أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

عجز حكومي أمام تفاقم ظاهرة الطلاق في المجتمع العراقي

الضائقة الاقتصادية وتفشي الفساد والبطالة بين الشباب وغياب الخطط الحكومة وراء ارتفاع نسبة الطلاق في العراق.

بغداد – الرافدين
كشف مجلس القضاء الأعلى عن أرقام مرتفعة لحالات الطلاق والتفريق التي أصدرتها المحاكم في بغداد والمحافظات لشهر تشرين الثاني الماضي بعد أن سجلت ارتفاعًا كبيرًا لنسب الطلاق في مؤشر يدلل على حجم المشاكل التي تعصف بالمجتمع العراقي.
وسجلت المحاكم في العراق، أكثر من ستة آلاف حالة طلاق في عموم العراق خلال تشرين الثاني الماضي، وتصدر جانب الرصافة في بغداد المناطق الأكثر تسجيلًا لحالات الطلاق، حيث شهد قرابة 1000 حالة، وفقًا لوثيقة حصلت عليها “الرافدين” حيث بلغت أعداد حالات تصديق الطلاق الخارجي في عموم المحافظات 5173 حالة، بينما بلغت حالات التفريق بحكم قضائي 1722 حالة.
ودقت مصادر حقوقية ناقوس الخطر من التزايد المقلق لمعدلات الطلاق مطالبين المؤسسات المختصة التي لم تمارس دورها بشكل فعال على مدار عقدين من الزمن بإيجاد الحلول للتقليل من تلك النسب، مشيرة إلى أن الطلاق أصبح ظاهرة مستفحلة وسيؤدي إلى نسف النسق السوي للأواصر المجتمعية ويقودها إلى المصير المجهول بعد تفتت الأسر وتشتت أبنائها.
ويرى الأكاديمي والمحامي محمد السيلاوي أن دور الحكومات في معالجة الأسباب، قاصرة جدًا وغير كفوءة لمقابلة هذه الأعداد، وستتسبب بحالات أكثر مستقبلًا ويحصل التفكك بشكل أكبر.

شيماء عبد العزيز العباسي: الإحصائيات الحقيقية لحالات الطلاق تفوق المسجلة رسميًا

وتقول أستاذة علم النفس في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز العباسي إن “الطلاق في العراق أصبح ظاهرة وأن الإحصائيات الحقيقية لحالات الطلاق تفوق المسجلة رسميًا، إذ إن الكثير من الحالات تكون في البيوت بطلاق عاطفي ونفسي، وتكون غير مسجلة في المحاكم”.
ويسلط حديث أستاذة علم النفس الضوء على ما يعرف بالطلاق الصامت الذي يرسم نهاية غير رسمية للعلاقات الزوجية، حيث يظل عقد الزواج ساري المفعول أمام الجميع لكنه مُنته بين ركنيه الرئيسين.
ويرى المعنيون بقضايا الأسرة، أن ازدياد الطلاق سببه أزمات المجتمع العراقي وأبرزها الضائقة الاقتصادية وتفشي الفساد وازدياد مشكلة البطالة بين الشباب وعدم وجود تخطيط من قبل الحكومة لمعالجتها، بالإضافة إلى غياب الخطط الاقتصادية التي زادت من صعوبة المعيشة، ما ولد حالة غضب لدى جميع فئات المجتمع العراقي، كما يلعب المستوى التعليمي ونقص الوعي بالقضايا الشرعية والقانونية، دورًا مؤثرًا في قضايا الطلاق، إضافة إلى التأثير السلبي لبعض القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي.
فيما يرى آخرون، أن ارتفاع حالات الطلاق تفرز قنابل موقوتة، لعل من أبرز نماذجها أطفال الشوارع، الذين هم في غالبهم ضحايا طلاق آبائهم، حيث يقعون بسهولة في فخاخ العصابات الإجرامية والسرقة والتسول، وبيع الأعضاء البشرية والمتاجرة بهم.
وحذر المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان من تداعيات الارتفاع الملفت للنظر في حالات الطلاق وتأثيرها السريع على اللحمة المجتمعية.
وأوضح أن ارتفاع معدلات الطلاق بات يهدد الأمن المجتمعي ومستقبل الأطفال الذين قد ينشؤون في ظروف غير سليمة.
ويجمع خبراء اجتماعيون على أن أطفال الشوارع أبرز ضحايا الطلاق والتفكك الأسري، وسيتخرجون على يد ميليشيات إرهابية، وعصابات إجرامية بدل تخرجهم من المدارس والجامعات.
وعبرت الناشطة الحقوقية نور نافع عن أسفها من ارتفاع نسبة الطلاق بشكل مقلق للغاية في العراق، في دلالة مفجعة على تفشي التفكك الأسري، وعلى انهيار بيوت وتشرذم العائلات.
وقالت نافع “لا يمكن الحد من ظاهرة الطلاق دون أن نؤسس لوعي مجتمعي وأن يكون هناك رخاء اقتصادي في البلد”.
ويرى مراقبون أن “استمرار الأزمات الاقتصادية والأمنية التي يعيشها العراق منذ عشرين عامًا نتيجة الاحتراب السياسي الذي أحدثته الأحزاب والكتل السياسية الساعية وراء السلطة بقوة السلاح، فقد أصبح المجتمع العراقي يدفع ضريبة باهظة انعكست سلبًا على سلوكياته وعلاقاته العائلية نتيجة الاضطرابات النفسية التي يمر بها بحسب ما أكده تزايد أعداد حالات الطلاق.
ولفت المراقبون أن حكومات الاحتلال مازالت تتبع النهج الذي وضعه الاحتلال لتدمير بنية المجتمع من خلال بث الكراهية في المجتمع واختلاق الأزمات خدمة للمصالح الشخصية والأجندات الخارجية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى