أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مائة مليون دولار شهريا من تجار عراقيين إلى إيران وحقائب مهربة بتواطؤ من حكومة السوداني

مصرفيون عراقيون: جميع تحويلات الدولار تنتهي بالوصول إلى أطراف مرتبطة بمصالح إيرانية هذا ليس سرا.

بغداد– الرافدين
قال مستشاران لبنوك عراقية خاصة يحضران بانتظام اجتماعات مع البنك المركزي، تحدثا لوكالة رويترز شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن إيران تتلقى حوالي 100 مليون دولار شهريا من تجار عراقيين.
وأفاد مسؤولون أمنيون عراقيون تحت إدارة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني بأن لديهم “أدلة دامغة” على أن هناك مهربين يشترون كميات كبيرة من الدولارات من أسواق العملة في بغداد ويهربونها عبر المعابر الحدودية إلى إيران، لا سيما منذ منتصف كانون الثاني.
وقال عقيد في شرطة الحدود العراقية في معبر الشلامجة قرب مدينة البصرة في الجنوب إن عشرات المهربين يشترون الدولارات من أسواق العملة في بغداد ويستخدمون حقائب مدرسية لنقلها قبل تعبئتها في سيارات رباعية الدفع إلى الحدود، تحت حماية حراس مسلحين.
ويستخدم الحرس الإيراني منذ سنوات شركات صورية من العراق إلى تركيا إلى دول الخليج العربي للحصول على الدولارات التي تحتاجها للمعاملات الدولية ولتمويل وكلائها في أنحاء الشرق الأوسط.
وتحت ضغط من واشنطن لوقف تدفق الدولارات إلى إيران، استعان رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني بقوات عسكرية يديرها رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق عبد الوهاب الساعدي، للتصدي لتجار يهربون العملة إلى إيران.
ومع ان كل المؤشرات تقول إن الخطوة استعراضية مكشوفة للرأي العام وغير خافية على الجهات الأمريكية ولا يمكن أن ترفع من سعر الدينار العراقي أمام الدولار، بيد أن خبراء اقتصاديون يرون فيها مجرد عرض اعلامي برداء عسكري لا يؤثر على واقع الاقتصاد المتردي نتيجة السياسات الفاشلة والفساد الحكومي.
وتمثل مداهمات شهدتها بغداد يوم السبت اختبارا مبكرا للسوداني الذي تولى منصبه في تشرين الأول كممثل للإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية بعد أكثر من عام من الشلل السياسي، ويتعين عليه الآن أن يسلك طريقا دبلوماسيا بالغ الحساسية.
وأقر مجلس الاحتياطي الاتحادي “البنك المركزي الأمريكي” في نيويورك ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية بالدولار للبنوك التجارية العراقية في تشرين الثاني.
وتهدف الخطوة إلى وقف تدفق الدولارات بشكل غير مشروع إلى إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وممارسة المزيد من الضغط لمنع غسيل الأموال الذي تقوم به مصارف تابعة لقادة أحزاب وميليشيات متنفذين ومشاركين في حكومة السوداني نفسه، إلى جانب العقوبات الأمريكية المفروضة على برنامج طهران النووي ونزاعات أخرى، مما يصعب على طهران الحصول على الدولارات.
واتهم عقيل الفتلاوي النائب عن كتلة دولة القانون برئاسة نوري المالكي المقرب من إيران، واشنطن بتعمد استخدام اللوائح الجديدة كسلاح سياسي.
وقال “الأمريكان يستخدمون التعليمات الصارمة بشأن عمليات تحويل الدولار كرسائل تحذير موجهة لمحمد السوداني لكي يبقى متوافقا مع المصالح الأمريكية. العمل ضدنا قد يؤدي إلى إسقاط حكومتك هذه هي الرسالة الأمريكية”.
وقال مسؤول مصرفي كبير إن الولايات المتحدة وجهت رسالة واضحة إلى المسؤولين العراقيين، مفادها هو أنه إما الالتزام باللوائح الجديدة أو سيواجه البنك المركزي العراقي غرامات.
ويعتمد السوداني على نوايا واشنطن لضمان عدم تعرض عائدات النفط ومالية بلاده للرقابة الأمريكية، ويحتاج أيضا إلى مساعدة واشنطن للبقاء في منصبه المهدد من قبل الإطار التنسيقي نفسه الذي بات منشقا على نفسه، فضلا عن التيار الصدري برئاسة مقتدى الصدر الذي ينتظر اللحظة المناسبة لإسقاط الحكومة.
لكن السوداني في النهاية وصل إلى السلطة بدعم من ميليشيات مدعومة من طهران، وبالتالي لا يمكنه تحمل تبعة استعداء إيران.
وقال المحلل السياسي المقيم في بغداد أحمد يونس لوكالة رويترز “رئيس الوزراء محمد السوداني يواجه تحديا معقدا يتمثل بكيفية اتباع سياسات متوازنة مع اثنين من أشد الأعداء مع بعضهما واشنطن وطهران، وكلتا الدولتين “أصدقاء” للعراق بنفس الوقت، بدون الانحياز إلى أي طرف. إنها مهمة صعبة جدا والسوداني يمشي على حبل مشدود”.
وتحتاج إيران إلى الدولارات من أجل استقرار اقتصادها المتدهور، الذي تضرر بشدة من العقوبات الأمريكية المفروضة منذ 2018 بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب الانسحاب من اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية الست.
وفقدت العملة الإيرانية المضطربة حوالي 30 بالمائة من قيمتها منذ الاحتجاجات التي عمت البلاد في أعقاب وفاة الإيرانية الكردية مهسا أميني (22 عاما) في السادس عشر من أيلول، مما زاد من عزلة البلاد.
وبموجب القيود الجديدة، يتعين على البنوك العراقية استخدام منصة إلكترونية للإفصاح عن تعاملاتها وعن تفاصيل حول المرسل والمستفيدين. ويمكن للمسؤولين الأمريكيين الاعتراض على طلبات النقل المشبوهة.
وقال نبيل المرسومي، وهو أستاذ للاقتصاد في جامعة البصرة، إن النظام الجديد أبطأ المعاملات الدولارية.
وقال مسؤولون مصرفيون إن إجراءات مكافحة التهريب أحدثت فجوة أيضا في الماليات العامة. ولجأت البنوك التي عزفت عن التسجيل في المنصة الإلكترونية إلى الأسواق الحرة في بغداد لشراء الدولارات، ما أحدث عجزا إذ تجاوز الطلب العرض.
وفي الوقت نفسه، زاد سعر سلع المستهلكين وتضاءلت قيمة العملة العراقية.
وأدى ذلك إلى تعميق المشاعر المناهضة للولايات المتحدة وإيران على حد سواء، فهما معضلة العراق السياسية والاقتصادية منذ احتلال العراق عام 2003 في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.
وقال المتعامل جمعة الحلفي إن نقل الدولارات إلى إيران وحليفتها سوريا المتأثرة بالعقوبات أثر أيضا على عملة العراق.
وكانت قيمة الدولار عند البيع 1470 دينارا عراقيا قبل تقييدات النقل الجديدة التي وضعها المجلس الاحتياطي الفيدرالي، وهبط الدينار في كانون الأول عند 1620 دينارا أمام الدولار قبل بدء تطبيق القيود في مطلع الأسبوع.
وأبدى هادي علي وهو مدير حساب في بنك خاص في بغداد تشككه في مزاعم السوداني بإعادة سعر صرف الدينار أمام الدولار.
وقال “اتباع الشروط الأمريكية الجديدة يعني بأننا سيتوجب علينا الانتظار لفترات طويلة من الزمن لكي يتم السماح لنا بالتحويل. هذا مضر بمصالحنا… تكاد تكون جميع تحويلات الدولار تنتهي بالوصول إلى أطراف مرتبطة بمصالح إيرانية هذا ليس سرا”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى