أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

العراق مُحمّل بأعباء 20 عامًا من صدمات الاحتلال والقتل والفساد والفشل السياسي

مجلة "بروسبكت" البريطانية: الاحتلال الأمريكي فشل في إنتاج ديمقراطية على شاكلته وحوّل العراق إلى دولة فاسدة بإدارة حكومات فاشلة.

بغداد- الرافدين
وصفت مجلة بريطانية مرموقة المشهد العراقي بانه يعبر عن الفشل السياسي والفساد الحكومي ويذهب ضحيته ملايين العراقيين وبعد عشرين عامًا من احتلال العراق.
وذكرت مجلة “بروسبكت” الشهرية المعنية بالعلوم السياسية والاقتصادية والفكرية في تقرير موسع كتبته الصحافية المتخصصة بشؤون العراق ليزي بورتر، إن الوضع معتم، فيما يبدو المستقبل قائمًا في نظر العراقيين الذين يحملون الاحتلال الأمريكي المسؤولية في وضع البلاد بيد أحزاب سياسية فاشلة وفاسدة.
وتساءلت عما يمكن للعالم ان يتعلمه من احتلال العراق واخفاقات الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، مشككة بقدرات الدول العظمى في احتلال دول أخرى بذريعة نقل الديمقراطية.
ونقلت المجلة عن دوغلاس لوت، الذي عمل كنائب مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش أثناء احتلال العراق وأفغانستان، قوله إن “درسي الأول والأخير يتعلق بماهية قدرة قوة خارجية على فرض نظام جديد على بلد مثل العراق”.
وعبر لوت عن اعتقاده بإن تجربة العراق يجب أن تمنحنا وقفة، وتجعلنا نتواضع، في قدرتنا على فرض إجابة من الخارج على دولة ما.
ونقلت المجلة عن مسؤول سابق في الحكومة العراقية قوله ان “الغالبية العظمى من كبار المسؤولين يستخدمون مناصبهم في مؤسساتهم لإثراء أنفسهم وعائلاتهم وتعزيز شبكات المحسوبية الخاصة بهم، فالعراق ليس بقيادة الأفضل والألمع ولا حتى الأنظف، ويحكمه الجشع”.
وعرضت المجلة لمحنة عراقيين فقدوا أبنائهم في الحرب الطائفية وعمليات الاغتيال والخطف على الهوية من قبل الميليشيات الطائفية، معتبرة أن “الدرس الأكبر الذي بإمكان العالم تعلمه من احتلال العراق ومن إخفاقات الغزو، ان هناك حدوداً لقدرات القوى العظمى على فرض حلول من الخارج لبناء الدول”.
ولفت التقرير الى إن “ملايين العراقيين فروا من البلد بعد الاحتلال، وقتل أكثر من 185 ألف مدني بسبب اعمال العنف بين عامي 2003 و2017، وفقا لمنظمة عراقي بودي كاونت”، في حين لا تتوفر ارقام محددة حول المفقودين، بينما تقول “اللجنة الدولية للمفقودين” ان ما يصل الى مليون شخص اختفوا على مدى عقود من العنف قبل وبعد العام 2003.

دوغلاس لوت: احتلال العراق يجب أن يعلمنا التواضع في تقدير قدراتنا عند فرضها على دول أخرى.

واعتبر أن العراق يعمل بجزء صغير فقط من إمكاناته الفعلية وهو لا يزال محملاً بأعباء الصدمات المتعددة التي عاشها العراقيون، بما في ذلك حالات الاختفاء والاختطاف والتغييب القسري في ظل دورات مستمرة من العنف والفقر.
وأضاف إن انعدام الكفاءة والفساد والخلل الوظيفي، يعني أيضا أن الحكومات المتتالية فشلت في بناء مؤسسات موثوقة.
ولم تقدم الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال شيئا للعراقيين، فهي تدرج كل عام آلاف الأشخاص على لوائح المرتبات العامة في وظائف غير منتجة مدى الحياة، وتنفق مليارات الدولارات من أجل دعم الوقود وشبكة الكهرباء والمواد الغذائية الأساسية.
وتتداعى البنية التحتية في العراق بما في ذلك شبكة الكهرباء المدعومة التي لا تؤمن في كثير من الأماكن سوى 12 ساعة من الكهرباء يوميًا ويضطر أصحاب المنازل والشركات للجوء الى المولدات لتعويض النقص.
وبينما هناك 4.5 مليون شخص يعملون في القطاع العام، و2.5 مليون اخرين مدرجين على لوائح رواتب التقاعد، فان البطالة بين الشباب تصل الى 35 بالمائة، وفقا لمنظمة العمل الدولية.
وبحسب المستشار المالي لرئاسة الحكومة مظهر محمد صالح، فان الانفاق الشهري على رواتب موظفي الخدمة العامة ومعاشات التقاعد والرعاية الاجتماعية يبلغ ما يقرب من 5 مليارات دولار، وهو ما يعني انه يستهلك ما لا يقل عن نصف مداخيل العراق شهريا من مبيعات النفط الخام، وهو المصدر الأساسي للدخل للدولة، ولا يبقي سوى القليل ليستخدم في تحسين الخدمات.
وقال النائب في البرلمان الحالي جواد البولاني الذي تقلد منصب وزير الداخلية في حكومة الاحتلال ما بين عامي 2006- 2010 “إن العقلية السياسية الاستراتيجية لم تصل الى المرحلة المطلوبة لبناء دولة، وكل مؤسسة حكومية من وزارات ووكالات، لديها مشاكل كبيرة كمشاكل العراق بشكل عام”.
وقال مصعب الخطيب الذي قاد عمليات عراقية لشركات غربية خاصة مختلفة انه “يبدو الأمر وكأنك تجلس خلف مكتب، وكلما زاد حجم المكتب، زادت أهميته”.
ولفت التقرير الى ان زعماء العراق لم يجعلوا من عملية التعافي من سنوات النزاعات أو بناء قطاع خاص اقوى، أكثر سهولة، حيث تعم الإدارية الهرمية والممارسات الفاسدة في المؤسسات الحكومية.
وشدد على أن الحافز ضئيل امام غالبية المسؤولين من اجل التطوير او التخلي عن ممارسات الفساد. مشيرا الى سرقة القرن التي تم فيها الاستيلاء على 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب.
وقال المحلل السياسي سجاد جياد إن “مسؤولو القطاع العام يتقاضون رواتب جيدة ولديهم وظائف مدى الحياة، لذلك يحافظون على الوضع الراهن ويتجنبون الإصلاحات”.
وينقل التقرير وزير الموارد المائية السابق حسن الجنابي قوله ان “قلة قليلة من الناس في الوزارة لديهم رسائل بريد إلكتروني (ايميل). الاتصالات تتم فقط عبر الورق. واعتقد انني كنت الوزير الأول الذي جلب برنامج PowerPoint لكبار المديرين، وكانوا يعانون. لم يعرفوا كيفية استخدامه”.
وأشار تقرير المجلة البريطانية الى أن حوالي 40 بالمائة من سكان العراق البالغ عددهم 42.2 مليون نسمة، تقل اعمارهم عن 15 عاما، وفقا لوزارة التخطيط، بينما يتزايد عدد سكانه بسرعة وبنسبة 2.5 بالمائة سنويا، وهي نسبة تعادل العديد من بلدان افريقيا جنوب الصحراء وأعلى بكثير من متوسط البنك الدولي البالغ 1.3 بالمائة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

سجاد جياد
سجاد جياد: المسؤولون الحكوميون يتقاضون رواتب عالية ولديهم وظائف مدى الحياة، لذلك يتجنبون الإصلاحات

ولفت الى ان تنامي عدد الشباب يعني ان العديد من العراقيين حاليا ليس لديهم معرفة مباشرة بما كان عليه الحياة في ظل حكم نظام صدام حسين، وهم يسمعون كلاما مكررًا فقد أهميته من العائلة والأصدقاء الأكبر سنًا، لكنهم أيضا غير راضين عن الزعماء الحاليين، ولا عن نظام المحاصصة الطائفية الذي يعزز شبكات المحسوبية.
ونقلت المجلة عن مريم سمير علي، وهي صحفية وناشطة في مجال حقوق المرأة، قولها “بصفتنا نساء، فان الخطر الأكبر الذي نواجهه هو انه ليس لدينا الحق حتى في المطالبة بحقوقنا الشخصية، وفي اختيار ما نتعلمه او ندرسه او السفر”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى