أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

العراقيون يفتقدون إلى أمل إخراج ملف الكهرباء من صفقات الفساد

معهد الشرق الأوسط للدراسات: العراق لن يستطيع حل معضلة نقص الكهرباء في البلاد دون إجراءات إصلاحات واسعة في قطاع الطاقة.

بغداد – الرافدين

حذر خبراء اقتصاديون وتكنولوجيون من بقاء أزمة الكهرباء في العراق مع اقتراب فصل الصيف وعدم إمكانية تجهيز الطاقة وإعادة سيناريو إخفاقات الحكومات المتعاقبة في توفير الكهرباء والاكتفاء بتخدير الشارع بالتصريحات والوعود الكاذبة.
ويحذر مراقبون من تفجر تظاهرات شعبية جديدة في مدن وسط وجنوب العراق بسبب أزمة الكهرباء لاسيما مع ارتفاع درجات الحرارة وأزمة شح المياه في الصيف، حيث يتكرر مشهد التظاهرات المطالبة بالكهرباء سنويًا بينما تكتفي الحكومة بإطلاق الوعود الكاذبة المخدرة للشعب.
وعلى الرغم من إنفاق أكثر من 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ 2003 وحتى الآن، ورغم توجه السلطات إلى التعاقد مع الشركات العالمية والربط الكهربائي مع دول الجوار إلا أنه لا يوجد أثر ملموس على أرض الواقع وأن الأزمة تبدو مستمرة خلال الصيف المقبل، بحسب خبراء اقتصاديين.
ويعاني العراق نقصًا حادًا في التيار الكهربائي، خاصة مع أزمة نقص وقود الكاز الذي تعمل عليه المولدات الأهلية والتي يعتمد عليها سكان البلاد.
وتعد أزمة انقطاع الكهرباء في العراق وانعدام الخدمات الأساسية من الأزمات المتواصلة الناجمة بشكل مباشر عن الفساد الحكومي المتغلغل في مفاصل الدولة، في بلد وضعته الأحزاب الحاكمة تحت “رحمة” الغاز الإيراني المستورد، ليبقى المواطن العراقي هو الخاسر الأكبر في هذه المعادلة.
ويحتاج العراق من 25 إلى 30 مليون متر مكعب غاز يوميًا لتشغيل المحطات الإنتاجية التابعة لوزارة الكهرباء، وبحسب متخصصين يخسر البلد سنويًا نحو 40 مليار دولار بسبب نقص إنتاج الطاقة.
ويجمع متخصصون اقتصاديون على صعوبة حل لمشكلة الطاقة الكهربائية في الأمد القريب ما لم يتم تطوير الإنتاج المحلي من خلال إنشاء محطات توليد جديدة والعمل على استثمار حقول الغاز في العراق، إضافة إلى المضي قدمًا في مشروع الشبكة الذكية.

أزمة الكهرباء في موسم الحر تُنذر بتجدد التظاهرات

وأشار تقرير لمعهد الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث، إلى أن العراق لن يستطيع حل معضلة نقص الكهرباء في البلاد دون إجراءات إصلاحية واسعة في قطاع الطاقة.
وذكر تقرير للمعهد أنه “وبعد عقدين من غزو الولايات المتحدة للبلاد في عام 2003 تباطأت الجهود المبذولة لتحسين البنية التحتية للكهرباء في العراق، على الرغم من أن الاحتياطيات النفطية الهائلة بما في ذلك الاحتياطي الهائل من الغاز والذي يضع العراق في المرتبة 12 عالميًا”.
وأضاف أن “العراق يعاني من نقص مزمن في الكهرباء، حيث لا يتمتع المواطنون بإمكانية الوصول إلى خدمة كهرباء موثوقة ويتعين عليهم الاعتماد على مولدات الديزل باهظة الثمن في الأحياء لسد بعض الفجوة، وهناك حاجة واضحة لاستكشاف بدائل أنظف، مثل أنظمة الطاقة المتجددة، ومع ذلك فإن نشر هذه الأنظمة وتكاملها سيعوقها نفس المشاكل الهيكلية التي شلت قطاع الكهرباء، والتي تتجاوز قضايا التوليد”.
وكان المكتب الإعلامي للرئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني قد أعلن عن توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الكهرباء وشركة “جنرال إلكتريك” الأمريكية.
وكانت وزارة الكهرباء وقعت مذكرة تفاهم مشتركة مع شركة “سيمنز” في مراسم جرت بالعاصمة الألمانية برلين في إطار الزيارة الرسمية للسوداني خلال الشهر الماضي.
وتنطوي مذكرة التفاهم على جملة من الفقرات الأساسية التي تشكل خريطة عمل لتطوير منظومة الكهرباء في العراق.
وأكد السوداني في كلمة له خلال حفل توقيع جولة التراخيص الخامسة أن “أحد الأسباب الرئيسة لأزمة الكهرباء هو عدم توفر الوقود”.
وقال بأننا نستورد الغاز بكلفة تصل إلى 10 تريليونات دينار سنويًا. ونستورد حتى المشتقات النفطية رغم أن العراق منتج ومصدر للنفط.
وتؤكد وزارة الكهرباء الحالية أن ما يضخ من الغاز الإيراني محدود، مشيرة إلى حاجتها لـ30 مليون متر مكعب يوميًا لتغذية محطاتها الإنتاجية.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى في تصريح صحافي إن “الكمية القليلة التي تضخ من الغاز الإيراني أثرت سلبًا على ساعات التجهيز بالكهرباء”.

بسام رعد: لا يوجد حل لمشكلة توفير الطاقة الكهربائية في الأمد القريب ما لم يتم تطوير الإنتاج المحلي

ويقول الباحث الاقتصادي بسام رعد إن المنظومة الكهربائية في العراق تعاني مشكلات عدة مثل نقص وقود التشغيل، إضافة إلى مشكلات في سلسلة الحلقات المترابطة المتمثلة في الإنتاج والتوزيع والنقل والضائعات والجباية، وانعكست تلك المعوقات على زيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن المواطنين.
وأضاف “تشير بعض التقديرات إلى أن العراق بحاجة إلى 14 ميغاواط لضمان التشغيل المستمر على مدى 24 ساعة، وعلى رغم توقيع عقد لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية العراق لتلبية جزء من الطلب على الطاقة الكهربائية وتحسين أداء المنظومة الكهربائية في البلاد، فإنه لا يوجد حل لمشكلة توفير الطاقة الكهربائية في الأمد القريب ما لم يتم تطوير الإنتاج المحلي من خلال إنشاء محطات توليد جديدة والعمل على استثمار الغاز المصاحب والطبيعي من أجل توفير وقود التشغيل للمحطات، إضافة إلى المضي في مشروع الشبكة الذكية من خلال توظيف التكنولوجيا الرقمية لتزويد المستهلكين بالكهرباء.
واعتبر أستاذ الاقتصاد نوار السعدي أنه “منذ عام 2003 وحتى الآن والعراقيون يسمعون من جميع رؤساء الوزراء أنه ستتم معالجة ملف الكهرباء في البلاد الذي بات يشكل عقدة كبيرة أمام كل حكومة تتسلم دفة الأمور، بحيث تم صرف مبالغ هائلة لإنتاج الطاقة الكهربائية من دون فائدة كبيرة”.

نوار السعدي: أنفق العراق بشكل غير معقول 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء من دون أن يصل إلى حل المشكلة

وأضاف “في عام 2021، قال رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إن العراق أنفق نحو 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء وهو إنفاق غير معقول من دون أن يصل إلى حل المشكلة من جذورها”.
وأوضح أن المشكلة الأكبر هي أن المبالغ التي صرفت على الكهرباء قد تصل إلى أكثر من هذه الأرقام، وإن صحت الأرقام فإنها تكفي لتوليد كهرباء أكثر من ضعفي الطاقة التي يحتاج إليها البلد.
ونوه بأن قدرة العراق الإنتاجية من الطاقة الكهربائية تبلغ نحو 32 ألف ميغاواط، بحسب وزارة الكهرباء العراقية، لكنه غير قادر على توليد سوى نصفها بسبب شبكة النقل غير الفاعلة.
ومن الناحية الاقتصادية، بحسب السعدي، فإن المبالغ المصروفة على الكهرباء ليست وحدها الخسارة الكبيرة التي يتحملها العراق بسبب نقص إنتاج الطاقة، لأنه يخسر سنويًا نحو 40 مليار دولار هي حجم الأموال الكبيرة التي يصرفها العراقيون على شراء الطاقة، والخسائر في قطاعات الصناعة والزراعة والمشكلات الصحية التي يسببها الانقطاع المستمر للتيار.
ولفت إلى أن “الصناعة العراقية متوقفة بشكل كامل تقريبًا بسبب نقص إنتاج الطاقة وكلفة التوليد الكبيرة، كما تزيد الطاقة كلفة هائلة على المستثمرين، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، إضافة إلى أن العراقيين يدفعون سعر الأمبير الواحد إلى أصحاب المولدات بنحو 20 دولارًا شهريًا، إلى جانب كلفة متوقعة للصيانة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى