أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

العراق خارج معيار الأمم المتحدة لجودة التعليم

في اليوم العالمي للتعليم يعاني العراق من انهيار منظومة التعليم بعد أن كان واحدًا من أفضل النظم التعليمية في المنطقة.

بغداد – الرافدين

حذر باحثون تربويون من خطر عمليات التدمير الممنهجة بحق المنظومة التعليمية في العراق، بالتزامن مع اليوم العالمي للتعليم.
ووصف الباحثون التعليم في العراق بالفقير والمتهالك بسبب النهج الذي تتبعه الحكومات المتعاقبة لإسقاطه من خلال تكليف عناصر غير مؤهلة في قيادة دفة التعليم في البلاد.
ويمر التعليم في العراق بمأزق جدّي على مستوى البلاد التي عانت منذ الاحتلال عام 2003 من أزمات سياسية وأمنية انعكست سلبًا على واقع التعليم وأثرت بشكل كبير بهذا القطاع حتى وصل إلى أدنى المستويات في التصنيفات العالمية.
ودأبت الأحزاب الحاكمة على زج قضايا طائفية داخل المناهج التربوية وإقحام مناهج جديدة لأغلب المراحل الدراسية من دون تدريب الأساتذة ومن دون تأمين مستلزمات ومختبرات لها.
ويعاني القطاع التعليمي في العراق من تدهور كبير في جودة التعليم. مع حلول اليوم العالمي للتعليم في الرابع والعشرين من كانون الثاني الذي أطلقته منظمة “اليونسكو”، بهدف أيصال رسائل لجميع بلدان العالم حول أهمية التعليم الذي يمثّل حجر الأساس لتطور المجتمعات، والطريق الرئيسي لتحقيق التنمية المستدامة.
ووصلت نسبة الأمية في العراق إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ التعليم الحديث، حيث بلغ عدد غير القادرين على القراءة والكتابة في العراق نحو 12 مليونًا بحسب وزارة التربية، بعد أن كانت البلاد وبحسب تقارير (اليونسكو)، خالية من الأمية وتمتلك نظامًا تعليميًا يعد الأفضل في المنطقة.
ويؤكد مختصون في الشأن المجتمعي أنّ تفشي الأمية في العراق مرتبط بالأزمات التي أحدثتها الحكومات المتعاقبة وسوء إدارتها للبلاد، لافتين إلى أنّ الأرقام الحقيقية أكبر مما أعلنت عنه الوزارة.
وتشير أرقام وزارة التربية، إلى أنه هناك أكثر من 27 ألف مدرسة في عموم البلاد، يدرس فيها 13 مليون تلميذ، يقابلهم مليون أستاذ ومعلمة في الكادر التعليمي، إلا أن هذه المدارس تزدحم بأعداد الطلاب الكبير الذي يفوق طاقتها بسبب النقص الحاد في البنى التحتية الأساسية للتعليم، حيث تزيد أعداد الطلاب على خمسين طالبًا في الصف الواحد وتصل في بعض الصفوف إلى 100 طالب.
ويرى الناطق باسم نقابة المعلمين ناصر الكعبي أن اكتظاظ الصفوف بالطلاب يعد سببًا أساسيًا للتسرب المدرسي، إذ أن “كثيرًا من الطلاب لا يشعرون بأنهم مرتاحون في الصفوف التي لا يستطيعون حتى التحرك فيها ضمن المساحة الشخصية بسبب ضيقها”.
ويشي واقع التعليم بوضوح إلى مئات المدارس المهدمة وأخرى خارجة من الخدمة لأسباب فنية، فضلا عن وجود العديد من المدارس الطينية في عموم البلاد و3000 مدرسة بحاجة إلى تأهيل، في وقت يحتاج العراق إلى تشييد 4000 مدرسة جديدة كحد أدنى لسد العجز.
ويذهب بعض الاختصاصيين في مجال التربية والتعليم إلى أن اتساع الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع العراقي وشرائحه أدى الى عدم كبح نزيف التسرب من المدارس وبالتالي صب هذا التسرب في ارتفاع نسب الأمية ووصولها لهذه الأرقام الخطيرة.
وتشكل الأزمة الاقتصادية هي الأخرى خطرًا بالغًا على القطاع التعليمي في العراق، فتراجع قيمة الدينار وارتفاع الدولار وتهريبه عبر الأحزاب والميليشيات إلى إيران كلها أسباب أدت إلى وجود تضخم في البلاد أثر بشكل كبير على الأساتذة والطلبة وعوائلهم في تأمين مستلزمات الدراسة.

الدكتور محمود خالد المسافر: ما يجري للتعليم بالعراق مخطط له من قبل الاحتلالين الأمريكي والإيراني لتجهيل الشعب وتدمير قاعدته العلمية

وأدى الوضع المعيشي الصعب إلى اتساع ظاهرة تسرب الأطفال من المدارس ودخولهم إلى سوق العمل، وبسبب تخرج الآلاف سنويًا من دون إيجاد عمل ليضافوا إلى نسب أعداد البطالة، بحسب نقابة المعلمين، التي أشارت أيضا إلى وجود محاصصات حزبية داخل مؤسسات التعليم على غرار تفشي المحاصصة في مختلف مؤسسات الدولة.
وبينما تتنافس الدول المتقدمة على المراكز الأولى في مستويات التعليم، إلا أن العراق ما زال يرزح في مستويات متدنية في التصنيفات العالمية وبات في بعض الأحيان خارج تلك التصنيفات.
وعن تدهور القطاع التعليمي في العراق يوضح الأكاديمي المتخصص في التعليم الدكتور محمود المسافر بأن “النظام الحاكم بعد عام 2003 وأسسه القانونية والأخلاقية التي جاء بها كان سببًا بتدهور قطاع التعليم أسوة بباقي القطاعات الحكومية”.
وقال المسافر خلال مداخلته على قناة “الرافدين” إن “لا توجد ضمن أولويات النظام السياسي الحاكم في العراق الاهتمام بقطاع التعليم”.
وأضاف أن “ما يجري للتعليم بالعراق هو مخطط له من قبل الاحتلالين الأمريكي والإيراني لتجهيل الشعب وتدمير قاعدته العلمية”، وهو ما أدى إلى خروج العراق خارج التقييم العلمي لجودة التعليم بحسب منظمة اليونسكو.

هيئة علماء المسلمين في العراق: التعليم سيبقى على ما هو عليه، وربما يزداد سوءًا طالما بقيت المحاصصة الحزبية والتجارية تسيطر على التعليم

وسبق أن شددت هيئة علماء المسلمين في العراق في تقارير لها على أن حال التعليم سيبقى على ما هو عليه، وربما يزداد سوءًا سنة بعد سنة طالما بقيت المحاصصة والحزبية والتجارية تسيطر على التعليم، وسيكون تأثير هذا سلبيًا على المجتمع، وكل نواحي الحياة في البلاد من صحة وتعليم وصناعة. وذكر قسم حقوق الإنسان في الهيئة، في ندوة سابقة نظّمها بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأميّة أن نسبة الأمية المتصاعدة في العراق تشير بوضوح إلى نتائج حتمية الجهل التي فرضها الاحتلال واتبعتها حكوماته المتعاقبة.
وأكد على أن، عملية التجهيل تهدف إلى محاربة العلم وفرض التخلف واستشراء الفساد وتغييب الوعي وإحداث حالة الاستنزاف الفكري والانحلال الأخلاقي ونسف مقومات المجتمع المدني كافة في سبيل تسهيل بث التفرقة بين مكونات الشعب الواحد وصناعة العنف وافتعال الأزمات والصراعات وتفكيك آليات التغيير الجماهيري والتفرد بالسلطة.
وسبق وأن اعتبر البنك الدولي أن 90 بالمائة من الطلاب العراقيين لا يفهمون ما يقرأون، بسبب الصراع الذي عاشه العراق وأوجه القصور فيه، في فضيحة مدوية لم يستطع الساسة في الحكومة ولا مسؤولو وزارة التربية تلافيها.
وصنف البنك رأس المال البشري في العراق بأنه “يمثل 15 بالمائة فقط من إجمالي الثروة، وهو أحد أدنى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

 

 

 

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى