أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

القوات الحكومية تشارك الميليشيات في استباحة المدن المنكوبة

مراقبون: إصرار زعماء الميليشيات على البقاء في المدن يحمل أهدافًا سياسية واقتصادية

بغداد – الرافدين
تهيمن الميليشيات التابعة لإيران على المشهد العام في المدن العراقية أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا، على الرغم من الوعود الحكومية الكثيرة وآخرها حكومة السوداني بإنهاء المظاهر المسلحة وإخراج الجيش وميليشيات الحشد من المدن إلا أن هذه الوعود لم يتحقق شيء منها.
وعلى الرغم من أن برنامج حكومة السوداني، نص في أحد بنوده على إنهاء المظاهر المسلحة في المدن المنكوبة في شمالي وغربي العراق وسحب الميليشيات منها، لكن لا توجد بوادر حقيقة لتنفيذ هذا الأمر.
وأفادت مصادر سياسية بأن مزاعم الحكومة الحالية بتسليم الملف الأمني في المدن للشرطة وإخراج الجيش وميليشيات “الحشد ” لا تشمل المحافظات المنكوبة.
وأكدت المصادر، أن الخطة الأمنية الجديدة تستثني نشر قوات الشرطة في المدن والمناطق المنكوبة، معتبرة أن هذا الملف “يقع ضمن مسؤولية الميليشيات المسلحة، وليس قوات الأمن الحكومية”، مشيرة إلى أن الأوامر العسكرية والأمنية الجديدة، لم تشمل محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى لدوافع طائفية، على الرغم من أنها أحوج إلى هذا الإجراء من غيرها من مدن العراق.
ويطالب سكان المدن المنكوبة بتخليصهم من هيمنة الميليشيات حيث ارتكبت انتهاكات كثيرة ضدهم إضافة لسيطرتها على الوضع الاقتصادي عن طريق مكاتبها الاقتصادية ومنعها عودة النازحين إلى مناطقهم، مع عجز حكومي للحد من نفوذها.
وقال النائب رعد الدهلكي إن “المظاهر المسلحة من خلال الميليشيات لا تزال في مدن كثيرة من العراق، على الرغم من المطالبات لإخراجها، والإبقاء على الشرطة المحلية والجهات الأمنية داخل المدن، لكن الفصائل المسلحة لا تستجيب لهذه المطالبات”.
وأضاف أن “الميليشيات تهاجم الجهات التي تطالب بإخراجها، وأن الحكومات المتعاقبة لم تستطع تثبيت موقف واضح من وجود هذه الفصائل، التي تنتمي معظمها إلى ميليشيا الحشد، داخل المدن المستعادة”.
وبين أن “وجود الميليشيا في المدن المنكوبة ودخولها على الخطوط السياسية والأمنية والاقتصادية يمثلان حالة تغيير في ديمغرافية تلك المدن، لا سيما أن هناك مناطق، وتحديدًا في ديالى والموصل باتت تسيطر عليها الميليشيات بشكل كامل، ناهيك عن الاستيلاء على الأراضي الزراعية وتحويلها إلى منازل للعناصر المسلحة”.
وقال مراقبون سياسيون إن الميليشيات الموالية لإيران، تشكل هاجسًا مقلقًا لسكان المدن الشمالية والغربية، ومن المفترض أن تقوم الحكومة بالإيعاز لها بالانسحاب من المدن، لكن المصالح الشخصية والاستثمارات والتجارة للميليشيات تحول دون خروجهم.
ويرى مراقبون أن إصرار زعماء الميليشيات على البقاء داخل المدن والأحياء السكنية يحمل أهدافًا سياسية واقتصادية واضحة، لا سيما أنها بلغت مرحلة كبيرة من التدخل وفرض شخصيات تابعة لها في تلك المدن، وترى نفسها الحاكم والمسيطر الفعلي عليها، مبينين أن إفراغ المدن من أهلها ومنع عودتهم إليها أوضح المظاهر على هيمنتها وقوة نفوذها وتواطؤ الحكومة معها.
وتنتشر عشرات الميليشيات في محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وكركوك وحزام بغداد وشمالي بابل، قسم منها مرتبط بإيران بشكل مباشر، وأبرزها كتائب “حزب الله” و”العصائب” و”النجباء” و”الخراساني”، وتبسط هيمنتها عن طريق مكاتبها الاقتصادية بعلم الجهات الحكومية.
وتستحوذ المكاتب الاقتصادية على مشاريع عقود ومناقصات تحصل عليها بسبب نفوذها وتمنحها لشركات مرتبطة بها، وتفرض الإتاوات على التجار والشركات والمزارعين، فضلاً عن تدخلها بشؤون الدوائر والمؤسسات الحكومية الخاصة بالمدن التي تسيطر عليها.
وأعترف محافظ نينوى نجم الجبوري مؤخرًا بفرض نسب وعمولات على المشاريع في المحافظة، وقال إن جهات تأخذ عمولات وصلت إلى 10% من الشركات التي تحال إليها المشاريع، من دون تسمية تلك الجهات.
وقال الصحفي والإعلامي زياد السنجري، إن “سلطة الميليشيات أقوى من سلطة الدولة ولا توجد سلطة تستطيع إغلاق المكاتب الاقتصادية المنتشرة في نينوى، وهناك مناطق لا يمكن الدخول إليها من دون موافقة المليشيات مثل مدينة سنجار وسهل نينوى وتلعفر”.
وأضاف أن “أهم الملفات التي تشهد تدخلات، هي المزايدات والمناقصات التي تعلن عنها محافظة نينوى، وأن جميع المشاريع تخضع لفرض عمولات ونسب أو تحال إلى جهات تابعة للميليشيات، وإلا فإنها لن تنفذ.
وتمنع الميليشيات أكثر من 250 ألف نازح من المحافظات المنكوبة، يعيشون أوضاعًا إنسانية قاسية من العودة لمناطقهم، حيث بينت جهات حقوقية أن الميليشيات تمنع بالقوة عودة آلاف العائلات النازحة من مناطق جرف الصخر شمالي بابل ومناطق جنوبي تكريت وغربي الأنبار وقضاء سنجار في نينوى، وقضاء المقدادية بمحافظة ديالى، واعترفت وزارة الهجرة بأن المخاوف الأمنية جراء انتشار الميليشيات وانعدام الخدمات حالت دون عودة النازحين.
وطالب ناشطون حقوقيون بإنهاء ملف النزوح في المحافظات المنكوبة لاسيما المناطق منزوعة السكان التي تسيطر عليها الميليشيات، متهمين الحكومة الحالية بالإهمال المتعمد وعدم إنصاف النازحين الذين مضى على وجودهم في مخيمات النزوح أكثر من 8 سنوات وهم يعانون من الفقر والعوز وانتشار الأمراض والحرمان من بقية الحقوق الأساسية فيما يستمر استيلاء الميليشيات على مناطقهم التي استثنتها الحكومة من قرار خطة إخراج الجيش والميليشيات من المدن.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى