أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

تذبذب سعر صرف الدولار يثقل كاهل المواطن العراقي اقتصاديًا

فشل رئيس الحكومة الحالية محمد شياع السوداني في الإيفاء بتعهد إرجاع سعر صرف الدولار.

بغداد – الرافدين

انعكس تذبذب سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي، بشكل مباشر على أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية وسط خشية المستهلكين من تواصل ارتفاع الأسعار ووصولها لمستويات قياسية، خاصة بالنسبة لذوي الدخلين المتوسط والمحدود والفقراء.
ووصل سعر صرف الدولار إلى نحو 153 ألف دينار عراقي، بزيادة نحو 3 دولارات عن سعر الصرف المعتمد الذي كان البنك المركزي العراقي قد أقره قبل تشكيل الحكومة الجديدة.
وتعيش الأوساط الشعبية حالة من القلق وانعدام الثقة بقدرة السياسة النقدية الحكومية على ضبط الأمر ومنع استغلال هذا الارتفاع، كما حدث في نهاية عام 2020 عندما كان المسؤولون ينفون لآخر لحظة حدوث أي تغيير في سعر صرف الدولار، لكنهم على حين غرة أعلنوا تغييره من نحو 125 ألف دينار إلى 146 ألف لكل 100 دولار.
ويعزو اقتصاديون أسباب الارتفاع الأخير إلى إجراءات البنك المركزي بعد استبعاده في الأسابيع الماضية أربعة مصارف أهلية من مزاد بيع العملة وهي “الأنصاري، والشرق الأوسط، والقابض، وآسيا” إثر توجيهات وتحذيرات من وزارة الخزانة الأمريكية من هذه المصارف المتهمة بتهريب العملة.
ويرى الخبير المالي محمود داغر، أن إيقاف بعض المصارف الأهلية عن دخول مزاد بيع العملة نتيجة العقوبات الدولية وبدء البنك المركزي العراقي طريقة تدقيق جديدة ونظام تحويل “سويفت” بأسلوب شبيه بالنظام العالمي بما يتطلب تفاصيل دقيقة عن الحوالات الخارجية، أدى لرجوع العديد من الحوالات، فضلا عن تراجع المصارف المحلية عن شراء الدولار بسبب هذه الإجراءات المشددة.
وشهدت الأسابيع الماضية عقد سلسلة لقاءات مكثفة لمحافظ البنك المركزي العراقي، مصطفى غالب مخيف، مع مسؤولين غربيين تضمنت معظمها مناقشة “تطبيق العراق لآليات مكافحة غسيل الأموال قبل أن ينخفض حجم الدولار المباع من قبل البنك المركزي العراقي بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية بعد تلك اللقاءات والإجراءات مما أدى إلى تراجع قيمة الدينار العراقي وفقًا لخبراء.
ويتفق الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني، مع هذا الرأي بالقول إن “قيمة الحوالات في السابق كانت أكثر من 200 مليون دولار يوميًا، لكنها انخفضت اليوم بمقدار النصف تقريبًا بعد استبعاد المصارف الأربعة التي كانت تستحوذ على 45 بالمائة من قيمة الحوالات الخارجية”.
وأضاف أن “هذا الإجراء تسبب في نقص كبير في سوق الحوالات، ما أدى إلى اتجاه التجار لشراء العملة من السوق المحلية مما أدى إلى رفع الطلب على الدولار”.
بدوره يرى استشاري التنمية الصناعية والاستثمار عامر الجواهري أن هناك سببًا آخرًا يتمثل في المضاربات التي يشنها تجار العملة والتي يتحصل منها هؤلاء أموالًا طائلة دون وجود أي حسيب أو رقيب.
ويؤكد الجواهري أنه من الصعوبة بمكان التنبؤ باستمرار الارتفاع من عدمه، لا سيما إذا ما استمر الطلب المتزايد على الدولار في السوق السوداء مع تراجع مبيعات البنك المركزي، وهو ما يعني استمرار ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية في البلاد بما يؤثر مباشرة على العراقيين.
وتتفق المواطنة نوال الخضر، مع ما ذهب إليه الجواهري بالقول إن “هذا الارتفاع انعكس مباشرة على أسعار المواد حتى تلك المخزنة بكميات لدى المتاجر والمحال، على الرغم من شرائها وفقًا لسعر الدولار السابق قبل موجة الارتفاع الأخيرة، ما يعكس جشعًا واستغلالًا للأزمة من قبل العديد من محلات الجملة والتجزئة”.
وأضافت أن “كل شيء تقريبًا من السلع البسيطة زاد سعره بنحو 250 دينارًا إلى ألف دينار، من علبة حليب الأطفال إلى المعكرونة وغيرها، وهذا ما رصدته خلال تسوقي السريع الذي لاحظت خلاله أنني قد دفعت جراء هذا الاضطراب في سعر الدولار، على الأقل نحو 5 دولارات زيادة عن المبلغ الذي كنت أدفعه عادة لقاء مثل هذه السلع والمواد الغذائية”.

العقوبات الأمريكية وراء استبعاد مصارف أهلية عراقية من شراء الدولار بعد تورطها بعمليات “غسيل أموال”

وعلى الصعيد الحكومي قال وكيل وزارة التخطيط ماهر حماد جوهان إن “رئيس الحكومة محمد شياع السوداني أصدر توجيهات لاحتواء الآثار السلبية المترتبة على تغيير سعر صرف الدولار من خلال توفير فرص العمل ومعالجة الحدود الدنيا للأجور وحماية الفقراء والمهمشين وزيادة الاهتمام بمفردات السلة الغذائية”.
وأعلن النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي، في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر إن “الإجراءات التي سيتم اتخاذها من قبلنا ومن قبل رئيس الحكومة ‏والبنك المركزي ستكون سريعة وحاسمة في إيقاف التصاعد الحاصل في سعر صرف الدولار لحماية المواطنين ومنع انعكاس ذلك على الأسواق”.
بدورهم شكك مراقبون ومدونون بتصريحات المسوؤلين الحكوميين التي عدوها كذبًا مفضوحًا ومحاولة للهروب إلى الأمام للتغطية على فشلهم المتواصل منذ عشرين عامًا.
وأعاد مدونون التذكير بتصريحات رئيس الحكومة الحالية، محمد شياع السوداني، التي هاجم فيها قبل وصوله لسدة الحكم، قرار الحكومة السابقة بتغيير سعر الصرف، فضلًا عن التذكير بتبني “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران والذي أوصله لرئاسة الحكومة الجديدة، قضية إرجاع سعر الصرف إلى سابق عهده.
وبين المدونون أن السوداني سرعان ما تنصل عن وعوده بعد أسبوع واحد على تشكيل حكومته الجديدة، في مؤتمره الصحفي حينما، قال إن قرار تغيير سعر الصرف بيد “البنك المركزي العراقي”، ولن يتدخل في ذلك، لينقلب على تصريحه قبل وصوله لرئاسة الحكومة، يرادفه صمت “إطاري” بعد تبنيه إعادة سعر الصرف.
وكان السوداني قد تعهد، بأنه لن يترك المواطن يعاني من تبعات قرار تغيير سعر الصرف الذي أقرته الحكومة السابقة، وأن حكومته ستعمل على تقليل المعاناة من خلال رفد المواطن بالمواد الغذائية بشكل كبير ضمن مفردات الحصة التموينية إلا أن هذه الوعود لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع مع الارتفاع المتواصل لأسعار السلع الغذائية.
وتصدر خلال الساعات الماضية وسم “#دولار_الإطار_يسحق_الشعب” قائمة الأعلى تداولًا على موقع تويتر بآلاف التغريدات التي عبر فيها عراقيون عن سخطهم من الوضع الاقتصادي الذي تعيشه أسرههم في ظل تنصل الحكومة عن وعودها وفشلها في الاختبار الأول كما يقولون.
وتداول المغردون على نطاق واسع تصريحات السوداني التي أطلقها في العام الماضي حينما كان نائبًا في البرلمان حول أهمية تخفيض أسعار صرف الدولار، حينما كتب على حسابه في تويتر، وقتها “إلى الحكومة والزملاء والمعنيين، كفى عنادًا ولا تأخذكم العزة بالإثم، إعادة سعر صرف الدولار إلى ماكان عليه قرار لابد منه، لأن البديل ثورة الجياع، وستكون باهظة الكلفة بأضعاف فرق السعر المتحقق”.
ووصف مغردون السوداني بـ”الكذاب” حينما تخلى عن هذا الموضوع الذي كان يستخدمه لغايات الاستهلاك الإعلامي كدعاية انتخابية على حد وصفهم.

السوداني يتنصل عن وعوده السابقة المتعلقة بإرجاع سعر صرف الدولار إلى سابق عهده

وساهم ارتفاع الأسعار في السلع الأساسية في تفاقم موجة الغضب الشعبية لاسيما مادة الطحين التي انقطع توزيعها على المواطن ضمن مفردات البطاقة التموينية منذ ثلاثة أشهر ليصل سعر كيس الطحين إلى نحو 60 ألف دينار وفقًا لمواطنين.
ولفت عبد الرضا عبد جاسم الذي يعمل في محل لبيع المواد الغذائية في كربلاء الأنظار الى أسباب أخرى تساهم بارتفاع أسعار الطحين من بينها أن “الشاحنات التي تنقل مادة الطحين من خارج العراق تُفرض عليها رسوم فحص تصل إلى 160 ألف دينار وأجور ضريبية بنفس المبلغ.
وأكد على أن التجار يحملون تلك المبالغ على قيمة مادة الطحين ما يساهم في ارتفاعها على الموزع وتاجر التجزئة الذي يرفع بدوره سعرها.
ودعا جاسم إلى “دعم هذه المادة من قبل الحكومة وإسقاط هذه المبالغ أو تخفيضها لكي ينخفض سعر الطحين إلى أقل مما هو عليه الآن كونها مادة أساسية في حياة كل مواطن”
ويرى المواطن الكربلائي “أبو علي” أن “انتظام توزيع مواد البطاقة التموينية يحافظ على استقرار أسعارها في الأسواق بل يخفضها أحيانًا كما يحصل في توزيع مادة الرز في البطاقة التموينية كل شهر على الرغم من رداءة نوعيتها والذي ساهم بالحفاظ على أسعارها وانخفاضها إلى 13 ألف دينار لكيس الرز.
وقال أن “مادة الطحين لم توزع منها إلا 6 حصص من مجموع 12 حصة في هذا العام وهو ما رفع سعر كيس الطحين إلى مستويات قياسية”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى