أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الفساد والتهريب وراء أزمة الوقود في العراق

متنفذون في شركة توزيع المشتقات النفطية يقفون خلف أزمة الوقود من أجل التهريب والبيع في السوق السوداء.

بغداد – الرافدين
تشهد العاصمة بغداد ومدن عراقية أخرى أزمة في عدد من المشتقات النفطية أبرزها البنزين و”الكاز” ، أدت إلى خلق ازدحام أمام المحطات، واضطر المواطنون للوقوف ساعات طويلة من أجل التزود بالوقود، في مشهد يتكرر منذ أيام، على الرغم من وعود حكومية سابقة لإنهاء الأزمة.
وتأثرت أغلب المحافظات العراقية بأزمة الوقود، في ظل فشل وزارة النفط في إيجاد حل للأزمة، فضلا عن الفساد المستشري في البلاد وعمليات تهريب النفط إلى إيران من قبل الميليشيات الموالية لها بتواطؤ حكومي.
وعلى الرغم من أن وزارة النفط عزت الأزمة الحالية إلى زيادة الطلب على المنتجات النفطية نتيجة انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء وانقطاع التيار الكهربائي عن المنازل، هاجمت لجنة النفط والغاز النيابية الوزارة لعدم وضع حلول عملية.
وقال عضو اللجنة النائب باسم نغيمش إن “استمرار أزمة الكاز يشير إلى فشل الحكومة في إيجاد حلول للمشاكل على الرغم من تعهد وزارة النفط توفير الوقود خلال يومين إلا أن الأمور زادت سوءًا”.
وأشار إلى أن وزارة النفط تبرر الأزمة بأن الباخرة المحملة بالكاز موجودة ولكن لم تفرغ حمولتها بعد لعدم وجود رصيف لترسو عليه.
ويرى خبراء اقتصاديون أن أزمة المشتقات النفطية تأتي ضمن سياسة مفتعلة تنتهجها شركة توزيع المشتقات النفطية، وتتحمل المسؤولية الكاملة لما يحصل من مشاكل في هذا القطاع.
وأشار خبراء إلى أن جهات متنفذة داخل الحكومة، بدأت بتقليص كميات الوقود التي تزود بها محطات التعبئة، فبعد أن كانت الصهاريج، ترسل يوميا لغرض تعزيز خزانات المحطات، أصبحت ترسل كل ثلاثة أيام. وهذه العملية يراد منها خلق أزمة محلية، لهدف تحقيق أرباح تذهب في جيوب المتنفذين داخل وزارة النفط، وذلك عبر تقليل الكميات المرسلة للمحطات، وبيعها في السوق السوداء وتهريب كميات أخرى خارج البلاد.
ومنذ عام 2003 لم تطور وزارة النفط المصافي النفطية الوطنية وتركتها متهالكة، وفي المقابل تلجأ الحكومات المتعاقبة إلى استيراد المشتقات النفطية بقيمة 5 مليارات دولار سنويا بنسبة تبلغ أكثر من 70 بالمائة من الحاجة الفعلية للبلاد.

عصام الجلبي: التبذير والفساد وسوء الإدارة يسيطر على ملف المشتقات النفطية في الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003

وقال وزير النفط العراقي الأسبق عصام الجلبي إن هناك تبذيرا وفسادا وسوء إدارة وعدم كفاءة في إدارة ملف المشتقات النفطية في الحكومات المتعاقبة منذ الغزو الأمريكي.
وأضاف الجلبي أن العراق كان يصدر مشتقات نفطية بكميات كبيرة للدول المجاورة، وكان مكتفيا ذاتيا بالبنزين قبل الغزو الأمريكي، إلا أنه بدأ بعد الغزو مباشرة في استيراد المشتقات النفطية بسبب عجز الحكومة عن معالجة النقص في طاقات التصفية أو تطويرها لإنتاج ما يكفي من البنزين.
وأشار إلى أن حجم الاستيراد يصل أحيانا إلى أكثر من 5 مليارات دولار بالإضافة إلى استيرادات وزارة الكهرباء من الغاز والكهرباء من إيران.
وقال الخبير الاقتصادي ضياء المحسن، إن “الأسباب الحقيقية التي تقف وراء أزمات الوقود في العراق، هي أن البلد يستورد المشتقات النفطية من الخارج  بحدود 5 مليارات دولار سنويا”.
وأضاف أن “من الضرورة بناء مصاف نفطية تتلائم وحجم الاستهلاك والحاجة المحلية، لأن ما ينتجه العراق وما يتوفر من الطاقة التكريرية لا يغطي إلا نسبة قليلة من حاجة السوق”.
وبين أن من بين الأسباب التي أدت إلى حدوث الأزمة غياب العدالة في توزيع المشتقات النفطية بين المحافظات، فضلًا عن غياب المراقبة ومتابعة أزمات الوقود من قبل الجهات المعنية.
وينفي بعض المسؤولين وجود أزمة وقود في البلاد على الرغم من سهولة رصد الأزمة من خلال طوابير السيارات قرب محطات الوقود في مختلف المدن العراقية، ووقوف أصحاب المركبات أوقاتا طويلة للحصول على الوقود، فضلا عن إغلاق عشرات المحطات أبوابها أمام الناس بسبب عدم توفر الوقود.
وطالب عراقيون عبر مواقع التواصل بتدخل عاجل لإنهاء الأزمة لما سببته من ضرر على حياتهم اليومية وتوقف أعمالهم لقضائهم ساعات طولية في طوابير الانتظار، مشيرين إلى أن أزمة الوقود ليست بمعزل عن الأزمات الأخرى التي يعيشها العراق، والتي تتعلق بسوء الإدارة الاقتصادية أو غيابها تمامًا.
ويرى عراقيون أن أزمة الوقود الحالية أوضح مؤشرات الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة، فضلا عن قيام جهات متنفذة بتهريب النفط إلى إيران إضافة إلى عمليات البيع في الأسواق السوداء.
ويكثر الحديث عن سرقة وتهريب النفط في معظم المحافظات العراقية التي توجد فيها آبار للنفط دون اتخاذ خطوات ملموسة لإيقافها، ويشير خبراء إلى ارتباط شبكات التهريب بأحزاب وشخصيات سياسية نافذة تقوم عادة بإدارة المشهد من خلف الستار من خلال توظيف ونقل الضباط الكبار إلى المناطق المحددة لتسهيل عمليات سرقة وتهريب النفط الخام.
وتتم عمليات تهريب النفط من العراق إلى إيران من قبل الميليشيات الموالية لها، عبر إحداث ثقوب في الأنابيب النفطية الناقلة، وربط أنابيب أو خراطيم لسحب كميات من النفط لغرض تهريبها خارج البلاد وسط ضعف حكومة محمد شياع السوداني عن مواجهتها وحماية ثروات البلاد.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى