أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مرجعية السيستاني تستملك أراضي معمل تعليب كربلاء لتحويلها إلى مشروع تجاري

العتبة الحسينية تقر بإغلاق مصنع تعليب كربلاء وتتذرع بتوفير بديل له خارج حدود المحافظة، في تعدي معلن على سلطة الدولة والقانون.

كربلاء – الرافدين

كشفت قضية استيلاء العتبة الحسينية التابعة لمرجعية النجف، على أراض باهظة الثمن تابعة لمصنع تعليب كربلاء وتعويضها بقطع أخرى خارج الحدود البلدية للمحافظة. سطوة المرجعية السياسية والاقتصادية بوصفها “دولة موازية”.
وأقدمت السبت عناصر ميليشياوية تابعة لحشد المرجعية على إغلاق مصنع تعليب كربلاء الذي يعد فخر الصناعة الوطنية منذ عقود. في وقت مارست حكومة محمد شياع السوادني صمتا مطبقا، بينما لم يتحرك القضاء لمنع هذا التجاوز بطريقة صلفة.
وتمتلك مرجعية السيستاني سلطة عسكرية تسمّى حشد المرجعية، أو حشد العتبات المكون من فرقة “الإمام علي القتالية” وفرقة “العباس القتالية” ولواء “علي الأكبر” ولواء “أنصار المرجعية”. وتضم حوالي عشرين ألف عنصر ترفع شعار “حاضنة الفتوى وبناة الدولة”. في إشارة الى سطوتها السياسية والاقتصادية.
وأكدت العتبة الحسينية ما تم تداوله بشأن قيامها باستملاك أراضي معمل تعليب كربلاء واستبداله بمشاريع تابعة لها.
وتذرعت الأمانة العامة للعتبة الحسينية بأنها ستوفر أرضا بديلة لمعمل تعليب كربلاء خارج مركز المدينة. الأمر الذي اعتبره عراقيون سطوة صلفة لمؤسسة طائفية صارت تمتلك السلطة الاقتصادية والميليشاوية لتمرير ما تريد وفق مصالحها.
والعتبة الحسينية مؤسسة طائفية مرتبطة بمرجعية النجف التي يرأسها علي السيستاني ويتولى إدارة أموالها عبد المهدي الكربلائي الذي يجمع عراقيون على وصفه بأنه “أغنى رجل أعمال في العراق”.
ولدى العتبة ميليشيا مسلحة خاصة بها تنفذ أوامر المرجعية التي أصبحت تدير حاليًا دولة موازية داخل الدولة، باقتصاد يعادل موازنات دول مجاورة للعراق ومن دون أن تخضع لأي رقابة مالية أو ضرائب، فضلًا عن دورها السياسي والتقسيمي لإشاعة الأفكار الطائفية ونشر “الخواء” داخل المجتمع العراقي. وتغيير هويته الاجتماعية والتاريخية.
ويجمع مراقبون سياسيون على أن مرجعية النجف صارت تمثل دولة متكاملة بأموالها وقواتها القتالية داخل الدولة العراقية، لا يمكن أن تخضع للمحاسبة المالية ولقوانين الدولة وسلطتها.
وتساءل عراقيون عن فائدة وجود وزارات في الحكومة العراقية طالما تقوم العتبة بتنفيذ مشاريع الدولة والقطاع العام، مطالبين بتهكم بإغلاق الوزارات وتوفير أموال الرواتب والمخصصات.
وأظهرت صور لموظفي معمل تعليب كربلاء وهم يحتجون على ما وصفوه باستيلاء عناصر من العتبة الحسينية على أراضي المعمل، مطالبين الجهات المعنية بالتدخل.
ونظم عمال شركة تعليب المواد الغذائية في كربلاء، وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة، معربين عن رفضهم لما قامت به مجموعات من عناصر مسلحة تابعة للعتبة الحُـسينية، من طرد العمال وغلق أبواب الشركة، ووقف خطوط الإنتاج، بما يهدد أرزاق كثير من المواطنين العاملين في هذه الشركة.
وأجمع أهالي مدينة كربلاء على أن المعمل صادرته العتبة الحسينية خلافًا للقانون والدين والشرع، مستذكرين أهمية المصنع في تاريخ مدينتهم الذي عملت فيه أجيال من أبناء المحافظة فضلا على الكوادر العراقية من المدن الأخرى.
وقال الناشط محمد جعفر في تغريدة على تويتر، إن “العتبة الحسينية تقوم بسرقة معمل تصنيع كربلاء بحجة حماية المذهب”.
وشركة تعليب كربلاء هي شركة عراقية عامة مختصة بالصناعات التعليبية الغذائية، وتأسست باسم “المنشأة العامة للتعليب في كربلاء” عام 1959، وكانت تنتج عددًا كبيرًا من المنتوجات الغذائية والمعلبات.
وفي عام 1989 تغير اسم الشركة إلى شركة تعليب كربلاء ونقلت ملكيتها إلى وزارة الصناعة.
وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 لم تسلم المصانع العراقية من سيطرة الأحزاب والميليشيات المتنفذة، بعد أن استحوذت على أراضي المصانع واستملكتها بصورة غير قانونية.
وتهدف العتبة الحسينية بعمل انتهازي وتجاري تحويل أرض شركة تعليب كربلاء إلى مجمع سكني مستغلة موقع الأرض وسط مدينة كربلاء، بنفس الطريقة التي استحوذت فيها على أراضي المزارعين في كربلاء وتحويلها إلى مشاريع تجارية.
واستحوذت العتبة الحسينية من قبل على مشروع إنشاء مطار كربلاء وأوكلته إلى شركة غير معروفة وليس لها أي خبرة أو عمل سابق في المطارات، ويفضح المشروع أوجه الفساد الإداري في إحالة المشاريع الاستراتيجية إلى جهات غير مؤهلة.
وتفقد عبد المهدي الكربلائي العمل في مشروع مطار كربلاء بالتزامن مع الاستيلاء على أراضي مصنع تعليب كربلاء.
وأكد محافظ كربلاء المقال عقيل الطريحي في مقابلة تلفزيونة له على فساد مشروع مطار كربلاء والذي جرى الاتفاق على إنشائه دون موافقات الوزارات المختصة ومنها وزارة النقل، مما يدل على عمل العتبة خارج السياقات القانونية وتصرفها كدولة مستقلة.
وكشف الطريحي خفايا ملف مطار كربلاء الدولي وكيف نقل إلى العتبة الحسينية وكلفت به شركة “خيرات السبطين” التابعة لها والتي لا علاقة لها ببناء المطارات وأخذته كمشروع استثماري تعود إليها أرباحه.
ويقول مختصون إن دوافع إنشاء المطار تنافسية إلى حد ما، نظرا لرغبة كربلاء في الحصول على مطار على غرار ذلك الذي تملكه مدينة النجف، التي تضم مرقد الإمام علي بن أبي طالب.
ولا يفصل بين الموقع الحالي لمطار كربلاء وموقع مطار النجف إلا نحو 50 كلم، وهي مسافة قصيرة للغاية في الحسابات الهندسية وقد تسبب تداخلا في المسارات الجوية.
وتحت الضغط، أقر مكتب السيستاني خطة تنفيذ مطار كربلاء، لكن وسطاء سهلوا حصول شركة مشبوهة على العقد.
وذكرت مصادر إعلامية إن “4 رجال أعمال عراقيين أسسوا شركة باسم (البعد الرابع)، ثم شركة أخرى في لندن، ليدخلوا بهما المنافسة على عقد إنشاء مطار كربلاء، وحصلوا عليه بالتواطؤ مع شخصيات من أحزاب طائفية مؤثرة، أبرزها عبد الحليم الزهيري، القيادي في حزب الدعوة، بعد أن حصلوا على تسهيلات كبيرة من الحكومة آنذاك”.
وأضافت أن “ائتلاف الشركات، الذي حصل على عقد التنفيذ، تسلم 40 مليون دولار نقدا من الجهة الممولة لتغطية مرحلة إعداد التصاميم، التي تبين أنها تصاميم محلية لا تلبي الاحتياجات الأساسية التي دعت إلى إنشاء المطار”.
وبعد مماطلة وشد وجذب، تدخل مكتب السيستاني مطالبا بإلغاء العقد مع الشركات المنفذة، وهو ما حدث فعلا في وقت لاحق.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى