أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

سكان الأهوار في العراق تحت خط الفقر

حكومة السوداني تفشل في وضع الحلول لكارثة الجفاف ونفوق المواشي وتكتفي بمنح سكان الأهوار مساعدات الرعاية الاجتماعية للفقراء.

بغداد – الرافدين
أقرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الحالية بأن جميع سكان الأهوار باتوا يقبعون تحت خط الفقر، إثر تعرضهم لنكبات في ما يخص مصادرهم الاقتصادية، التي تعتمد في أساسها على الصيد وتربية المواشي والزراعة، مشيرة إلى أنّ المنطقة بأريافها ونواحيها وأهوارها أصبحت منكوبة لشدّة الجفاف.
وأعلن وزير العمل والشؤون الاجتماعية الحالي، أحمد الأسدي، شمول كل الأسر في الأهوار بالحماية الاجتماعية، وهو ما يعني تصنيفهم ضمن الفقراء.
ويعتمد غالبية من سكان الأهوار في معيشتهم على صيد الأسماك وتربية المواشي، من دون أن تكون لهم مصادر عيش أخرى. إلا أن الجفاف ونفوق المواشي بسبب الأمراض أفقدهم مصدر رزقهم وسط لا مبالاة حكومية.
ودخلت شريحة كبيرة منهم في حالة المجاعة بعد أن فقدت كل شيء تقريبًا، الأمر الذي دفعهم للهجرة إلى أطراف المدن والبحث عن أي عمل لمعيشتهم.
واضطر غالبية سكان الأهوار السكن في العشوائيات التي تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية للكرامة الإنسانية.
وقال حسين الناشي المسؤول في دائرة الري بمحافظة ذي قار، إن، “سكان الأهوار أكثر من تأثر بالمشكلات البيئية والجفاف في البلاد، ثم سكان المناطق الريفية في محافظة ديالى، وهذا يعني زيادة في الفقر بهاتين المنطقتين”.
وأضاف أن “سكان الأهوار لم يكونوا فقراء، بل إن أوضاعهم المادية كانت جيدة جدًا، لكنها اليوم صارت مأساوية”.
وبيّن أن “من واجب الحكومة ألا تشملهم بالمعونات التي لا تساوي 70 دولارًا  للشخص الواحد شهريًا، إنما العمل على حل مشكلتهم الأساسية، وهي المياه التي تراجعت عن مساحات شاسعة في البلاد”.
وترزح أغلب محافظات العراق الجنوبية تحت فقر مدقع بما فيهم سكان الأهوار، بسبب الجفاف والإهمال الحكومي.
ويقدر خبراء بيئيون المساحات المغمورة بالمياه حاليًا بنحو 25 في المائة من المساحة الكلية للأهوار.
ويمثل الغياب التام للاستراتيجيات والسياسات المائية الرشيدة، السبب الأول لأزمة المياه بعد أن بلغت إيرادات العراق الكلية من المياه عام 2019 ما يقرب من 100 مليار متر مكعب ولم تستغل بالشكل الأمثل، بل ذهبت هدرًا.
ويحذر خبراء من أن الهجرة من الريف إلى المدن بسبب الجفاف والفقر، ستحدث تغييرًا خطيرًا في تركيبة العراق السكانية، وستؤدي إلى زيادة نسب البطالة وتزايد في نسب الجرائم وتدني المستوى الاقتصادي، وسيادة الفوضى.
وتنتشر العشوائيات في العاصمة بغداد وبقية المدن لتكشف تداعيات الهجرة من الريف، حيث تنتشر آلاف المنازل المبنية بالطين أو الصفيح عند مداخل المدن أو في ساحاتها عامة، والأراضي المملوكة للدولة.
وقالت مصادر حكومية إن 12 بالمائة من مجموع سكان العراق هم من سكان العشوائيات، كما أن المساكن العشوائية تشكل حوالي 16 بالمائة من مجموع المساكن.
ويوجد أكثر من 4 آلاف مجمع عشوائي موزعة في جميع المحافظات العراقية، وتتصدر العاصمة بغداد محافظات العراق في عدد العشوائيات بأكثر من 1000 منطقة عشوائية تليها البصرة بأكثر من 700 منطقة عشوائية.
وأغلب المجمعات العشوائية في العراق هي مناطق هشة ورخوة أمنيًا، ومستغلة ومستباحة من الميليشيات التي تتاجر بالمخدرات والبشر لأن غالبية سكان المجمعات العشوائية هم من الطبقة شبه معدومة الدخل ومحدودي التعليم.
ولم تتعامل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 مع ظاهرة السكن العشوائي، بما يتناسب مع حجم المخاطر التي تشكلها هذه المجمعات.
وكانت الحكومة قد أقرت أن 25 بالمائة من سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر. بينما بيّن خبراء اقتصاديون أن نسبة الفقر في البلاد أكثر من 35 بالمائة، مؤكدين أن الفقر سوف يتصاعد أكثر في العراق.
وأجمع غالبية السكان الأهوار على أن حياتهم كانت مستمرة قبل احتلال العراق ويمارسون أعمالهم، غير أن الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 لا تعمل أكثر من التصريحات الإعلامية لتبرير فسادها.
وتساءل “أبو علي” الذي تضرر مع أسرته بعد أن كان يربي الجاموس “ما الذي فعلته الحكومة لنا” قائلًا إنه كان يحسب على الأغنياء قبل عام 2003 وحاليًا لا يملك شيئًا بعد أن نفق أغلب المواشي التي يمتلكها وجفت الأهوار.
وقال “النظام السابق كان أرحم من هؤلاء الحرامية الحاكمين”.
وتناول تقرير صحيفة الغارديان قصة عبد الوليد عبد الله الذي كان يحدق من نافذة منزله حيث عاش وزوجته ليلى جبار حسن، وسبق لأسرته أن عاشت طوال أجيال على زراعة الرز والخضروات في أهوار الحويزة، إلى جانب الجواميس التي كانوا يرعونها.
وقال عبد الله إن الأهوار كانت مثل الجنة، مشيرًا إلى أن بإمكان العائلة أن تكسب مليون دينار من كل حصاد، إلا أنه بعدما جفت المياه، احتضرت الأشجار.
وأضاف “الآن لم يعد هناك المزيد من الزراعة. اضطررت أن أوقف كل شيء، وبما أنه لا وجود للمطر أو الماء، فإنه من المستحيل أن تزرع”.
وتركت العائلة مزرعتها وتوجهت إلى بلدة المشرح بحثًا عن فرص عمل، وصاروا يعيشون في الضواحي في مساكن فقيرة، حيث يعمل عبد الله الآن بوظيفة حارس في مشروع مهجور لإعادة تدوير المياه.
وقال “الآن يسيطرون علينا، ويدفعون لنا راتبًا، إلا أننا خسرنا حريتنا، غير أننا بحاجة لنقوم بذلك، ومهما كان شعورنا فعلينا أن نحمد الله على كل شيء”.
وأضاف “كنا مثل الملوك في السابق، ولدينا أرض خضراء وأشجار كثيرة، إلا أن الوضع اختلف الآن، وأصبحنا نحظى باحترام أقل”.
أما زوجته، ليلى، فتفتقد الحياة في المزرعة التي تخلوا عنها، وقالت “لقد تعودنا أن نكون أقوياء. شعرنا بالأهمية بعد ذلك. وهنا، نحن لسنا كذلك”.
أما زينب التي تعمل في كشك تجاري، فقد نقلت الصحيفة البريطانية عنها قولها إن الأرض التي كانت تعيش فيها تحولت الآن إلى ما يشبه الصحراء.
وتعيش زينب مع أطفالها السبعة ويتحتم عليها العمل من أجل إعالة أسرتها لأن زوجها مريض. وتقول “أنا مجبرة على العمل، وإذا جلست في المنزل، فلن يكون هناك طعام، لا يوجد حل آخر”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى