أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

لعنة الفلوجة تلاحق القوات الأمريكية بإطلاق اسمها على سفينة حربية جديدة

دعاة السلام يصفون تسمية السفينة الحربية الأمريكية الجديدة بالفلوجة بالأمر المخزي حيث ارتكبت قوات المارينز جرائم حرب بحق العراقيين.

بغداد- الرافدين
رد دعاة السلام في العالم ومنظمات دولية إنسانية باشمئزاز على قرار البحرية الأمريكية تسمية سفينتها الحربية الجديدة بـ “الفلوجة” حيث ارتكبت القوات الأمريكية المحتلة مذبحة بحق آلاف العراقيين المدنيين مستخدمة الأسلحة المحرمة دوليًا.
وأجمعت منظمات دولية ومعلقون سياسيون ومراسلون صحفيون على أن معركة الفلوجة تذكر الجنود الأمريكيين بالخزي الذي لحق بهم بعد مذبحة الأطفال والنساء، معتبرين أن ما حدث في الفلوجة هو جريمة حرب كاملة الوقائع والأدلة نفذتها القوات الأمريكية.
وتأتي تسمية السفينة الحربية الجديدة بالفلوجة بعد أيام من تلعثم الرئيس الأمريكي جو بايدن وخلطه بين اسم مدينة الفلوجة العراقية ومدينة خيرسون الأوكرانية إثر الهجوم الروسي عليها، الأمر الذي فسره المتابعون بلعنة الفلوجة التي تلاحق القوات الأمريكية.
وأعلن وزير البحرية الأمريكي كارلوس ديل تورو في كلمة ألقاها في واشنطن مساء الثلاثاء أن “السفينة البرمائية الأمريكية الجديدة سيطلق عليها اسم (يو إس إس الفلوجة)”.
واستذكر تورو معركتي الفلوجة الأولى والثانية عام 2004، وجرائم الإبادة التي ارتكبتها القوات الأمريكية خلال حرب احتلال العراق. عادًّا التسمية بأنها من أجل تخليد ذكرى جنود المارينز الذين قتلوا في الفلوجة.
وقال “مع مقتل أكثر من 100 من قوات التحالف وجرح 600، تعد عملية الفلوجة أكثر الاشتباكات دموية في حرب العراق وأشرس قتال شارك فيه مشاة البحرية الأمريكية منذ معركة هيو سيتي في حرب فيتنام”.
وتقرر بناء السفينة البرمائية الحربية التي تزن 45000 طن، وهي أول سفينة حربية أمريكية تحمل اسم معركة ما بعد 11 سبتمبر، بعقد بناء قيمته 2.4 مليار دولار.
وقتلت القوات الأمريكية آلاف العراقيين المدنيين في معركة الفلوجة عام 2004 بينما اعترفت البيانات الحكومية آنذاك بمقتل 600 مدني عراقي من بينهم أكثر من 300 امرأة وطفل.
ووصف منتقدون إحياء الجريمة الأمريكية في الفلوجة التي أودت بحياة آلاف المدنيين العراقيين، بوصفها “نصرًا” لجنود المارينز بالمخزي الذي يبعث على العار والاشمئزاز.
ووصف الإعلامي العراقي محمد الجميلي قائد القوات البحرية الأمريكية بأنه يُسوّق لكذبة لا يصدقها أحد بأن المارينز انتصروا في الفلوجة.
وكتب الجميلي “الحق؛ أن الفلوجة كانت مقبرة لهم، ثم أحرقوها انتقامًا بكل أسلحتهم المحرمة، كالفسفور الأبيض، واليورانيوم المنضب، ليس كل تأريخ يمكن تزييفه”.
وكتب جيريمي سكاهيل الذي غطى حرب احتلال العراق خلال الغزو الأمريكي، أن “أبشع جرائم الحرب الأمريكية التي ارتُكبت خلال احتلال العراق وقعت في مدينة الفلوجة”.

محمد الجميلي: الفلوجة كانت مقبرة لهم، ثم أحرقوها انتقامًا بكل أسلحتهم المحرمة

وفي ظهوره عام 2007 في برنامج تلفزيوني، وصف سكاهيل حصار الفلوجة بأنه “واحد من أكثر عمليات الاحتلال الأمريكية وحشية واستمرارية”، مؤكدًا على أن رد البنتاغون القاتل على مقتل مقاولي “بلاك ووتر” في الفلوجة يشكل سابقة خطيرة.
وفي عام 2016، أشارت الصحفية هوب هودج سيك إلى “حملة الهمس” لتسمية السفينة الجديدة بالفلوجة، في تعبير عن الاستياء الشعبي من جرائم المارينز.
وبعد إعلان التسمية من قبل وزير البحرية الأمريكي كارلوس ديل تورو الثلاثاء، كتبت سيك على تويتر “لم يكن مرجحًا على الإطلاق أن تتهور وزارة البحرية الأمريكية وتطلق اسم الفلوجة على السفينة، ولكن الأمر كذلك الآن”.
وعلقت الكاتبة والمصورة الفوتوغرافية ايمي فورسيث التي رافقت جنود المارينز في العراق، على تسمية السفينة بالفلوجة “أنا متأكدة من أن الكثير من الناس يطأطئون رؤوسهم خجلًا من هذا الاسم، لقد عشت الكثير من الذكريات المؤلمة في الفلوجة، ولم يكن هناك انتصارات للقوات الأمريكية، بل هناك الكثير من الحزن لجميع الأطراف”.
وكانت القوات الأمريكية اجتاحت مدينة الفلوجة للمرة الأولى في نيسان 2004 في أعقاب مقتل مقاولين أمريكيين من عناصر شركة “بلاك ووتر” الأمنية، ثم شنت في تشرين الثاني من العام نفسه عملية عسكرية واسعة النطاق ألحقت دمارًا واسعًا بالمدينة بعد أن ضربتها بأنواع الاسلحة المدفعية والقصف الجوي.
واعترفت القوات الأمريكية التي حاصرت وقصفت الفلوجة أنها استخدمت قنابل الفوسفور الأبيض.

جيريمي سكاهيل: أبشع الجرائم الأمريكية ارتكبت في الفلوجة

وقال العميد نايجل آيلوين فوستر قائد القوات البريطانية الذي عمل مع القوات الأمريكية في بغداد آنذاك “إن القوات الأمريكية لم تفكر بالضرر المستقبلي من استخدام مثل هذه الأسلحة المدمرة في قصف الفلوجة”.
وكانت دراسة طبية قد كشفت أن معدل وفيات الرضع وإصابة أهالي مدينة الفلوجة العراقية بالسرطان بعد القصف الأمريكي للمدينة عام 2004 يفوق ما سجل بين سكان مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين اللتين ألقيت عليهما قنابل ذرية في الحرب العالمية الثانية عام 1945.
وأكدت دراسة طبية أن التشوهات الخلقية لدى مواليد مدينة الفلوجة العراقية عائدة لنوعية الأسلحة التي استخدمتها القوات الأمريكية في ضرب المدينة بعد احتلال العراق عام 2003.
وتوصلت الدراسة للمرة الأولى إلى أن الارتفاع الحاد في العيوب الخلقية للمواليد في مدينة الفلوجة تعود إلى أن الضرر الوراثي نجم عن الأسلحة المستخدمة في الهجمات التي شنتها القوات الأمريكية على المدينة.
وحددت الدراسة المعادن كعوامل ساهمت في نشر التلوث بمدينة الفلوجة وخاصة بين أوساط الأمهات الحوامل والتسبب في التشوهات الخلقية، مما سيثير موجة جديدة من التكهنات بأن سبب ارتفاع العيوب الخلقية نجم عن استخدام قذائف اليورانيوم المنضب بكثافة في الهجومين اللذين شنتهما القوات الأمريكية على المدينة.
وقال موزغان سافبيسفهاني خبير السموم البيئية وأحد واضعي الدراسة “نشتبه بأن سكان الفلوجة تعرضوا بشكل حاد إلى عامل بيئي لا نعرف ما هو”.
واضاف سافبيسفهاني “أن وباء العيوب الخلقية يتكشف في الفلوجة، وهذا يُعد أزمة خطيرة في الصحة العامة تحتاج إلى الاهتمام العالمي، ونحن بحاجة إلى بحث مستقل وغير متحيز في الأسباب التي أدت إلى وقوعه، وندعو العلماء والمنظمات للتعاون معنا حتى نتمكن من الحصول على القوة المطلوبة للتصدي لهذه المشكلة الصحية الخطيرة”.
وقال الدكتور كريس باسبي أحد المشرفين على الدراسة التي شملت 4800 شخصًا من سكان الفلوجة “أنه من الصعب تحديد سبب حالات السرطان والتشوه الخلقي”، لكنه خمن بأن ذلك قد يعود إلى استخدام سلاح جديد ضد المباني يخترق الجدران ويقتل من بداخلها”.
وقالت طبيبة عراقية في مستشفى الفلوجة العام في حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أنها تشرف يوميًا على ثلاث ولادات مشوهة منذ عام 2005.
وعبرت سيدة عراقية من حي الجولان في الفلوجة عن ألمها وعجزها عن معالجة طفلها المشوه وهي تعرض صوره الفوتوغرافية.
وأكد طبيب عراقي يعمل في مستشفى الفلوجة أنه يرى طفلين أو ثلاثة أطفال مشوهين خلقيًا كل يوم، فيما أعلن الجيش الأميركي أن لا علم له بوجود تقارير رسمية عن زيادة عدد الأطفال المصابين بتشوهات خلقية في الفلوجة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى