أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

تخادم ميليشياوي حكومي يكشف عمليات تهريب نفط البصرة

ضابط في قيادة عمليات البصرة: عمليات التهريب النفطي تجري عبر إيران، وأغلب شبكات التهريب مرتبطة بجهات متنفذة من أحزاب وجماعات مسلحة.

البصرة ــ الرافدين
كشفت التصريحات الحكومية الأخيرة بشأن تورط عدد من الضباط والمنتسبين في جرائم تهريب النفط في محافظة البصرة، حجم التخادم بين الميليشيات والمسؤولين الحكوميين من أجل استمرار مسلسل نهب وسرقة ثروات العراق النفطية.
واعترف “جهاز الأمن الوطني”، أن ضباطًا كانوا يوفرون الحماية إلى مهربي النفط في البصرة، عن طريق إصدار برقيات رسمية لحركة الصهاريج عبر دفع الأموال أو بأسماء مصانع وهمية.
ووفقًا لبيان “جهاز الأمن الوطني”، فإن عملية التهريب تتم عبر ثلاث مراحل من خلال الضباط المتورطين أو ما يسمى بالمندوب، مشيرًا إلى أنه يتم استحصال الأموال بصورة يومية وتقدر بـ 490 مليون دينار للخرق الواحد.
وأوضح أن عملية التهريب تقع في الليل بواقع 30 عربة ناقلة للنفط وإن عملية السرقة تستمر من الخرق الواحد لمدة شهر كامل، ثم يقوم هؤلاء المنتسبون في القوات الحكومية مع القوة المكلفة بالحماية والمتورطة بالسرقة بالإبلاغ عن الخرق، ثم فتح فتحة آخرى في شبكة الأنابيب.
وتتكرر عمليات التهريب النفطي من العراق من قبل الميليشيات الموالية لإيران، عبر إحداث ثقوب في الأنابيب النفطية الناقلة، وربط أنابيب أو خراطيم لسحب كميات من النفط لغرض تهريبها خارج البلاد وسط ضعف حكومة محمد شياع السوداني عن مواجهتها وحماية ثروات البلاد.
وكانت شبكة “إس بي غلوبال” قد أفادت بأن الميليشيات في العراق تدير عمليات تهريب النفط أمام أنظار السلطات الحكومية وبغطاء حزبي.
وأضافت الشبكة أن الميليشيات تتلاعب بالسجلات الرسمية للشركات النفطية، وتبتز المسؤولين المحليين للتغطية على سرقاتها.
وأكد ضابط في قيادة عمليات البصرة رفض الكشف عن اسمه، أن غالبية عمليات التهريب النفطي تجري عبر إيران، وأن أغلب شبكات التهريب مرتبطة بجهات متنفذة من أحزاب وجماعات مسلحة.
ويكثر الحديث عن المعلومات المتعلقة بعمليات سرقة وتهريب النفط في معظم المحافظات العراقية التي توجد فيها آبار للنفط مثل ميسان وكركوك وديالى ونينوى والبصرة، دون اتخاذ خطوات ملموسة لإيقافها.
وسبق أن أعلنت القوات الحكومية عن إحباط عدد من عمليات تهريب النفط والقبض على المتورطين بها، إلا أنها لم تكشف عن الجهات التي تقف وراءها، كما لم تكشف مجريات التحقيق مع المعتقلين، أو الأحكام التي قد تصدر بحقهم.
ولم تسفر عمليات الضبط لمكامن تهريب النفط بالعراق على مدى سنوات عن آليات حقيقية لمكافحة هذه الجرائم التي تستنزف ثروات البلاد النفطية لصالح الأحزاب والميليشيات التي بنت شبكات منظمة تضم ضباطًا لاسيما في البصرة وأنشأت لاحقًا شراكات لتبييض الأموال والهيمنة أكثر على الاقتصاد العراقي.

الميليشيات تستنزف ثروات البلاد النفطية في ظل غياب سلطة القانون

ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تزداد عمليات تهريب النفط العراقي من البصرة، مع ارتفاع أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية فضلًا عن غياب المتابعة والمحاسبة الحكومية، في وقت يكشف مسؤولون في البصرة أن عمليات التجاوز على أنابيب النفط تؤشر أن المهربين حصلوا بالفعل على خرائط الشبكات النفطية ما سهل عملهم بعيدًا عن الأنظار.
ويشير الخبراء إلى ارتباط شبكات التهريب بأحزاب وشخصيات سياسية نافذة تقوم عادة بإدارة المشهد من خلف الستار من خلال توظيف ونقل الضباط الكبار إلى المناطق المحددة لتسهيل عمليات سرقة وتهريب النفط الخام.
ويرى الباحث في اقتصاد الطاقة أحمد صدام، أن قدرة حكومة محمد شياع السوداني في مواجهة عمليات تهريب النفط مشروطة بمدى قدرة الجهات الأمنية على مواجهة المافيات الخارجة عن القانون.
وأوضح صدام خلال حديثه لصحيفة “العربي الجديد” أن عملية السيطرة على تهريب النفط يجب أن تبدأ أولًا من السيطرة على بعض الخروقات التي تصدر من بعض الجهات الأمنية وعدا ذلك تبقى المشكلة قائمة ولا تمكن السيطرة عليها.
وأشار صدام إلى أن هناك جماعات متنفذة أو وجهات مسنودة من قبل أحزاب ومسؤولين حكوميين تسهم في تسهيل عملية التهريب، بدليل أن بعض الشحنات المهربة تصدر فيها أوراق رسمية لتسهيل عملية المرور من نقاط التفتيش، وأن التهريب يجرى بالتنسيق بين عدة أطراف مقابل الحصول على منافع مادية غير مشروعة، مستغلين بذلك ضعف الرقابة الحكومية.
وأكدت صحيفة “ذا ناشيونال” التي تصدر باللغة الإنجليزية في أبوظبي، أن العراق قد سقط كليًا تحت سيطرة شبكات رعاية الفساد، التابعة لجهات سياسية حكومية متنفذة.
وذكرت أن تورط جهات سياسية عديدة بشبكات الفساد ورعايتها بشكل مباشر، بات يمثل عائقًا للانتصار في الحرب على الفساد.
وأستبعدت أن تتمكن حكومة السوداني من محاسبة الميليشيات والجهات التي تساندها في تهريب النفط العراقي.
وأكدت لجنة الطاقة النيابية، أن ملف تهريب النفط معقد ومرتبط بعصابات وميليشيات وسياسيين في مناصب حساسة في الحكومة.
وقال عضو اللجنة عدنان الجابري، إن عملية الحفاظ على الثروات النفطية يكمن في عمل وزارتي النفط والداخلية للسيطرة على ملف التهريب، مطالبًا بوضع مراقبة إلكترونية على الأنابيب، فضلًا عن نصب أجهزة مراقبة أو إطلاق طائرات مسيرة للاستطلاع.
وتمثل عملية تهريب النفط في البصرة امتداد لمسلسل فضائح الفساد التي كشفت في الآوانة الأخيرة، وأبرزها ما يسمى بـ “سرقة القرن” المتعلقة بالأمانات الضريبية والتي تقدر قيمتها بنحو 2.5 مليار دولار، حيث أشارت المبعوثة الأممية جينين بلاسخارت في وقت سابق أن “سرقة القرن” لن تكون الأخيرة مؤكدة أن الفساد هو أحد الأسباب الرئيسية للاختلال الحاصل في العراق، وإن إبقاء المنظومة “كما هي” سوف يرتد بنتائج سلبية في النهاية.
ولفتت بلاسخارت، أن الفساد المستشري والممنهج يعد أحد أكبر التحديات التي تواجه العراق، وتكلفته الاقتصادية وتأثيره السلبي على الاستقرار والازدهار هائلان حيث يقوض التقدم، ويحرم المواطنين من حقوقهم المشروعة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى