أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

بلد النهرين أمام كارثة الجفاف بسبب السياسات الحكومية الفاشلة

إلقاء الحكومة الحالية اللوم على الفلاحين بالتسبب بأزمة الجفاف يمثل فشلًا جديدًا يضاف لمسلسل الإخفاقات للحكومات المتعاقبة في إدارة ملف المياه.

بغداد – الرافدين
أقرت وزارة الموارد المائية الحالية في العراق، بانخفاض الخزين المائي للبلاد، وبلوغه 8 مليارات متر مكعب فقط منذ عام 2019، بعد تفاقم أزمة الجفاف، والسياسيات غير المدروسة للحكومات التي أضرت بالخزين المائي بصورة غير طبيعية وزادت من رقعة الجفاف ولاسيما في المحافظات الجنوبية.
وقالت الوزارة، إن الخزين المائي اليوم وصل إلى مراحل حرجة، مضيفة أن العراق فقد 70 بالمائة من حصصه المائية بسبب سياسة دول المنبع، وعدم إبرام الحكومات السابقة أي اتفاق يلزم تلك الدول بتأمين حصص العراق المائية.
وانتشرت صور تظهر الانخفاض الملحوظ بمناسيب المياه في المحافظات الجنوبية، ما دفع وزارة الموارد المائية الحالية إلى تحميل المزارعين مسؤولية انخفاض الحصص المقررة لعدم التزامهم بالمساحات الزراعية المقررة ضمن الخطة الزراعية، بذريعة زراعة مساحات كبيرة، في محاولة منها للنأي بنفسها عن تحمل المسؤولية.
وذكر عبد الرضا مصطاح سنيد، مدير الموارد المائية في ذي قار، أن الفلاحين “بدؤوا بالتجاوز وزراعة مساحات شاسعة قد تصل إلى أضعاف ما هو مخطط له للخطة الزراعية، ما أدى إلى زيادة الاستهلاكات المائية من حوض نهر الغراف ونهر الفرات وألقى بظلاله على قلة المياه الواردة”.
ويرى خبراء بيئيون، أن تصريح الوزارة يمثل فشلًا جديدًا يضاف لمسلسل الإخفاقات للوزارة الحالية والحكومات المتعاقبة في إدارة ملف المياه والذي أصبح مزمنًا لدرجة أن أمن العراق الغذائي بات في خطر.
وغالبًا ما يواجه العراق مشكلة نقص في المياه، ولذلك تقوم السلطات بتقنين توزيع المياه للحاجات المختلفة كالري والزراعة واستهلاك مياه الشرب وتغذية أهوار جنوب العراق.
وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية الحالية، خالد شمال في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن “هذه الحالة مؤقتة” في إشارة إلى انخفاض مناسيب النهرين في الجنوب.
ومع تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وازدياد التصحر، يعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضةً للآثار السلبية للتغير المناخي في العالم وفق الأمم المتحدة.
وسبق أن دعا البنك الدولي العراق إلى اعتماد نموذج تنمية أكثر اخضرارًا ومراعاة للبيئة لمواجهة التحدي المناخي، كما دعت إلى تحديث نظام الري وإعادة تأهيل السدود.
وشدّد على ضرورة تحسين توزيع المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي وكذلك زيادة الاعتماد على الزراعة الذكية بمواجهة التغير المناخي.
وكان خبراء استراتيجيون ومختصون بالشأن المائي، قد حذروا من كارثة إنسانية في العراق، بسبب نقص المياه في البلاد ووصولها إلى أدنى مستوياتها، في ظل استمرار الإهمال الحكومي وعدم الاكتراث لموارد البلاد المائية.
وعزى الخبراء الأزمات المائية التي تشهدها البلاد إلى غياب السيادة الوطنية وعدم دفاع الحكومات المتعاقبة عن حقوق العراق المائية الإقليمية، ما جعلها عرضة لتجاوزات دول الجوار، ولا سيما إيران التي قطعت روافد نهر دجلة، وساهمت بشكل كبير بتفاقم الأزمة المائية.
وقال خبير استراتيجيات المياه رمضان حمزة، إن العراق على أعتاب كارثة كبيرة بسبب نقص المياه، مشددًا على ضرورة التدخل من قبل الجهات الحكومية والتفاوض مع دول الجوار تركيا وإيران من أجل إطلاق المياه إلى داخل الأراضي العراقية عبر مناسيب الأنهار.
وتوقع حمزة أن يكون عام 2023 أكثر الأعوام من حيث هطول الأمطار، موضحًا “نحن مقبلون على هطول أمطار غزيرة، ولكن هذا لا يعني ان الخزين الاستراتيجي للمياه بمأمن”.
من جانبها، حذرت لجنة الزراعة النيابية، من خطورة موقف العراق المائي ووصفت الصيف القادم بالأسوأ في تاريخ البلاد.

حسن وريوش الأسدي
حسن وريوش الأسدي: أغلب السدود والخزانات فارغة، ما ينذر بكارثة حقيقية في حال عدم وجود خطة ورؤية مستقبلية

وقال عضو لجنة الزارعة النيابية حسن وريوش الأسدي، “إن أغلب السدود والخزانات فارغة، ما ينذر بكارثة حقيقية في حال عدم وجود خطة ورؤية مستقبلية”.
وأضاف، أن “الخزين المائي في العراق وصل إلى 7 مليارات ونصف مليار متر مكعب وهو أقل خزين قد وصل له العراق على مدى عقود”.
وأشار إلى أن، أغلب السدود والخزانات فارغة، ما أدى إلى توقف منظومة كهرباء سد الموصل نتيجة قلة الإطلاقات المائية من دول المنبع.
وقال الأكاديمي المتخصص في شؤون المياه الدكتور نظير عباس الأنصاري، إن الطبيعة السيئة في إدارة الموارد المائية في العراق واحدة من أهم أسباب التدهور المائي والبيئي والزراعي.
وأضاف، أن الحكومة لا تستجيب لمناشدتنا بشأن أزمة التصحر في البلاد على الرغم من تقديم الكثير من الحلول دون أن تلاقي الاهتمام من قبل الجهات المعنية.
وفي البصرة، دعا، مكتب مفوضية حقوق الإنسان، إلى اتخاذ قرارات عاجلة بشأن واقع المياه وفقًا للقراءات الخطيرة في الصيف المقبل، مع بدء ارتفاع نسب الأملاح في مياه شط العرب، ومؤشر الخزين المائي الخطير للعراق.
ونبه مكتب المفوضية إلى عدم التعامل مع البصرة بـوعود صيفية تنتهي في الشتاء من كل حكومة جديدة، ولاسيما بعد رصد أكثر من 131 ألف إصابة تسمم في المحافظة، فضلًا عن تلوث أدى إلى تزايد كبير بالإصابات السرطانية.
ويعيش أكثر من ثلاثة ملايين نسمة في البصرة، معتمدين على نحو 200 محطة أهلية خاصة لتأمين مياه الشرب، بسبب الملوحة العالية للمياه وعدم إمكانية استخدامها للشرب والزراعة.
وشكا مزارعون ومربو الماشية في محافظة البصرة من تراجع منسوب مياه الأنهار وتلوثها بما بات يمثل خطرًا على الثروة الزراعية والحيوانية في المحافظة، ويهدد الفلاحين بقطع مصادر أرزاقهم
ورصد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، في مقاطع مصورة، انخفاض منسوب نهر دجلة في محافظة ميسان، ووصوله إلى مستوى غير مسبوق وسط غياب الخطط الحكومية لمعالجة مشكلة الجفاف وإنشاء خزانات لخزن المياه، ما أوصل الحال إلى مرحلة وصفها الناشطون بالكارثية.
ويتخوّف العراقيون من تفاقم أزمة الجفاف في نهري دجلة والفرات بعدما انخفض مستوى المياه بشكل ملحوظ خلال الأيام الماضية، جرّاء النقص الشديد في المياه وسياسات التقنين المتّبعة من قبل السلطات، التي تعهّدت في أوقات سابقة باتخاذ إجراءات من أجل معالجة الأزمة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى