقابل ما سمي خدمات فنية وهندسية من دون أن يكشف عن طبيعتها.
وروجت وسائل اعلام إيرانية للعقد بالتزامن مع زيارة السوداني إلى طهران، معتبرة الامر انجازا لعودة مستوى التعاون الاقتصادي ورفع قيمة تصدير البضائع الايرانية إلى العراق.
ولم تشر أي من وسائل الاعلام الحكومية في بغداد للعقد، في وقت عدت مصادر اقتصادية عراقية العقد الملياري أشبه بهبة مجانية من السوداني إلى إيران بعد الحصول على رضى وحماية المرشد الإيراني علي خامنئي.
وكشفت وكالة تسنيم للأنباء عن عقد الخدمات الملياري مع العراق في الوقت الذي طالب خامنئي أثر مثول السوداني أمامه بالمزيد من ”مذكرات التفاهم والتعاون بين إيران والعراق” في إشارة لربط السيادة والاقتصاد العراقي بإيران.

إحسان الشمري: إيران لا تتوقف عن جعل العراق دولة تابعة له

ويتوقع إحسان الشمري أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد أن “الدور الإيراني سيكون أكبر بكثير مما كان عليه خلال الحكومات السابقة على اعتبار أن هناك ضرورة إيرانية ملحة باستمرار العراق كدولة تابعة” لطهران.
ويضيف الشمري في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن بغداد، التي شكّلت المستورد الأول للبضائع الإيرانية بين آذار 2021 وآذار 2022، هي بمثابة “رئة اقتصادية” لإيران.
ويوضح أن هذه الحاجة للعراق تزداد “وسط اشتداد العقوبات الغربية” على إيران، “خصوصا وأن المباحثات مع الغرب لا تؤشر بأن يكون هناك اتفاق لصالح إيران” في الملف النووي.
وبعد الاحتلال الأمريكي في 2003، نما النفوذ الإيراني في العراق بشكل تدريجي، لا سيما بفضل الأحزاب والميليشيات الطائفية التي تأسست في إيران أبان حربها ضد العراق 1980-1988 التي تدير الآن الحياة السياسية العراقية.
وتجد هذه الطبقة السياسية نفسها في موقف صعب عندما تقصف طهران إقليم كردستان، مستهدفةً المعارضة الكردية الإيرانية التي تتهمها بأنها المحرك للتظاهرات التي اندلعت إثر وفاة مهسا أميني.
ويرى الشمري أن إيران “تبحث عن مساحة هشة لتصدير أزمتها الداخلية لأنها لا تجرؤ” على فعل ذلك ضدّ دولة أخرى، كالدول المنافسة لها إقليمياً على سبيل المثال.

فابريس بالانش
فابريس بالانش: العراق بلد تتنازع على النفوذ فيه الولايات المتحدة وإيران

ويوضح الباحث فابريس بالانش من جامعة لوميير ليون 2 الفرنسية أن “العراق بلد تتنازع على النفوذ فيه الولايات المتحدة وإيران، وتأتي تركيا في المرتبة الثالثة وتمارس نفوذاً اقتصادياً هاماً ونفوذاً عسكرياً في الشمال”.
ويضيف “مع وجود شخصية موالية لإيران على رأس الدولة، ستكون إيران قادرة على الاستفادة بشكل أفضل من الاقتصاد العراقي”، مذكراً بأن السوداني أمضى “الجزء الأكبر من مهنته السياسية في ظل نوري المالكي”، رئيس الوزراء الأسبق المقرب من طهران.
ويتجلى النفوذ الإيراني خصوصاً في التبعية الوثيقة التي تجمع طهران مع ميليشيات الحشد الشعبي.
ويملك تحالف الإطار التنسيقي الذي يمثل تلك القوى، 138 نائباً في البرلمان من أصل 329، ليكون بذلك أكبر قوة فيه. ويضم التحالف العديد من الفصائل الموالية لإيران، وكذلك كتلة نوري المالكي.
وأواخر تشرين الثاني، وافقت الحكومة العراقية على إنشاء شركة عامة برأس مال يقارب 68 مليون دولاراً، ترتبط بهيئة الحشد.
وأطلق على الشركة اسم “المهندس” على أسم أبو مهدي المهندس، نائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي الذي قتل في كانون الثاني 2020 مع قاسم السليماني على طريق مطار بغداد بضربة طائرة مسيرة أمريكية.
وفي بلد غني بالنفط مزقته عقود من الصراع، ستكون الشركة بمثابة صفقة فساد كبرى مع ميليشيات الحشد للاستفادة من عقود حكومية واتفاقات مع إيران تدر عليها مبالغ ضخمة من ميزانية البلاد، بذريعة إعادة تأهيل محافظات جنوب العراق.
مع ذلك اعتبر وزير الخارجية الحالي فؤاد حسين خلال مشاركته في حوار المنامة في تشرين الثاني أنه من “الخطأ” و “الظلم” اعتبار “حكومته مرتبطة بالحكومة الإيرانية”.
وأشار إلى أن “هناك عدة أحزاب ممثلة في الحكومة وعدة أحزاب في البرلمان تدعم هذه الحكومة”.
ويبدو أن الأحزاب الموالية لإيران باتت تتمتع بحيّز سياسي أوسع من أي وقت مضى بعد صيف مضطرب تخللته تظاهرات واعتصامات لخصمهم الذي لا يمكن التنبؤ بأفعاله، مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري.
ولا يزال الأخير بعيداً عن الأضواء منذ الاشتباكات الدامية التي وقعت في التاسع والعشرين من آب بين أنصاره والجيش وميليشيا الحشد، بعد نزاع انطلقت شرارته مع رفض الصدر تعيين السوداني رئيساً للوزراء.
ويرى فابريس بالانش أن ما حصل “كان درسا” للصدر، مضيفاً أن “المعارضة شبه غائبة”.
مع ذلك، على الصعيد الدبلوماسي يبقى هناك شكل من أشكال “التوازن”.
وما زالت قوات أمريكية متمركزة في العراق كجزء من التحالف الدولي.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتوانَ المعلقون عن الحديث عن اللقاءات العديدة التي جمعت رئيس الوزراء مع السفيرة الأمريكية ألينا رومانوفسكي.
ويرى بالانش أن “النفوذ الأمريكي في العراق لا يزال قائماً من خلال تهديد احتمال فرض عقوبات مالية”، في إشارة إلى الرقابة على التحويلات المالية والنظام المصرفي العراقي بهدف التأكد من عدم استخدامه من قبل إيران للالتفاف على العقوبات.
ويضيف أن “الولايات المتحدة تبقى في العراق لأنها لا تريد أن تترك البلد تماماً لإيران، ولأنها تريد حصر المواجهة داخل العراق ومنع امتدادها إلى ممالك الخليج النفطية”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى