أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

رفات الأبرياء في الموصل تكشف حجم الإبادة الجماعية لسكان المدينة

حرب إبادة الموصل حولت المدينة إلى مقبرة جماعية كبيرة مازالت أسرارها تتكشف يومًا بعد آخر على الرغم من مرور أكثر من خمس سنوات على استعادة المدينة.

الموصل – الرافدين
فتح إعلان الدفاع المدني عن العثور على رفات وجبة جديدة من الجثث تحت أنقاض المنازل المدمرة في الموصل القديمة، الباب مجددًا للحديث عن حجم الإبادة الجماعية الذي تعرضت له مدينة الموصل إبان الحرب عليها قبل خمس سنوات.
وكان مرصد عراقي معني بحقوق الإنسان قد كشف قبل عدة أشهر أن ما بين 700 إلى 1000 جثة لمدنيين ما زالت تحت الأنقاض، وهي الجثث المعلومة فقط، لكن قد يرتفع العدد إلى الضعفين في حال رفع أنقاض المنازل والمباني الأخرى التي ما زالت جاثمة لغاية الآن.
ووفقًا لبيان مديرية الدفاع المدني في نينوى، فإن “فريق البحث والإنقاذ التابع للمديرية انتشل ثمانية جثث، وهي عبارة عن بقايا عظمية مجهولة الهوية كانت تحت ركام المنازل المدمرة بمنطقتي سوق الشعارين والميدان في الموصل القديمة في الجانب الأيمن من مدينة الموصل”.
وتتغاضى السلطات الحكومية عن المطالب المتكررة من آلاف العائلات في محافظة نينوى بمعرفة مصير أبنائها المفقودين منذ انتهاء معركة استعادة المدينة، وضرورة إجراء فحص الحامض النووي الوراثي لحسم هوية تلك الجثث وإبلاغ ذويهم بنتائج الفحوصات.
ويعيد إعلان مديرية الدفاع المدني للأذهان خبر العثور على المقبرة الجماعية في حي الرفاعي بمدينة الموصل، والتي عدها مراقبون بمثابة المفتاح للإجابة عن كثير من التساؤلات حول مصير عشرات الآلاف من المدنيين الذين فقدوا تحت الأنقاض.

الدفاع المدني يعلن العثور على رفات 8 جثث تحت أنقاض المنازل المدمرة في الموصل القديمة

ويؤكد سكان محليون ومسؤولون في المدينة وجود عشرات المقابر الجماعية، تحت الأنقاض لم تكشتف بعد في ظل خشية السلطات الحكومية من إعادة الضحية إلى الذاكرة ومحاولاتها الحثيثة للإبقاء على الجرائم في طي النسيان.
وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق قد أصدرت بيانًا موسعًا في حينها، قالت فيه أن هناك “محاولة مفضوحة لتضليل الحقائق والتستر على هذه الجريمة وأسبابها ومرتكبيها وطبيعة الجثث الموجودة فيها، إذ منعت القوات الحكومية الصحفيين من تغطية هذه المشاهد أو مرافقة فريق انتشال رفات الضحايا”.
ولفت البيان إلى وجود أكثر من عشرين مقبرة مماثلة في مدينة الموصل، كما شدد نقلا عن مسؤولين محليين على أن “هذه المقبرة الجماعية تضم ضحايا من أهالي منطقة حي الرفاعي والأحياء المجاورة لها”.
وعدت الهيئة في بيانها المقبرة بأنها “جزء من دلائل وشواهد خطيرة على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مدينة الموصل”، مُحمّلة حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي المسؤولية المباشرة عن هذه الجرائم والحكومات اللاحقة بـ”التستر عليها وتضليل الرأي العام بشأنها”.
وتجاوز عدد الجثث المكتشفة في تلك المقبرة وحدها الـ 140 جثة في قبور متفرقة في حي الرفاعي خلف جامع بهاء الدين في الساحل الأيمن للموصل، غالبيتها هياكل عظمية ضمت رجالًا ونساءًا وأطفالًا بينهم رضّع، قتلوا وفقًا لشهادات مسؤولين في مدينة الموصل بقصف جوي من طائرات التحالف الدولي.
ونقل تقرير لمرصد “أفاد” المعني بالدفاع عن حقوق الإنسان، تأكيد مسؤول في الطب العدلي بأن اللجنة المشكلة أخذت عينات فحص الحمض النووي للجثث لكنهم لا يستطيعون معرفة هوية المغدورين بسبب عدم وجود عينات سابقة لمطابقتها، وهذا ما ينفي بشكل قاطع اتهام أصحاب هذه الجثث بأنهم من تنظيم “داعش” أو من ذويهم، مشيرًا إلى ورود تعميم شفهي من جهات وصفها بـ”العليا” بتسويف الموضوع وإطلاق صفة “الدواعش” أو ذويهم على الشهداء.
ويعيش أكثر 1.5 مليون من أهالي مدينة الموصل بين أنقاض الدمار الذي حل بمدينتهم من دون أي أمل بإعادة أعمار المدينة المنكوبة.
وتشهد المدينة عملية إعادة إعمار بطيئة على الرغم من أن العديد من سكانها يعيشون ظروفًا صعبة بينما مازالت مستشفياتها العامة مدمرة، وبعض المباني تحمل حتى الآن ندوب الحرب، إذ لا تزال مدمّرة أو آثار الرصاص باقية على جدرانها، شاهدة على معارك دامية في المدينة.
وتماطل السلطات الحكومية بشأن مشاريع إعمار مدينة الموصل بعد الدمار الذي لحق بها، وبعد تهجير مئات الآلاف من الأسر الى مخيمات النزوح إثر تدمير منازلهم.
ويتصارع لوردات الفساد والميليشيات المتنفذة على الاستحواذ على مشاريع إعمار المدينة، الأمر الذي يحول دون الشروع بتنفيذها.
ويقول مسؤول بارز في ديوان المحافظة إن كل جهود السنوات الماضية في الإعمار لم تتعد أكثر من 15 بالمائة، والخراب الباقي بحاجة إلى مبالغ ضخمة ولم تف الحكومة في بغداد بوعودها في منح السكان مبالغ تعويضية عن منازلهم لإعمارها أو لإعمار المباني والمنشآت الخدمية العامة.
ويضيف المسؤول في تصريحات صحفية، أنه “لغاية الآن، يتم انتشال جثث جديدة وهناك جثث ما زالت تحت الأنقاض لمدنيين قضوا بالقصف، وهناك أيضًا آلاف المواطنين مختفين لا يعلم أحد مصيرهم ويعتقد أنهم قضوا أيضًا بالمعارك. والمدينة لم تحصل إلا على الوعود الكلامية”، وفقًا لتعبيره.
بدوره يؤكد النائب عن محافظة نينوى عبد الرحيم الشمري إن “الخراب لا يزال يمثل علامة من علامات الموصل حاليًا، وأن أجزاءًا منها لم تشهد أي عمليات تأهيل وتعمير، وتحديدًا أحياء الجانب الأيمن من المدينة، وهي مهملة بشكل كبير”،
وأضاف أن “الزيارات التي يبادر بها مسؤولون وشخصيات حكومية لا تعبر عن حالة الاهتمام التي يطالب بها الأهالي، بل هي شكل من أشكال الاستعراض الإعلامي، وغالبًا لا تترك أي آثار أو قرارات إيجابية وواقعية”.
وكانت وزارة التخطيط في الحكومة الحالية قد أعلنت في وقت سابق أن كلفة الدمار الذي خلفته العمليات العسكرية في المدن المنكوبة، بلغت أكثر من 88 مليار دولار، كان نصيب الموصل منها كبيرًا، بعد تدمير أكثر من 56 ألف منزل، وتسجيل أسماء 11 ألف مفقود.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى