مخطط أمني لحكومة السوداني بقمع أي تظاهرة مطلبية أو سياسية
القوات الحكومية تستخدم العصي وقنابل الغاز ورذاذ الفلفل في الاعتداء على حشود المتظاهرين من المتقاعدين
بغداد – الرافدين
كشف اعتداء قوات الأمن على حشد من المتقاعدين المدنيين والعسكريين أثناء تظاهرة سلمية يطالبون بها بحقوقهم، النهج الذي تسلكه حكومة محمد شياع السوداني في قمع التظاهرات.
وعزت مصادر سياسية عراقية طبيعة الاعتداءات التي قامت بها القوات الحكومية، إلى تعليمات متشددة بقمع أي تظاهرة لمنع تصاعد الاحتجاجات التي تهدد حكومة “الإطار التنسيقي”.
وأشارت المصادر إلى أن قمع تظاهرة المتقاعدين أتت بعد أيام من جريمة قتل مجموعة من المتظاهرين في مدينة الناصرية في محافظة ذي قار، الأمر الذي يؤكد أن حكومة السوداني ومن خلفها ميليشيات الإطار التنسيقي، لن تتردد بقمع أي تظاهرة بنفس أسلوب حكومة عادل عبد المهدي الذي أودت بحياة مئات المتظاهرين في ثورة تشرين.
وقامت قوات الأمن بضرب المتقاعدين باستخدام العصي وقنابل الغاز ورذاذ الفلفل إلى جانب الشتائم بالكلمات البذئية لفض تظاهرتهم التي ضمت العديد من الرجال والنساء من كبار السن المطالبين بحقوقهم الشرعية.
واستنكر عراقيون قيام قوات الأمن بالاعتداء على المتقاعدين من العسكريين والمدنيين الذين خرجوا بتظاهرة سلمية للمطالبة بحقوقهم.
وأكدت المصادر أن أحزاب الإطار التنسيقي وضعت خطة أمنية لحكومة السوداني يتم بموجبها قمع أي تظاهرة في مكانها وعدم السماح لها بالتوسع.
وأشارت إلى أن أكثر ما تخشاه حكومة السوداني هو امتداد التظاهرات لاسيما وأن نشطاء ثورة تشرين يعدون لاحتجاجات موسعة لأسقاط حكومة الميليشيات الولائية.
وتفاعلت وسائل التواصل الاجتماعي مع مقاطع فيديو تظهر الاعتداءات التي قامت بها القوات الأمنية ضد المتقاعدين الذي أطلق عليهم تسمية “أصحاب الشيبة البيضاء” الذين خدموا العراق وشعبه طيلة السنوات الماضية.
وقال مراقبون أن الاعتداء حدث أمام مرأى ومسمع حكومة السوداني التي اكتفت بالصمت تجاه ما يحدث وقررت عدم الإدلاء بأي بيان أو تصريح أو اتخاذ موقف جاد تجاه ماحدث على الرغم من أن المظاهرات التي خرج بها المتقاعدون كانت أمام مبنى رئاسة الوزراء في بغداد.
وطالب متظاهرون بمحاسبة القوة الأمنية التي قامت بسحل وضرب عدد من كبار السن من المتقاعدين دون مراعاة لأبسط الحقوق وعدم احترام كبار السن.
ونادى المتقاعدون بعدد من المطالب أبرزها تعديل قانون التقاعد وزيادة رواتبهم التي فقدت قيمتها الشرائية بسبب الإجراءات الحكومية التي عملت على خفض العملة المحلية أمام الدولار إلى جانب ارتفاع نسبة التضخم، فيما طالب أخرون بانصاف المتقاعدين الذين تم إحالتهم إلى التقاعد منذ عدة سنوات ولم يتم منحهم أي راتب بالإضافة إلى تأخير صرف الروتب لعدة أيام.
وناشد المتقاعدون الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بالتدخل لإيجاد حلول لأزمة المتقاعدين الذين يخرجون بين فترة وأخرى بتظاهرة احتجاجية للمطالبة بحقوقهم، فيما تحدث متقاعدون عن بعض من أحيلوا على التقاعد برواتب قليلة جدًا ومنهم ضباط وأساتذة جامعات لاتتجاوز رواتبهم إلى الأن الـ 500 ألف دينار، ناهيك عن أن البعض منهم لم يتمكنوا من إكمال معاملاتهم التقاعدية بسبب الروتين ووضع العراقيل، وأفاد المتقاعدون من كبار السن أن الرواتب الممنوحة لا تكفي لتكاليف العلاج، وعبر أخرون عن وجود تمييز كبير بين المتقاعدين في اختلاف الرواتب وبعض الامتيازات.

وقال رئيس الجمعية العراقية للمتقاعدين مهدي العيسى “إن كل قوانين التقاعد الحالية تحمل تمييزًا واضحًا بين الموظفين، وإن جميع دول العالم تمنح الموظف عند تقاعده جميع وسائل الراحة وتتكفل بمعيشته على العكس ما يحدث في العراق فأن الموظف العراقي بعدما يحال على التقاعد سيبدأ بالتظاهر للمطالبة بأبسط الحقوق”.
وانتقد اقتصاديون قانون التقاعد المترهل بالمشاكل اللوجستية التي لا تأخذ بنظر الاعتبار طبيعة الاقتصاد العراقي الذي يعاني من نسب عالية من التضخم، إلى جانب وجود فجوة بين رواتب المتقاعدين صنعت الفوارق والتمييز الوظيفي.
وكشفت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم عن وجود تمييز وتفرقة بين المتقاعدين الذين خرجوا من الخدمة مؤخرًا والمتقاعدين الذين خدموا بوظائفهم في عهد النظام الساب، مبينة أن التفاوت الكبير في حجم المبالغ الممنوحة إلى المتقاعدين حيث إن المتقاعد القديم يتم منحه راتب بحدود 400 – 500 ألف دينار بينما المتقاعدين الذين خدموا ما بعد 2003 يتم منحهم أكثرمن مليون دينار.
وقالت إن رواتب المتقاعدين ليس لها علاقة بالموازنة المالية وأن كل موظف يدخل الخدمة يتم استقطاع جزء من راتبه طيلة فترة خدمته ليتم صرفه على شكل رواتب تقاعدية، مشددة على أن الرواتب ليست منحة حكومية، بل هي مدخرات الموظفين.
وعدت الخبيرة الاقتصادية تظاهرة المتقاعدين جاءت للمطالبة بحقوقهم ومستحقاتهم ولم يتم المطالبة بأشياء فوق الخيال على حد وصفها.
في غضون ذلك تتواصل تحركات داخل البرلمان لإجراءت تعديلات على قانون زيادة رواتب المتقاعدين، من دون أن تخلو من دوافع سياسية وصفقات بين الأحزاب والقوى السياسية.
وقال عضو اللجنة المالية النيابية محمد نوري، إن رواتب المتقاعدين تحتاج إلى أكثر من تريليون دينار في حال زيادتها. نظراً لوجود أكثر من ثلاثة ملايين متقاعد في عموم البلد.
وأضاف أن الحديث عن تعديلها يدور حالياً في كواليس وأروقـة السياسيين لكسب ود الشارع.