أخبار الرافدين
عبد المطلب رفعت سرحت

تأثير مشروع المیاه‌ الاستوائي في إيران على نهر ديالى

يعدُّ مشروع المياه‌ الاستوائي من المشاريع الاستراتيجية لإيران والهدف منه هو زيادة الرقعة الزراعية وتغيير الأراضي الزراعية الديمية الى أراضي إروائية، إضافة الى تجهيز المياه للشرب وللأغراض الصناعية. ويكمن الهدف الأساسي لهذا المشروع في إرواء حوالي “120- 180” ألف هكتار من الأراضي الزراعية.
يتكون هذا المشروع من قسمين. الأول: جميع السدود والانفاق المائية في حوض نهر ديالى “سيروان”، في هذا القسم على وشك الانتهاء حيث يتم فيه جمع المياه من خلال “نفق نوسود المائي”. ويتم نقل مليار متر مكعب سنوياً الى مناطق “كرمسير” في إيران.
أما القسم الثاني فيبدأ من سد “ازكلة” المجاور لقصبة “سرتك” من جهة إيران ويتم نقل المياه الزائدة من القسم الأول الى القسم الثاني لإرواء الأراضي الزراعية في محافظة عيلام وقسم من محافظة الاحواز.
ويوجد 13 سدا ضمن مشروع المياه الاستوائي الإيراني، من بينها سد “داريان باوه” بسعة 338 مليون متر مكعب. وهذا السد سيؤثر تأثيراً مباشراً على نظام نهر ديالى ويتسبب في انخفاض مستوى المياه في سدي دربندخان وحمرين. إضافة الى تأثيره السلبي على مناطق كرميان وحلبجة بسبب فقدان مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية.
وسد “هيروي” بسعة 30 مليون متر مكعب، وهو من أكثر السدود خطورة على نهر ديالى لأنه يمنع دخول المياه الخارجة من سد “داريان” الى الأراضي العراقية، بل يتم تحويل المياه من خلال هذا السد الى نفق “نوسود” المائي. وكذلك يستجمع مياه “باوه رود” أحد روافد نهر ديالى ويمنع دخول المياه الى الأراضي العراقية.
وسد “زمكان” الذي يقع على “رافد زمكان” أحد الروافد الرئيسية لنهر ديالى في إيران. وتبلغ السعة الخزنية لهذا السد 23 مليون متر مكعب.
وسد “كاران” وتبلغ السعة الخزنية له 110 مليون متر مكعب، ويشكل خطورة كبيرة على نهر ديالى في العراق وخاصة في مناطق كرميان وديالى حيث يؤثر سلباً على مستوى المياه في سدي دربندخان وحمرين، وبالتالي يسبب اختلالاً كبيراً في الموازنة المائية والبيئية في تلك المنطقة. تأثيرات هذا السد لم تظهر حتى الآن بشكل كبير نتيجة لسقوط كميات كبيرة من الامطار في حوض ديالى في السنوات السابقة.
وهناك أيضا ما يسمى بالسدود القاطعة وهي عبارة عن سدود قاطعة وانحرافيه وقنوات خاصة لتغيير مجاري وروافد نهر ديالى. ويعتبر هذا النوع من النواظم من أكثر الاعمال الهندسية خطورة على نهر ديالى، لأن هذه القواطع تعمل على جمع ونقل المياه الى نفق “نوسود” المائي وبالتالي تمنع من دخول المياه الى الاراضي العراق وتحرم العراق من حقوقه التاريخية في حوض ديالى.
يؤثر هذا النفق بشكل عام على نهر ديالى في العراق وبهذا النفق يتم القضاء على معظم روافد النهر في إيران لأنه يمنع من وصول اي كمية من المياه الى الاراضي العراقية.
وعن طريق هذا النفق سيتم نقل 1 إلى 1.6 مليار متر مكعب سنوياً من مياه حوض ديالى “بعد سرقته من العراق وسلب حقوقه المائية” الى محافظة عيلام من خلال سد “ازكلة” لتنمية المشاريع الزراعية والصناعية ولاستخدام كميات منه كمصدر للشرب في الكثير من المدن.
وبهذا ستتأثر مناطق واسعة من حلبجة، كرميان، ومحافظة ديالى بنقص حاد في المياه مسببة كارثة بيئية كبيرة لم يشهدها العراق من قبل ناهيك عن التأثيرات التي ستلحق بنهر دجلة.
في النهاية يعتبر مشروع المياه الاستوائي في إيران أكبر هدية لمدن كرمانشاه وعیلام بما يسببه من ضرر فادح لمدن عراقية.
والمشروع هذا ليس الهدف منه خزن المياه وتغيير المجاري المائية فحسب، بل هدف هذا المشروع أكبر بكثير من ذلك، حيث وضع ازدهار الزراعة في المحافظات الإيرانية الغربية من الأولويات الملحة في تنفيذ هذا المشروع السياسي-الاقتصادي.
وتم تأسيس عدد كبير من المشاريع الزراعية بشقيها “النباتي والحيواني” وشركات صناعية على طول جانبي هذا المشروع الكبير. بالإضافة الى تأسيس عدد من مشاريع خزانات بهدف استخدام مياهها لغرض الشرب في العديد من المدن على جانبي هذا المشروع.
ويقدر طول المشروع بأكثر من 450 كم من محافظة كرمانشاه الى محافظة عيلام المحاذيتين لمحافظة واسط العراقية.
يعتبر الجانب الإيراني ان نهر وحوض ديالى هو حق تتفرد إيران به وحدها ولا يمكن أن يعبر الحدود كما كان في العهود السابقة ليستفيد منه “غرباء ودول أخرى ويغذي أراضيهم وانهارهم بلا ثمن او دون مقابل” في إشارة الى العراق. ولهذا السبب فإن إيران أقدمت على تغيير مجاري الأنهار الدولية في ظل ضعف الدولة العراقية حيث لم تسبق للدولة العراقية ان كانت بهذا الضعف امام دول الجوار.
برأيي الشخصي فإن المشاريع المائية الإيرانية هي أكثر خطورة من المشاريع التركية لان تركيا لم تقدم على تغيير المجاري بل اكتفت ببناء السدود. بينما الدولة الإيرانية غيرت المجاري المائية الى داخل اراضيها كي لا نحظى حتى بمياه الفيضانات في السنوات المطرية.
سيؤثر هذا المشروع على سدي دربندخان وحمرين بشكل مباشر. وستعاني مناطق كرميان “جنوب محافظة السليمانية” ومحافظة ديالى من ظاهرة التصحر شديدة المستوى قد يستحيل معالجتها. بالإضافة الى أن نهر دجلة سيفقد أحد أهم روافده، وبذلك سينخفض مستوى المياه في النهر جنوب بغداد. وبسبب دخول المياه العادمة في النهر فإن نسبة الملوثات ستزيد تدريجياً إضافة الى زيادة نسبة الملوحة بسبب انخفاض مستوى النهر.
معظم سدود هذا المشروع تقع على الخط الزلزالي وهذا يشكل بحد ذاته خطورة كبيرة وينذر بكارثة إنسانية قد تحل بمدن حلبجة، السليمانية وديالى في حال حدوث زلازل بدرجات عالية.
الغريب في الامر انه ليس هناك اي تنديد فعلي صريح من الجانب العراقي ازاء تلك التجاوزات الكبيرة من الجانب الإيراني على الحقوق المائية للشعب العراقي بالرغم من العلاقة الوطيدة التي تربط حكام العراق والإقليم بحكام إيران.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى