أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

ازدواجية السوداني بشأن القوات الأجنبية مرتبطة بالتخادم الأمريكي الإيراني

فورين بوليسي: كل رؤساء الحكومات في العراق بما فيهم عادل عبد المهدي أعربوا عن دعمهم خلف الأبواب المغلقة، لتواجد القوات الأمريكية.

بغداد- الرافدين
قلل لواء ركن متقاعد في الجيش العراقي من أهمية التعويل على تصريحات رئيس الحكومة الحالية محمد شياع السوداني ببقاء أو مغادرة القوات الأمريكية من العراق.
وذكر اللواء من مقر إقامته في العاصمة الأردنية عمان، أن السوداني غير قادر على التحكم بوضع جندي غربي واحد متواجد في العراق، لأن هذه القوات لا تخضع لسلطته، وأن المزاعم بشأن الاتفاق مع “الحكومة العراقية”، مجرد تسويغ قانوني لواقع قائم منذ احتلال العراق.
وأضاف اللواء الركن في تصريح لقناة “الرافدين” مفضلا عدم ذكر أسمه إن “الكلام القانوني عن الاتفاق بين الولايات المتحدة والعراق بشأن القوات الأمريكية المتواجدة، هو مجرد تمرير لواقع منذ احتلال العراق عام 2003 سواء باتفاق أو من دونه لأن الولايات المتحدة مصدر القرار وليس حكومة المنطقة الخضراء”.
ووصف ازدواجية كلام السوداني بشأن بقاء أو عدم الحاجة للقوات الأجنبية، مرتبط بطبيعة الولاء والخضوع لمصالح أحزاب الإطار التنسيقي الذي دفع به لرئاسة الحكومة أولا ومن ثم طبيعة التخادم بين الولايات المتحدة وإيران في العراق.
وكان السوداني قد كشف أن بلاده بحاجة لمراجعة العلاقة مع التحالف الدولي، في ظل عدم حاجتها إلى قوات قتالية أجنبية، بل استشارية.
جاء ذلك في مقال للسوداني نشرته صحيفة لوموند الفرنسية الأربعاء، عشية زيارته إلى باريس الخميس.
في وقت نقلت مجلة فورين بوليسي عن مسؤولين أمريكيين سابقين قولهم إن رؤساء الوزراء العراقيين أعربوا عن دعمهم الشديد للمهمة العسكرية الأمريكية خلف الأبواب المغلقة، وعادل عبد المهدي كان على رأس تلك الحكومات أثناء تبادل الضربات بين القوات الأمريكية والميليشيات المدعومة من إيران.
ونقلت المجلة عن مسؤول كبير سابق في إدارة دونالد ترامب قوله “في كل مرة يغلق فيها الباب، كانوا يقولون لنا، نحن ندعمكم 100 بالمائة، ونريد وجود قوات أمريكية في ‌العراق لضمان استمرار هزيمة داعش ولكن أيضا لمواجهة النفوذ الإيراني”.
ويأتي هذا مقال السوداني في لوموند الفرنسية بعد أيام من دفاع السوداني خلال حديثه لصحيفة “وول ستريت جورنال”، عن وجود قوات أمريكية في بلاده، ولم يحدد جدولا زمنيا لانسحابها، مؤكدا أهميتها في مكافحة تنظيم “داعش”.
وعرض السوادني على إدارة الرئيس بايدن نوع من المقايضة من أجل الاحتفاظ بمنصبه في رئاسة الحكومة.
وأقر بحاجة البلاد لبقاء القوات الأمريكية، في تعبير عن حاجته كرئيس للحكومة للقوات الامريكية وليس البلاد، كنوع من الحماية له، فيما تعيش حكومته في وضع متأرجح.
وسبق أن أوصل الرئيس الأمريكي جو بايدن عبر منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك، رسالة “حماية” لحكومة محمد شياع السوداني باستمرار دعمها ومنع الإطاحة بها.
ولم تتأخر الإدارة الأمريكية بالرد على الرسالة التي وجهها السوداني عبر صحيفة “وول ستريت جورنال”، عندما أعلن حاجة “البلاد” إلى بقاء القوات الأمريكية؛ في إشارة واضحة لحاجته في تثبيت حكومته التي تعاني من وضع قلق.
وأكد ماكغورك خلال زيارة الى بغداد، دعم بلاده لإنجاح الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني واستمرار تقديم المشورة للجيش.
وأوضح أن الإدارة الأمريكية “تجدد التزامها باتفاقية الإطار الاستراتيجي، ودعم إصلاحات الحكومة العراقية في مجال الطاقة والبنية التحتية ومواجهة التغيرات المناخية”.
وعبر عن ترحيب الإدارة الأمريكية بالزيارة المرتقبة لوزير الخارجية فؤاد حسين إلى واشنطن “لعقد اجتماعات اللجنة التنسيقية العليا لاتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين”.
ويحرص السوداني على إظهار الانصياع تجاه الولايات المتحدة التي تواصل تشديد نبرتها ضد النظام الإيراني الداعم للإطار التنسيقي الذي شكل حكومة السوداني.
ويعتمد السوداني على نوايا واشنطن لضمان عدم تعرض عائدات النفط ومالية بلاده للرقابة الأمريكية، ويحتاج أيضا إلى مساعدة واشنطن للبقاء في منصبه المهدد من قبل الإطار التنسيقي نفسه الذي بات منشقا على نفسه، فضلا عن التيار الصدري برئاسة مقتدى الصدر الذي ينتظر اللحظة المناسبة لإسقاط الحكومة.
لكن السوداني في النهاية وصل إلى السلطة بدعم من ميليشيات مدعومة من طهران، وبالتالي لا يمكنه تحمل تبعة استعداء إيران.
وتعتمد حكومة السوداني التي نالت الثقة بعد عام من الصدامات الدامية، على دعم أحزاب موالية لإيران تهيمن على البرلمان.
وقال المعلق السياسي المقرب من التيار الصدري أحمد علي لا يتم تعريف قوات حلف “الناتو” في عرف محور الأحزاب الولائية لإيران على انها قوات احتلال، وهذا يعني أن ما يسمى بـ “قوى المقاومة العراقية” تعاني من خلل أخلاقي في هذه النقطة.
وأكد على هذه القوى الولائية تفقد قيمها الأخلاقية يومًا بعد اخر، عندما تصبح مجرد مشاريع سياسية لأحزاب فاسدة وأخرى فاشلة في إدارة الدولة.
وتنشر الولايات المتحدة نحو ألفي عسكري في العراق للقيام بمهام تدريبية واستشارية.
كما ينفذ حلف شمال الأطلسي (ناتو) مهمة غير قتالية في العراق، يشارك فيها وفق موقعه الإلكتروني “مئات” من العناصر من عدة دول أعضاء أو شركاء للحلف (أستراليا وفنلندا والسويد).
وتوقع الباحث في معهد هدسون الأمريكي، ريتشارد وايز، بإن واشنطن سترحب بتوجه السوداني الأخير بشأن بقاء القوات الأمريكية.
وقال وايز في تصريح تناقلته مواقع أمريكية “السوداني يبدو على دراية بمدى تعقيد الوضع في طهران بعد التظاهرات الأخيرة، لهذا قرر إرسال هذه الرسائل الودية إلى واشنطن”.
وعبر عن اعتقاده بإن الشراكة مع العراق مفيدة لجهود واشنطن في سوريا، لكن الفائدة محدودة حيث إن “العراق لا يستطيع مثلا أن يجاري ما تقدمه السعودية في شراكتها مع واشنطن من قوة نفطية ومالية واستراتيجية وتأثير على المنطقة”.
وأشار إلى أن “وصول الاتفاق النووي مع طهران إلى طريق مسدود، وصعود حكومة إسرائيلية متشددة، قد يعيد لواشنطن اهتمامها بالشرق الأوسط”.
وكتب السوداني في المقال الذي يمهد لزيارة فرنسا “إن بلاده ترغب في ترسيخ التعاون العسكري والأمني مع الجانب الفرنسي، تناغما مع هدفنا في رفع قدرات قواتنا الأمنية القتالية، وهي الآن تحقق تلك الغاية”.
وأضاف أن هذا الوضع “يجعل العراق في غير حاجة لقوات قتالية أجنبية، بل قوات استشارية لسد احتياجات قواتنا من التدريب والتجهيز”.
ومضى “وهذا يعني أننا بحاجة دائمة إلى مراجعة العلاقة مع التحالف الدولي ورسم خارطة التعاون المستقبلي في ظل التطور الدائم في القدرات القتالية لقواتنا المسلحة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى