أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

من المسؤول عن تجريف الزراعة في العراق؟

مراقبون: جهات مستفيدة من استمرار تدهور القطاع الزراعي في العراق

بغداد – الرافدين
يشهد العراق تراجعًا حادًا في حجم المساحات المزروعة بالمحاصيل الموسمية وخاصة القمح والشعير، بفعل أزمة الجفاف المتواصلة في البلاد، وإهمال الحكومة للزراعة واستيلاء الميليشيات على الكثير من الأراضي الزراعية إضافة إلى فتح باب الاستيراد خاصة من إيران حيث ارتفعت صادراتها بشكل ملحوظ إلى العراق في السنوات الأخيرة.
وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في العراق 32 مليون دونم، لكن المستغلة منها 18 مليون دونم فقط، بعد أن كانت تستغل كلها قبل عام 2003.
ووفقا للمسؤولين، فإن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح والشعير خلال العام 2022 تراجعت من 11 مليونا و600 ألف دونم إلى أقل من 7 ملايين دونم، وهو أقل نسبة زراعة للمحصولين منذ سنوات طويلة.
وكان مجموع إنتاج القمح في العراق قد بلغ 4 ملايين و234 طنا خلال الموسم الشتوي لسنة 2021، لكن هذا الرقم انخفض كثيرا بنسبة 32 بالمائة عن إنتاج سنة 2020 الذي أنتج فيه أكثر من 6 ملايين و238 طنًا.
وأكد وزير الزراعة عباس العلياوي، انخفاض إنتاج القطاع الزراعي بنسبة 70 بالمائة، وقال العلياوي، “إن مشكلة الأراضي النفطية الواسعة في محافظات البصرة وذي قار وميسان معضلة تحد من المساحات الزراعية في وقت لم تحصل الوزارة إلا على خمسين بالمائة من تخصيصاتها في قانون الأمن الغذائي”.
وحذرت لجنة الزراعة والمياه البرلمانية من أن العراق سيواجه عجزًا كبيرًا عن سد احتياجاته مـن الأغذية الزراعية، بسبب تقليص المساحات المزروعة.
وقال رئيس اللجنة ثائر مخيف، إن الإنتاج الـزراعـي المحلي تراجع بشكل كبير، ما أثر على المواطنين والفلاحين سلبًا على حد سواء، مطالبًا السلطات الحكومية بوضع خطط واضحة لتأمين وصول المياه إلى الفلاحين، وتوفير جميع السبل من أجل رفع الإنتاج الزراعي بما يغطي حاجة البلاد من مختلف المنتجات ولاسيما الحنطة والشعير.
ويرى مراقبون أن استمرار إهمال الحكومة للزراعة وغياب الرؤى المستقبلية الواضحة إضافة لسيطرة الميليشيات على الكثير من الأراضي الزراعية كلها عوامل أصابت الإنتاج المحلي بالشلل.
ويؤكد المراقبون أن هناك جهات مستفيدة من استمرار تدهور قطاع الزراعة بسبب انتفاعها ماديا من تزايد الاستيراد وأن هذه الجهات مرتبطة بمسؤولين حكوميين وميليشيات متنفذة.
وأفاد موقع “ميدل إيست آي” البريطاني بأن استيلاء الميليشيات على مساحات واسعة من أراضي البصرة والفشل الحكومي في إدارة ملف المياه أديا إلى تضرر الزراعة في المحافظة بشكل كبير.
وأوضح الموقع أن الميليشيات الناشطة في البصرة استولت على أخصب الأراضي الزراعية، وحولتها إلى أراض سكنية لبيعها، مضيفًا أن انخفاض الإنتاج الزراعي، أدى إلى هجرة جماعية نحو المناطق الحضرية، وتسبب بنمو لا يمكن السيطرة عليه في المستوطنات العشوائية.
وفي ديالى تقوم عصابات وشبكات مدعومة من الميليشيات بنهب الأراضي الزراعية العائدة للدولة والمواطنين لاسيما في محيط بعقوبة تحت مبدأ فرض الأمر الواقع من أجل بيعها وكسب مليارات الدنانير. وأشارت مصادر صحفية إلى أن ملف الأراضي في ديالى شائك ومتورطة به جهات عدة وأن فتحه سيؤدي لمفاجات كبيرة ومحرجة لقوى سياسية معروفة ولاسيما أن هناك من يستغل اسمها في فرض إرادته بطرق مختلفة.
وتعاني ديالى كبقية المحافظات من تردي الواقع الزراعي حيث أكد رئيس لجنة الزراعة والمياه النيابية الأسبق، فرات التميمي، أن 50 بالمائة من مزارعي ديالى تحت خطر الفقر محذرًا من أزمة إنسانية واقتصادية حال تركت المحافظة دون أي اهتمام.
وقال، التميمي، إن حرمان ديالى من الخطط الزراعية لثلاثة مواسم شكل ضربة قاسية للقطاع الزراعي، وحرم آلاف العائلات من مصادر رزقها الأساسية.
وعلى الرغم من موجة الأمطار الأخيرة في البلاد لا يزال العراق يعاني من شح في المياه بسبب تجاهل وزارتي الموارد المائية والزراعة لهذا الملف وعدم وجود استراتيجية حقيقية للنهوض بالواقع الزراعي المتردي.
قال المتخصص في شؤون المياه الدكتور نظير عباس الأنصاري إن “الكثير من الأراضي الزراعية تتحول كل عام إلى مناطق صحراوية زائدًا هجرة الفلاحين من أراضيهم”.
وأضاف أن من المفترض أن تتجه الحكومات إلى طرق غير تقليدية للاستفادة من الحصاد المائي لمياه الأمطار ولو عملوا بمنظومة من السدود كان من الممكن أن يتم جمع ملايين وأكثر من ملايين من الأمتار المكعبة من هذه المياه، وأيضًا مشاريع تنقية المياه العادمة وإعادة استخدامها للأغراض الزراعية وتحلية المياه المالحة، كل هذه طرق من الممكن أن تنعش العراق بالماء.
وكانت وزارة الزراعة قد أعلنت في وقت سابق عن تحقيق الاكتفاء الذاتي في 15 محصولا وأنها تقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الحيوانية.
لكن خبراء زراعيين يرون أنه من المبكر الحديث عن تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي بالبلاد، في ظل تداعيات ظاهرة تغير المناخ واعتماد الحكومة على الاستيراد وتجاهلها لكل التحذيرات بشأن الواقع الزراعي في العراق.
وتساءل الخبراء عن سبب ارتفاع الأسعار المبالغ به طالما أن هناك اكتفاءًا ذاتيًا في كل هذه المنتجات، مؤكدين أنه من المحال تحقيق اكتفاء ذاتي زراعي في ظل الظروف التي يعيشها العراق.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى