أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حلول السوداني الترقيعية لأزمة الدولار تكشف هشاشة حكومة الإطار

نشطاء ثورة تشرين وقوى شعبية عراقية تعد لتظاهرة حاشدة للتنديد بفشل حكومة محمد شياع السوداني في علاج ارتفاع الأسعار.

بغداد ــ الرافدين
أثار عدم استقرار سعر صرف الدولار أمام الدينار حالة من القلق والخوف لدى العراقيين، نتيجة لما خلفه من ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية بالوقت الذي تستمر فيه حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بحلول ترقيعية تكشف عن عمق الأزمة الاقتصادية نتيجة السياسات الاقتصادية الفاشلة، وسطو الفساد على الاقتصاد العراقي.
ودعا ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى إعلان النفير في جميع المحافظات للتحشيد لتظاهرات أمام البنك المركزي في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، للتنديد بارتفاع الدولار.
وأعفى السوداني الاثنين محافظ البنك المركزي من منصبه “بناء على طلبه”، كما أعلن السوداني في مؤتمر صحافي، في وقت تشهد فيه أسعار صرف الدينار العراقي أمام الدولار تقلبًا غير مسبوق.
وأحال السوداني مدير المصرف العراقي للتجارة سالم جواد الجلبي على التقاعد وكلف بلال الحمداني لإدارة المصرف إضافة إلى مهامه.
ومنذ نحو شهرين، يواصل سعر صرف الدينار العراقي التراجع، وفيما سعر الصرف الرسمي المثبّت هو 1470 دينارًا مقابل الدولار الواحد، وصل سعر الصرف في السوق حتى 1620 الأحد، أي أن العملة العراقية فقدت نحو 10 بالمائة من قيمتها.
ويعزو خبراء تراجع سعر الصرف إلى بدء العراق الامتثال لقواعد دولية في التحويلات المالية المشبوهة، أثرت على عرض الدولار في السوق.
ويتم تحويل مبالغ طائلة من الدولار إلى إيران بتواطؤ حكومي وبصفقات احتيال خارج نظام (سويفت) الدولي.
وينبغي على المصارف العراقية حاليًا تسجيل تحويلاتها بالدولار على منصة إلكترونية، تدقق الطلبات.
وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في تشرين الأول الماضي بفرض ضوابط أكثر صرامة على تعاملات البنوك التجارية العراقية بالدولار، في خطوة تهدف للحد من عمليات غسيل الأموال والوصول غير القانوني للدولار إلى إيران ودول أخرى تخضع لعقوبات مشددة في الشرق الأوسط.
وفرضت السلطات الأمريكية رقابة على التحويلات المالية من المصارف العراقية، للحيلولة دون صول الدولار إلى إيران المحاصرة من قبل الولايات المتحدة وسوريا وحزب الله اللبناني.
وتواجه حكومة السوداني ضغوطًا واسعة بسبب الانخفاض المتواصل في سعر صرف العملة المحلية، إذ بدأ الحديث عن عودة التظاهرات الشعبية وانطلاق جولة جديدة من الاحتجاجات الشعبية.
وأثارت الحملات الاستعراضية الحكومية باعتقال عدد من أصحاب مكاتب الصيرفة في بورصتي الكفاح والحارثية في بغداد واتهامهم باحتكار تصريف العملة، جملة من التساؤلات حول مدى قدرتها على مواجهة الارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار، وسط التغافل عن عمليات غسل الأموال وتهريبها إلى إيران وسوريا ولبنان عن طريق جهات متنفذة ومعروفة لدى الحكومة.
وشكك عراقيون، بجدوى تلك الإجراءات الحكومية في كبح جماح الدولار، مع ارتباط الأزمة بملف تهريب الدولار إلى إيران وفرض البنك الفدرالي الأمريكي على البنك المركزي العراقي إنشاء منصة إلكترونية لوقف تهريب الدولار إلى الدول الموضوعة على اللائحة السوداء.
وذكر موقع “ميدل ايست آي” البريطاني إن العراق أمام كارثة اقتصادية تزداد عمقًا وذلك بسبب الفساد وتهريب العملة الأجنبية وحملة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على البنك المركزي العراقي والذي شرع بتطبيقها منذ واقعة سرقة القرن التي تم بموجبها سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة العامة، التي زودت مجلس الاحتياطي الفيدرالي بدليل قاطع على أنها تمت بأدوات حكومية.
وأضاف الموقع البريطاني، أن الأزمة التي من المتوقع لها أن تزداد سوءًا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، هي حصيلة هبوط حاد بقيمة الدينار وشح كمية الدولار، مشيرًا إلى أن الحكومة تعتمد على مزاد بيع العملة لتحويل الدولارات التي تكسبها من عوائد بيع النفط إلى دينار عراقي.

رافع الفلاحي: تغيير الوجوه لا يغطي على فشل الأحزاب السياسية في إدارة البلاد

وحذر مراقبون من التبعات الكارثية لهذه الأزمة في حال استمرارها أكثر، خصوصًا على الطبقات الفقيرة والمتوسطة في العراق، في ظل الارتدادات السلبية على حركة الأسواق والسلع ما يرهق كاهل المواطنين ولا سيما ذوي الدخل المحدود.
ويرى الباحث الاقتصادي سرمد الشمري، أن أزمة الدولار سببها التهاون في تطبيق المعايير الدولية التي تمنع تسرب الدولار، إلى الجهات المحظورة دوليًا، خاصة أنه منذ سنوات تسعى الولايات المتحدة وكذلك المنظمات الدولية نحو إلزام العراق بهذا الأمر، لكن دون جدوى أو تهاون من قبل المسؤولين، وهذا ما يدل على تشعب الارتباطات مع إيران وتغلغل المتنفذين في المفاصل الداخلية لإدارة الدولة.
وتناول برنامج “طاولة حوار” الذي بث عبر شاشة قناة “الرافدين” ملف الأزمات والتحديات المستقبلية الخطيرة التي تهدد العراق على مختلف الأصعدة.
وقال الكاتب والباحث السياسي الدكتور رافع الفلاحي، إن الأحزاب السياسية تحاول التغطية على حقائق فشلهم في إدارة البلاد عن طريق تغيير الوجوه بوجوه أخرى تدعي تغيير الحال نحو الأفضل، ولكن الواقع يختلف والأزمات في تصاعد.
وأضاف الفلاحي، أن المشكلة الحقيقية في العراق تتعلق بأصل النظام السياسي بعد عام 2003 والذي يعمل على إنتاج الأزمات وليس بناء دولة قوية على المستوى السياسي والاقتصادي.

قحطان الخفاجي: النظام السياسي في العراق خرج من رحم وضع شاذ يقع ضحيتها المواطن العراقي.

ومن جانبه قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور قحطان الخفاجي إن النظام السياسي في العراق خرج من رحم وضع شاذ وغير طبيعي وهو الاحتلال الأمريكي للبلد، وأن هذا النظام هو سبب إدامة الأزمات المختلفة في البلاد والذي يقع ضحيتها المواطن العراقي.
كما أشار الخبير الاقتصادي الدولي سعد محمد عثمان، إلى غياب الخطط الاقتصادية من قبل الحكومات المتعاقبة وعدم توظيف إيرادات النفط في دعم الاقتصاد العراقي.
وأكد عثمان بأن ارتفاع سعر الدولار هو نتيجة للإجراءات الخاطئة في إدارة البنك المركزي والتي تنعكس سلبًا على قدرة العراقيين الشرائية.
ولفت عثمان أن السبب الأساسي لقيام البنك الفيدرالي الأمريكي بفرض تشديدات على عمليات تحويل الأموال هو للحد من عملية تهريب العملة إلى إيران.
وأجمعت مصادر إعلامية على إن حكومة السوداني المدعومة من إيران فشلت في السيطرة على استمرار انخفاض قيمة الدينار أمام الدولار.
وذكرت أن الحكومة التي لم تستطع ضبط حركة الحوالات وتداول الدولار، لجأت لإلقاء اللوم على الولايات المتحدة والتجار بالتلاعب بسعر الصرف.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، إن نظامي طهران ودمشق استخدما العراق كملاذ لغسل الأموال.
ويعد منع البنك المركزي في العراق لأربعة مصارف من إجراء أي معاملات بالدولار بمثابة إقرارًا بممارسات الأحزاب التي تقر هيئة مكافحة الفساد أنها تسيطر على معظم المصارف، وتستخدمها لتهريب العملة الأجنبية إلى دول الجوار، غير آبهة بالمواطن العراقي الذي يدفع الثمن غاليًا.

سعد محمد عثمان: ارتفاع سعر الدولار هو نتيجة للإجراءات الخاطئة في إدارة البنك المركزي

بينما يعيش العراقيون حالة من الترقب والقلق بسبب تداعيات انهيار سعر صرف الدولار، والذي أثر سلبًا على عدم استقرار حركة السوق المحلية، وسط عجز حكومة السوداني من تخفيف معاناة المواطن، بل لجأت عبر الإطار التنسيقي الداعم لها بالترويج لمخطط ومؤامرة أمريكية من أجل تزييف الحقائق.
وقال الخبير في الشأن السياسي أحمد الشريفي، إن تداعيات استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار، والذي أدى إلى الارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها في السوق العراقي، ستدفع لتظاهرات شعبية غاضبة، وهذه التظاهرات على الأغلب تكون شعبية تقودها الطبقة الفقيرة، وليس لأي طرف سياسي دخل بها.
ويرى مراقبون أن الشارع العراقي يعيش حالة من الغضب، مما يدعو إلى تجدد التظاهرات للإطاحة بحكومة السوداني.
ووصف المراقبون الحلول التي قدمتها الحكومة في مواجهة هذه الأزمة بالحلول العشوائية والغير المدروسة، مضيفين إلى أن السلطات المالية في العراق ما زالت عاجزة عن تحقيق التوازن في السوق وتقديم الحلول الاستراتيجية اللازمة لضمان تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد.
وأكدوا أنه لا يمكن التعويل على شعارات حكومة السوداني التي تتحدث عن برنامج حكومي يضع في أولوياته مكافحة الفساد وتوفير فرص العمل، وتخفيف معاناة المواطن العراقي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى