مجلس القضاء الأعلى في العراق يقر بتبعيته لأجندة سياسية إيرانية
أستاذ في معهد القضاء الأعلى ببغداد يطالب استعادة استقلالية القضاء المستلبة من قبل قوى وأحزاب سياسية تابعة لإيران.
بغداد- الرافدين
وصف مصدر قضائي عراقي مسؤول، الاجتماع الذي عقد في طهران بين وفد من مجلس القضاء الأعلى مع فريق إيراني بشأن مقتل رئيس فيلق القدس قاسم سليماني، بإنه لا يمت بصلة لتبادل المعلومات، وإنما يعبر بوضوح عن “التبعية المعيبة” لتوجهات ومصالح إيرانية تخل باستقلالية القضاء العراقي.
وقال المصدر الذي يمارس التدريس في معهد القضاء الأعلى منذ تسعينات القرن الماضي، أن بيان المجلس بعد الاجتماع في طهران لا يمت بصلة للحقيقة، وإنما يعبر عن تنازل معيب عن استقلالية القضاء العراقي وانصياعه لتوجهات سياسية في وقت يدرك بانها ليست من اختصاصه.
وطالب المصدر في تصريح لقناة “الرافدين” مفضلا عدم ذكر أسمه، القضاء العراقي استعادة استقلاليته المستلبة من قبل قوى وأحزاب سياسية تابعة لإيران، وعدم التفريط بتاريخه.
وقال إن العراقيين لا يثقون بالقضاء اليوم بوصفه الحصن الأخير للحفاظ على الدولة، وتلك حقيقة مؤلمة يشعر بها أي قاضي عراقي، لكن أن يتحول الأمر إلى تبعية معيبة لجهات إيرانية ذلك ما يعد “إشارة عار” على تاريخ القضاء.
وتهكم المصدر المسؤول على بيان مجلس القضاء الأعلى بأن اللقاء مع الوفد الإيراني جاء بذريعة “تبادل المعلومات” بشأن مقتل رئيس فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس ميلشيا الحشد أبو مهدي المهندس، في الغارة الأمريكية قرب المطار. واصفا الذريعة بأنها أسوأ من الزيارة نفسها.
وكان مجلس القضاء قد أعلن يوم الإثنين، المشاركة في اجتماع في العاصمة الإيرانية طهران لتبادل المعلومات بخصوص مقتل المهندس وسليماني بضربة أمريكية قرب مطار بغداد عام 2020.
ونقل البيان عن الوفد القضائي العراقي، قوله، إن “منهج القضاء في التعامل مع أية جريمة تعرض عليه يكون على وفق الأدلة المنصوص عليها في القوانين النافذة والتي تقدم من الجهات الأمنية التي تتولى التحقيق، وأن القضاء سوف يتخذ الإجراءات القانونية بحق كل من يثبت عليه دليل اشتراك في هذه الجريمة”.
ووصف رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، يوم الخميس الماضي، عملية مقتل سليماني والمهندس من قبل طائرة أمريكية عام 2020، بأنها “جريمة غادرة ليس لها أساس قانوني” معبرا في ذلك عن موقف سياسي مكشوف لا يمت بصلة لرجل القضاء.
وبيّن زيدان، أن “القضاء أصدر مذكرة قبض بحق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي اعترف بارتكابه الجريمة”.
وتهكم عراقيون على تعهد زيدان بمحاسبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على عملية مقتل المهندس وسليماني، متسائلين كيف للقضاء العاجز عن محاسبة عنصر ميليشياوي واحد ارتكب عشرات جرائم القتل على الهوية، أن يحاسب ترامب.
وسبق أن قال ترامب إلى أنه ضرب “عصفورين بحجر واحد”، في مقتل سليماني والمهندس، ورغم أنه أقر بأن الضربة “هزت العالم”، فإنه أكد أن سليماني “كان يستحق هذه الضربة القاسية لأنه كان شريرا لقد قتل مئات آلاف الأشخاص”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في إدارة ترامب، مورغان أورتيغاس “قبل ثلاث سنوات، دمر جنودنا أخطر إرهابي في العالم، قاسم سليماني. وتم تحقيق العدالة لآلاف الضحايا”.
وتكشف تصريحات زيدان وزيارة الوفد القضائي إلى طهران، حجم التغلغل الإيراني وميليشياتها في مؤسسات القضاء في العراق.
وكانت مصادر صحفية قد كشفت أن “وفداً إيرانياً وصل إلى بغداد، الأسبوع الماضي؛ لانتزاع اعتراف من الحكومة العراقية بأن سليماني، الذي قتل في الغارة الأمريكية كان ضيفاً على العراق بصفة رسمية”.
وذكرت أن الوفد ضم دبلوماسيين وقانونيين من طهران، بتكليف من وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، مبينة أن الوفد مارس ضغوطاً كبيرة على حكومة محمد شياع السوداني؛ لإصدار وثيقة رسمية تعترف بأن سليماني كان ضيفاً رسمياً للعراق، لدى مقتله في الثالث من كانون الثاني 2020.
يذكر ان سليماني كان يقوم بزيارات مستمرة للعراق بالتنسيق مع قادة الميليشيات الولائية في الحشد الشعبي من دون أن يكون لحكومة بغداد أي علم بتلك الزيارات.
وعادة ما يحضر سليماني اجتماعات مع أتباعه في العراق في مباني حكومة بشكل مستمر من دون أن يكون للحكومة أي سلطة على التدخل في تلك الاجتماعات.
وتحاط زيارات سليماني الى العراق بسرية ولا يعلن عنها إلا بعد عودته إلى طهران.
ويتزامن الجدل القضائي مع قيام مواطنون إيرانيون في مدن مختلفة بإحراق تماثيل وصور قاسم سليماني، بما في ذلك في مسقط رأسه.
وعبّر المواطنون في أجزاء مختلفة من إيران، في الذكرى الثالثة لمقتل سليماني، عن غضبهم من الحرس الثوري. وأظهرت مقاطع فيديو أن المواطنين هتفوا بشعارات ضد النظام الإيراني.
ونشر موقع “إيران إنترناشيونال” فيديو يظهر مجموعة من النساء في كلشهر كرج وهن يحرقن صورة لقاسم سليماني. وتقول النساء إن انتفاضة الشعب الإيراني ضد النظام لم تخمد و”كلنا مستيقظون”.
وفي مقطع فيديو آخر يظهر أن المواطنين في كرمان، مسقط رأس قاسم سليماني، قد أشعلوا النار بصورته.