أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عدم الالتزام بالمعايير الدولية في التحويلات وراء انخفاض سعر صرف الدينار العراقي

شركات مالية مرتبطة بقادة الأحزاب والميليشيات لا تطبق نظام (سويفت) في التحويلات المالية لتهريب الدولار إلى إيران.

بغداد- الرافدين
عزا خبراء اقتصاديون انخفاض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار إلى الفوضى المالية التي تكتنف السياسة الاقتصادية وعدم الالتزام بالمعايير الدولية في التحويلات المالية الى الخارج.
ويرتبط تقلّب الدينار ببدء امتثال العراق لبعض معايير نظام التحويلات الدولي (سويفت) الذي بات ينبغي على المصارف العراقية تطبيقه منذ منتصف تشرين الثاني للوصول إلى احتياطات العراق من الدولار الموجودة في الولايات المتحدة.
وليتمكّن العراق من الوصول إلى تلك الاحتياطات التي تبلغ 100 مليار دولار، عليه حالياً التماشي مع نظم “تتطلب الالتزام بأحكام مكافحة غسيل الأموال العالمية، وأحكام مكافحة تمويل الإرهاب، وتلك المرتبطة بالعقوبات، كتلك المطبّقة على إيران وروسيا”.
وتستحوذ مصارف وشركات تحويل أموال تابعة للأحزاب المرتبطة بإيران بسوق الصرف والتحويل، في مسعى لفك الحصار الأمريكي على إيران.
ويتم تحويل مبالغ طائلة من الدولار إلى إيران بتواطؤ حكومي وبصفقات احتيال خارج نظام (سويفت) الدولي.
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد الطبقجلي أنه “على عكس الشائعات والمعلومات المغلوطة، لا دليل على وجود ضغط أمريكي على العراق”، الشريك الاقتصادي والتجاري لإيران المجاورة.
ويضيف الطبقجلي في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن الأمر يتعلق بدخول العراق “ضمن نظام تحويلات مالي عالمي يتطلب درجة عالية من الشفافية”، لكن ذلك “سبّب صدمةً” للعديد من المصارف العراقية “لأنها غير معتادة على هذا النظام”.
ويشهد سعر صرف الدينار العراقي منذ نحو شهرين تقلبات مقابل الدولار، يعزوه خبراء إلى بدء العراق الامتثال لإجراءات دولية على التحويلات المالية بالعملة الصعبة، فيما تحمّل أطرافٌ في البلاد واشنطن مسؤولية هذا التراجع.
وفيما سعر الصرف الرسمي المثبّت هو 1470 ديناراً مقابل الدولار الواحد، تراجع سعر الدينار في السوق منذ منتصف تشرين الثاني إلى 1600 دينار مطلع الأسبوع، قبل أن يستقرّ عند نحو 1570، أي أن العملة العراقية فقدت نحو 10 بالمائة من قيمتها.
ولا يعتبر هذا التراجع ضخماً، لكنه بدأ يثير قلق العراقيين من ارتفاع أسعار المواد المستوردة، كالغاز والحنطة على سبيل المثال.
ويقول مستشار رئيس الوزراء الحالي للشؤون المالية مظهر صالح لوكالة الصحافة الفرنسية إن “السبب الجوهري والأساسي” لهذا التراجع “هو قيد خارجي”.
وأوضح مظهر صالح أنه ينبغي على المصارف العراقية حالياً تسجيل “تحويلاتها (بالدولار) على منصة إلكترونية، تدقق الطلبات…ويقوم الاحتياطي الفدرالي بفحصها وإذا كانت لديه شكوك يقوم بتوقيف التحويل”.
ورفض الاحتياطي الفدرالي منذ بدء تنفيذ القيود، “80 بالمائة من طلبات” التحويلات المالية للمصارف العراقية، بحسب صالح، على خلفية شكوك متعلقة بالوجهة النهائية لتلك المبالغ الذي يجري تحويلها.
وأثّر هذا الرفض على عرض الدولار في السوق العراقية. في المقابل تراكم الطلب لكن العرض لم يكن متسقاً معه، وبالتالي تراجع سعر الصرف مع تراجع تحويلات المصارف بالدولار.
وتحدّث البنك المركزي العراقي في بيان له الثلاثاء عن عودة سعر الصرف إلى ما كان عليه خلال أسبوعين، واصفاً “اضطراب أسعار الدولار” بأنه “حالة مؤقتة”.
في غضون ذلك، اتخذت السلطات الحكومية إجراءات منها تسهيل تمويل تجارة القطاع الخاص بالدولار من خلال المصارف العراقية، وفتح منافذ لبيع العملة الأجنبية في المصارف الحكومية للجمهور بذريعة أغراض السفر. بينما في واقع الامر فتح المجال لتهريب الدولار إلى إيران.
وقرر مجلس الوزراء الحالي كذلك “إلزام الجهات الحكومية كافة ببيع جميع السلع والخدمات داخل العراق بالدينار وبسعر البنك المركزي والبالغ (1470) ديناراً للدولار الواحد”.
ويرى مظهر صالح أن “هذه الإجراءات مهمة لأنها تظهر أن الدولة موجودة لحماية السوق والمواطن”، وتساعد “على صد المشكلة”.


أحمد الطبقجلي: إدخال العراق ضمن نظام تحويلات عالمي يتطلب درجة عالية من الشفافية سبّب صدمةً للعديد من المصارف العراقية
إلا ان اقتصاديين يرون أن الدولار الموجود في السوق، اشبه بعملة سائبة يتم الاستحواذ عليها من قبل أطراف مرتبطة بإيران وتهريبها، سواء بصفقات تجارية أو تحويلات غير مشروعة.
لكن بعض قادة الأحزاب والميليشيات المستفيدة من التحكم بسوق صرف الدولار يعتبرون أن الولايات المتحدة تقف خلف هذا التقلب.
واتهم هادي العامري رئيس ميلشيا بدر وتحالف الفتح، الممثل للميليشيات الموالية لإيران، الأمريكيين بممارسة “الضغوط على العراق لمنع انفتاحه على أوروبا ودول العالم”. من دون أن يذكر إيران.
واعتبر العامري الذي كشفت الوثائق الرسمية والمراسلات ان مرتبطين بميليشيا بدر وراء سرقة القرن بالاستيلاء على 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة، أن الأمريكيين يستخدمون “الدولار كسلاح لتجويع الشعوب”.
ويعاني العراقيون من تقلب السوق، بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية.
وبدأ سعد الطائي، المتقاعد الذي يساعد ابنه في إدارة متجر صغير في حيّ الكرادة في بغداد، يشعر بأثر تقلبات سعر الصرف على قدرته الشرائية. ويقول إن “هذا التذبذب الذي يحصل مشكلة حقيقية، للتاجر الذي يبيع بالمفرق وللمستهلك”.
ويضيف أن “العراقيين رواتبهم محدودة ويتقاضون رواتبهم بالدينار العراقي. أنا كمتقاعد أستلم 494 ألف دينار…حينما كان الدولار 1470 كانت قيمة راتبي 336 دولار. اليوم على سعر صرف 1570 يصبح راتبي 314 دولار”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى