أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الصراع على موارد النفط يصل إلى كسر العظم بين أسرتي الطالباني والبارزاني

الحزبان الكرديان في شمال العراق يمتلكان وحدتان عسكريتان تعملان تحت سيطرتهما يتراوح عدد عناصرهما بين مائة ألف ومائة وعشرين ألفًا.

أربيل – الرافدين
رفع رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني منسوب الخلافات مع خصومه في الحزب الديمقراطي الكردستاني، في لغة تحدي وتصعيد جديد.
وقال الطالباني إن “السياسة لا تمارس بالعناد وتشويه سمعة الآخرين”، في إشارة إلى درجة الخلاف بين قادة الحزبين الكرديين بعد أن انكشفت ملفات الفساد والاستحواذ على ثروة الإقليم، فيما يعاني أهالي المحافظات الشمالية من البطالة والفقر.
وأعترف الطالباني أن “الفترة الماضية وبسبب الخلافات السياسية، يمر إقليم كردستان بأوضاع سياسية واقتصادية معقدة، أثرت بشكل سلبي على حياة ومعيشة المواطنين”.
ووصلت الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، الحاكم في إقليم كردستان العراق، وخصمه التقليدي الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتخذ من مدينة السليمانية وضواحيها مكانًا لنفوذه، إلى الحديث عن إمكانية انفصال مدينتي السليمانية وحلبجة عن إدارة الحكم في أربيل وتقسيمها إلى إدارتين، بعد أن فجرت الأزمة الاقتصادية والخلافات بشأن تقاسم المناصب والثروات خلافات تمخض عنها توقف شبه كامل للعلاقات بين تلك الأحزاب.
وتتعلق الخلافات القائمة بين الحزبين بقضايا أساسية، أولها الاستحواذ على موارد النفط والمعابر الحدودية، فضلا عن الخلاف بين الأحزاب المشاركة في حكومة الإقليم حول كيفية إدارتها، ما يشير إلى أنه لم يعد هناك معنى للسلطة والمعارضة والحياة الحزبية والسياسية ولا حتى لوجود البيشمركة.
وأجمعت مصادر إعلامية وسياسية على أن الأوضاع في كردستان العراق، بأنها باتت تحت خطر صراع غير مسبوق، نتيجة الخلافات المتراكمة بين الحزبين الحاكمين.
ولم يستبعد الصحفي سربست برزو أن تؤثر الخلافات بين الحزبين على العلاقة بين بغداد وأربيل، إضافة إلى تأثر الموقف الكردي في بغداد وكذلك سيكون للخلافات وقع كبير على المناطق المتنازع عليها لأن تلك المناطق بحاجة إلى موقف موحد.
وقال برزو في تصريحات صحفية إن الأحزاب الصغيرة المعارضة لسطوة الحزبين الكرديين على الإقليم، تصب الزيت على النار وتساهم في افتعال الأزمات، مع أنهم لا يمتلكون مواقف فعالة ومؤثر.
ولدى الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني وحدتان عسكريتان تعملان تحت سيطرتهما يتراوح عدد عناصرهما بين مائة ألف ومائة وعشرين ألفا، وفق تصريحات المسؤولين العسكريين. وكلاهما ينفذ الأوامر الصادرة عن الأحزاب فقط.
وهناك عدد من الألوية التابعة للبيشمركة الكردية المشتركة في الوزارة، لكن عدد أفرادها قليل مقارنة مع الوحدات المسلحة التابعة للأحزاب.

فرمان حسن: الأحزاب المسلحة وليس حكومة الإقليم من تسيطر على واردات النفط والمعابر

وقال الصحفي فرمان حسن “تسيطر الأحزاب المسلحة في كردستان العراق على كل مؤسسات الحكومة، من الواردات والنفط والرسوم الجمركية والمنافذ الحدودية، وصولا إلى الدوائر الخدمية، وتعيش حرية الصحافة وضعًا مأساويًا، ومن الناحية الاقتصادية المستفيد الوحيد هي الأحزاب الحاكمة”.
وكان الطالباني، قد هاجم في وقت سابق، خصومه في الحزب الديمقراطي الكردستاني، متهمًا إياهم بالسيطرة الكاملة على مقدرات كردستان العراق الاقتصادية، واستهداف محافظة السليمانية.
واتهم الطالباني الحزب الديمقراطي بالسيطرة على موارد الإقليم على حساب محافظة السليمانية بقوله “تعاقب حكومة إقليم كردستان منطقة السليمانية وإدارتها، ولا تسدد رواتب المواطنين”.
فيما أعتبر النائب في برلمان الإقليم علي حمه صالح، بأن الاتحاد الوطني الكردستاني جزء من الفساد وهدر الأموال وممارسة عمليات التهريب على حساب سكان السليمانية، فضلًا عن امتلاك أهم العقارات والأراضي في أفخم المناطق بالمحافظة، وبناء القصور الفخمة.
ورافقت ذلك، تصريحات عضو حزب الاتحاد الوطني في محافظة السليمانية ملا بختيار، بشأن ازدياد أعداد الأثرياء والمليونيرات داخل الأحزاب الرئيسة بما فيها حركة التغيير ليصل إلى المئات، والتي أثارت موجة استياء وجدل داخل الأوساط السياسية والشعبية، حيث اعتُبرت التصريحات جزءًا من تصفية الحساب بين الشخصيات النافذة في شمال العراق.
وأشار مراقبون إلى أن عدم التوافق بين الأحزاب الكردية وبروز المشكلات المتراكمة منذ عقود، انعكس سلبًا على أوضاع الإقليم الذي يوصف بالمنطقة الآمنة نسبيًا، مع غياب الوظائف والخدمات وانتشار الفقر، التي تدفع بالأكراد إلى التظاهر والاحتجاج لانتزاع الحقوق.
وتعمقت الخلافات بين الأحزاب الكردية بعد امتناع نائب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق وشقيق بافل، قوباد الطالباني عن حضور جلسات مجلس الوزراء في الإقليم، احتجاجًا على ما وصفه بتفرد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزمام السلطة في كردستان.
وجاءت هذه الأحداث بعد حادثة اغتيال العقيد هاوكار الجاف، أحد أبرز الضباط في مؤسسة مكافحة الإرهاب، في السابع من تشرين الأول 2022 بمدينة أربيل، ما أدى لمقاطعة الفريق الوزاري للاتحاد الوطني جلسات مجلس الوزراء في حكومة الإقليم، بعد أن اتهم الحزب الديمقراطي قادة أمنيين في الاتحاد الوطني بالوقوف وراء عملية الاغتيال.
وقال الصحفي سامان نوح إن الأزمة اتسعت بين الحزبين في الأشهر الأخيرة مع تراكم الخلافات السياسية والإدارية، بشأن ما يتعلّق بتوزيع واردات النفط والمعابر.
ويتخوف كثير من المراقبين من أن يؤدي استمرار الخلافات بين الحزبين لتصدع وضع إقليم كردستان العراق سياسيًا، واتجاه كل حزب نحو إدارة منفصلة داخل الإقليم، لا سيما مع تصريحات سابقة صدرت من بعض الجهات في السليمانية التي لوّحت بذلك.

سامان نوح: الإقليم مقسّم فعليًا إلى إدارتين، وسلطات حكمه باتت حزبية مطلقة

وهو ما علق عليه الصحفي سامان نوح بقوله، “عمليًا، أي خطوة باتجاه انفصال السليمانية ستضر بالواقع الدستوري لإقليم كردستان وصلاحيات سلطات الإقليم، ومن ثم ستضر بالحزبين الكرديين بشكل مباشر”
وأشار إلى، أن “الإقليم مقسّم فعليًا إلى إدارتين، وأن الكثير من قرارات حكومة الإقليم لا يتم الالتزام بها في السليمانية، فضلًا عن وجود جهازين أمنيين وقوتين للبيشمركة الحزبية، لافتًا إلى أن الإقليم يتراجع بشكل مستمر من جهة وجود مؤسسات حكومية جامعة، وأن السطات باتت حزبية مطلقة، سواء في أربيل أو السليمانية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى