أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

لماذا ترتفع أعداد المنتحرين في العراق؟

خبراء مختصون: ظاهرة الانتحار هي انعكاس للفساد والإهمال الحكومي

بغداد – الرافدين
تسجل أعداد المنتحرين في العراق زيادة منذ نحو عقدين من الزمان، لاسيما أوساط الشباب. الأمر الذي جعل هذه الحالة ظاهرة شاذة وبارزة في المجتمع العراقي الذي بات يتعاطى منذ الاحتلال الأمريكي مع العديد من هذه الظواهر، ويأتي تردي الأوضاع الاقتصادية في مقدمة أسباب تفشي هذه الظاهرة نتيجة فساد الحكومات بعد 2003.
وزارة الداخلية كشفت عن عدد حالات الانتحار خلال الأعوام السبعة الماضية في العراق حيث أظهرت تلك الاحصائيات تصاعدًا مستمرًا في أعداد حالات الانتحار.
وقال المتحدث باسم الوزارة خالد المحنا إن “عدد حالات الانتحار منذ عام 2015 حتى عام 2022 في محافظات العراق عدا محافظات أربيل ودهوك والسليمانية، بلغت 4855 حالة”.
وأضاف أنه “في 2016 بلغت حالات الانتحار 343 حالة، وفي 2017 بلغت 449 حالة، وفي 2018 بلغت 519 حالة، وفي 2019 بلغت 588 حالة، وفي 2020 بلغت 644 حالة، وفي 2021 بلغت 863 حالة، وفي 2022 بلغت 1073 حالة انتحار”.
ويفتقر العراق لإحصائيات دقيقة عن عدد حالات الانتحار بسبب الضغوطات الاجتماعية وطبيعة المجتمع مع تكتم الجهات الحكومية للتغطية على فشلها في توفير حياة كريمة للمجتمع.
وقال عضو المفوضية حقوق الإنسان علي البياتي إن العراق سجل منذ عام 2003 إلى 2014 3.6% حالة انتحار لكل مائة ألف نسمة، لكن الأرقام ارتفعت بعد 2014 إلى 4.2% لكل مائة ألف نسمة. وانخفضت النسبة حتى بلغت 3.8% في عام 2019، ثم ارتفعت من جديد.
وأضاف أن العراق يسجل سنويًا نحو 600 – 700 حالة انتحار، وحسب المعدلات العالمية أن لكل حالة انتحار يقابلها 2 محاولة انتحار فاشلة. وأكد أن الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية هي من تدفع المواطن إلى الانتحار.
ويعزو خبراء ازدياد حالات الانتحار بين الشباب إلى البطالة والفقر وتعاطي المخدرات وغياب الأمل في التغيير، خاصة في المحافظات الجنوبية لأنها الأكثر فقرًا وتضررًا.
وفي العراق تسعة ملايين مواطن تحت خط الفقر، وذكرت تقارير سابقة أن تداعيات فيروس كورونا، تسببت بإضافة 1.4 مليون عراقي جديد إلى إجمالي أعداد الفقراء ليصبح عددهم 11 مليونًا و400 ألف، بعدما كان قبل الأزمة حوالي 10 ملايين فرد، كما أن نسبة الفقر ارتفعت إلى 31.7 في المائة، بعدما كانت 20 في المائة في عام 2018.
ويرى خبراء أن البطالة تعد مشكلة اقتصادية واجتماعية وسياسية، ولها آثار على الصحة النفسية والجسدية، إذ إن نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون لتقدير الذات، ويشعرون بالفشل وأنهم أقل من غيرهم، هذه الأسباب وغيرها تؤدي إلى لجوء الشباب إلى الانتحار.
الحكومات المتعاقبة بسبب فسادها وسوء إدارتها لم تفعّل الخطط التنموية للتقليل من الفقر والبطالة في بلد متخم بالثروات، الوعود الحكومية بتحسين الواقع المعاش وتوزيع الثروات بالإنصاف وتقليل الفوارق الفاحشة بين الرواتب ومتابعة قضية المخدرات لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع.
ومن أسباب الانتحار الأخرى الانتشار الكبير للمخدرات في المجتمع حيث تعمل جهات متنفذة على إغراق العراق بهذه الآفة القاتلة بتواطؤ حكومي.
وكشفت تصريحات رسمية أن نسب تعاطي المخدرات بين الشباب في العراق بلغت مستويات عالية خاصة بين طلاب الجامعات والمدارس والعاطلين عن العمل.
وسجلت مدن في العراق أعدادًا كبيرة للمتعاطين بينها نينوى والبصرة والعمارة وبغداد ومحافظة الأنبار حيث صودرت ملايين الحبوب من مادة الكبتاغون المخدرة القادمة من إيران.
وتؤكد منظمات حقوقية ومدنية أن ظاهرة التعاطي والاتجار بالمخدرات دخيلة على المجتمع العراقي وقد تفشت في السنوات الأخيرة بسبب ضعف القانون ودخول ميليشيات ومافيات متنفذة في حقل تجارة المخدرات لاسيما تلك القادمة من إيران.
ولا يكاد يمر يوم في العراق من غير أن تتداول صفحات مواقع التواصل الاجتماعي قصصًا جديدة عن شبان وفتيات قرروا إنهاء حياتهم بتناول السم أو قطع الأوردة أو شنق أنفسهم أو القفز من فوق جسر، والقاسم المشترك بينهم جميعا هو ظروف اقتصادية صعبة، تصل ببعضهم إلى العجز عن توفير قوت يومه.
ويرى مراقبون أن اتساع ظاهرة الانتحار انعكاس للفساد والإهمال الحكومي للوضع الاقتصادي السيئ للبلاد، مطالبين الجهات المعنية بالتحرك العاجل، للحد من هذه الظاهرة الخطيرة

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى